ثورة أون لاين:
باتت مسألة النظافة في مدينة طرطوس حديث الناس والشغل الشاغل للجهات القائمة عليها ومازالت، ففي حين يلقي المواطن المسؤولية على مجلس مدينة طرطوس ويتهمه بالتقصير، يبحث الأخير (برئاسته الجديدة) عن حلول إسعافية وطرق مبتكرة لردم الهوة الكبيرة، التي راكمتها سنوات من التقاعس وغياب الإرادة من قبل بعض المفاصل،
بين ماهو منوط به من أعباء ومسؤوليات وبين الإمكانيات والموارد المتاحة في ظل الظروف الحالية التي يشهدها البلد.
ومن يعتقد أن النظافة هي مسؤولية جهة بعينها فهو مخطىء تماماً، إنها ثقافة وحالة صحية يعيشها المجتمع بأكمله تتضافر معها كافة الجهود المخلصة، حيث تبدأ من الدائرة الأضيق في المجتمع وهي الأسرة، فإلى أي مدى نربي أولادنا على المحافظة على نظافة الحدائق والطرقات والمدارس كما هو البيت؟ وأين التوعية وما أدواتها المجتمعية؟ وهل عامل النظافة مسؤول عن الفوضى التي تشهدها عملية إلقاء القمامة في جميع الأوقات على الأرصفة دون التقيد بأوقات إلقائها؟ ناهيك عن بعض المشاهد المتكررة والمؤذية والمتمثلة بامتهان البعض (نبش) الأكياس والحاويات وجمع بعض قطع البلاستيك أو ماشابه لبيعها ما يؤدي إلى نثر القمامة وتفاقم الأوضاع..
ان ماذكرناه لايبرر على الإطلاق تأخر نقل القمامة إلى المكبات المخصصة وترحيلها من الشوارع حيث تبقى في بعض الأحيان عدة أيام وما يحمل ذلك معه من روائح كريهة وانتشار للأوبئة والأمراض والقوارض، لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً، لماذا هذا التقليد المتبع منذ زمن طويل في مدينة طرطوس والمتمثل بوضع أكياس القمامة في زوايا الطرقات وعلى الأرصفة في أوقات محددة (سابقاً) بدلاً من قيام المواطنين بحملها ورميها في الحاويات المخصصة، وبالتالي للنهوض بواقع النظافة يجب تحديد مكامن الخلل وتصويبه ووضع الآليات المناسبة للواقع المعاش وليس للواقع الخيالي كما يشتهي الكثير.
البلدية تتحمل كامل المسؤولية..!
استطلعت (الثورة) آراء عدد من المواطنين حول واقع النظافة في مدينة طرطوس في الوقت الراهن، فجاءت الإجابات متباينة بعض الشيء ومشتركة في عدة نقاط، حيث رأت الصحفية فاديا مجد أن المسؤولية تشاركية بين الأهالي والجهات المعنية، من حيث قيام الأهالي بالمحافظة على النظافة والتقيد بأوقات جمع القمامة وقيام عمال النظافة بكنس الشوارع وجمعها وضرورة زيادة عدد العمال والآليات وامتلاك الناس الإحساس بالمسؤولية و الاهتمام بنظافة أحيائهم، كما يريدون أن تبقى منازلهم نظيفة مع فرض الغرامات بحق المخالفين.
المهندس يحيى محمد أوضح أن عمال البلدية يؤدون واجبهم ولكن المشكلة برأيه تكمن بعدم تقيد الكثيرين بمواعيد رمي القمامة حتى إن بعضهم يرمي الأكياس بعد رحيل سيارة النظافة ومنهم من يضعها منذ الصباح ما يؤدي إلى تناثر محتوياتها في الشارع وتصبح عملية التنظيف صعبة وبالتالي يجب التقيد بالمواعيد وفرض الغرامات المالية بحق المخالفين.
في حين رأى ناصر جوني أن واقع النظافة لايزال سيئاً وفي بعض الشوارع لاترحل القمامة إلا بعد أن تتفسخ وتنشر التلوث والأمراض معتبراً أن (طرطوس) تستحق الأفضل.!
وحمَل المهندس نبيل حبيب كامل المسؤولية على البلدية معتبراً أنه بات يوجد (مصيبة) اسمها النظافة في طرطوس، حيث أصبحت مكبات القمامة على الطرقات وأن الخدمة سيئة للغاية..!
في حين وجد عبد الرحمن تيشوري أن واقع النظافة مقبول وتحسن عن الفترة الماضية. وقالت الإعلامية ريم محمد أن جهود عمال النظافة مشكورة في نقل القمامة ولكن المشكلة في قلة عدد الحاويات يضاف إلى ذلك عدم التزام المواطنين بمواعيد رمي القمامة وعدم وضعها بأكياس محكمة الإغلاق كما يقوم البعض.!
حملات نظافة مستمرة..!
وحتى لانبخس الأشياء حقها، لابد من التنويه إلى جهود محافظة طرطوس الحثيثة لتحسين واقع النظافة حيث تقوم في العام الواحد بأكثر من حملة نظافة تشمل كافة مناطق المدينة بالتعاون بين الدوائر الحكومية والوحدات الإدارية والمنظمات الشعبية والمتطوعين، بحيث تعتبر بحق كرنفالاً للنظافة.
وللاطلاع أكثر على حال النظافة قمنا بجولة ميدانية شملت عدداً من أحياء مدينة طرطوس وشهدنا قيام عمال النظافة بكنس الشوارع وإزالة مخلفات الأتربة والحدائق مع العلم أنها ليست من اختصاصهم.! بل توجد جهات أخرى مسؤولة عن الحدائق والردميات ومخلفات البناء، كما تابعنا بعض عمليات ترحيل القمامة بواسطة السيارات وتفريغ الحاويات ليتم نقلها إلى المكب المخصص في المنطقة الصناعية حيث ترحل لاحقاً إلى معمل النفايات الصلبة في وادي الهدة. وقد قال بعض عمال النظافة للثورة أثناء الجولة: نحن لانطلب شيئاً سوى كلمة شكراً لكم..!
وبعد هذا التوصيف لواقع النظافة والاستماع إلى حديث الشارع، لابد من الوقوف مطولاً والجلوس على طاولة مجلس مدينة طرطوس للتعرف على الواقع الفعلي لعمل مديرية النظافة وإمكانياتها والصعوبات التي تواجهها ورؤيتها المستقبلية.
تعيين 100 عامل فوراً والحاجة الفعلية 300
أوضح رئيس مجلس مدينة طرطوس القاضي محمد زين أن مسألة النظافة تعتمد على ثلاثة أمور أساسية وهي: العمال والآليات والأدوات. مؤكداً أن العدد الفعلي للقائمين بمهام النظافة لايكفي لربع احتياجات المدينة.! مع الأخذ بعين الاعتبار توسع الحدود الإدارية وكثرة عدد الوافدين مقارنة مع ماهوالحال قبل العام 2012، حيث كان عدد عمال النظافة آنذاك أكثر من 500 عامل نظافة، معتبراً أن نقص عدد العاملين الكبير مرده إلى عدة أسباب وهي الاستقالة والتقاعد والوفاة والخدمة العسكرية أوالاحتياطية مع عدم رفد مجلس المدينة بأعداد إضافية طيلة فترة الماضية.
وفي هذا الإطار أوضح زين أنه بعد طلبات مجلس المدينة المستمرة لرفده بعمال نظافة وبجهود مشكورة من وزير الإدارة المحلية والبيئة ومن محافظ طرطوس تم إعطاء الموافقة على تعيين 100 عامل بعقود سنوية استناداً لقرار رئيس الحكومة.
ورداً على سؤال عن سبب التأخير في تعيين المئة عامل كل هذه المدة هل هو بسبب إجراءات روتينية أم خلل في التعليمات الناظمة لتعيين العمال من الفئة الخامسة التي من شأنها تعقيد تنفيذ القرار؟ أكد رئيس مجلس المدينة أن قرار تعيينهم يجب أن يكون محلياً من قبل المحافظ وخلال شهر واحد على أبعد تقدير..! وبسبب استغراق مدة الاختبار والتعيين طويلاً تم أخذ الموافقة على تعيين 100 عامل لمدة ثلاثة أشهر ووصل العدد المعينين حتى الآن إلى 50 عاملاً، مشيراً إلى صعوبات في إيجاد العنصر البشري المناسب لتلك المهام القاسية حيث لم يتجاوز عدد المتقدمين حتى الآن لهذه الوظيفة 160 متقدماً.
الحل..!
وأوضح زين أنه في الفترة السابقة تم الاستغناء عن الوسائل التقليدية المعروفة مثل نقل القمامة بواسطة العربات إلى الحاويات وتم الاستغناء عنها بسيارات ضاغطة لجمع القمامة، وهذه السيارات البالغة ثلاثة سيارات تستهلك الكثير من الوقود وهي غير صالحة لكافة الشوارع وخاصة الضيقة منها حيث جرى استخدامها كوسيلة للاستغناء عن العنصر البشري، وهذا ما أدى إلى تردي واقع النظافة في أحياء المدينة واقتصر عمل مديرية النظافة على جمع القمامة الموضوعة بأكياس والمنتشرة بشكل عشوائي وغير منتظم. إلى أن أدركت الإدارة الحالية أنه من الأسباب الأساسية لتردي واقع النظافة، فضلاً عن نقص العمال وقلة عدد الآليات وعدم جهوزيتها هو الاستغناء عن عمال الكنس وعمال العربات، مشدداً أنه لن يستدرك ذلك إلا بالوصول لتعيين أكثر من 300 عامل (نصف العدد الذي كان قبل الأزمة). موجهاً مديرية النظافة الاستغناء عن ضواغط الجمع وصيانة كل العربات القديمة وإعادتها للعمل.
دعم البلدية لشراء آليات جديدة
وأكد رئيس مجلس المدينة أنه بدل قيام بعض الجهات العامة من مساعدة المدينة في عملها عبر رفدها ببعض السيارات العاملة لترحيل القمامة وغير ذلك يفضل منح مجلس المدينة دعماً مالياً لتعيين العمال وشراء آليات ضاغطة جديدة وجرارات زراعية.
وعن واقع آليات النظافة أشار رئيس مجلس المدينة إلى قدمها وحاجتها المستمرة للصيانة حيث يبلغ عدد ضواغط الحاويات 4 فقط من أصل 16 ضاغطة قبل الأزمة وهي لاتستطيع العمل بشكل متواصل، وبحاجة لراحة للحفاظ على جاهزيتها كاشفاً عن عزم المدينة الاستغناء عن ضواغط الجمع التي يكبد إصلاحها فواتير باهظة ما يوفر على المدينة مبالغ هي بحاجة لها أصلاً والعودة إلى الأسلوب التقليدي الذي أثبت فعاليته.
ورشة لتصنيع العربات في البلدية
وفي إطار إعادة تجهيز العربات أكد المراقب العام في المديرية محمد صيوح إحداث ورشة لم يمض عليها أكثر من شهر للعمل ضمن المديرية وقامت حتى الآن بإصلاح وتصنيع أكثر من 37 عربة بجهود محلية، علماً أن تكلفة العربة الواحدة تقدر بأكثر من 300 ألف ليرة ونفذها عمال البلدية أنفسهم بأدوات بسيطة (ملحمة وبخ وأدوات تصويج).
من جهته مدير النظافة سعد الضابط أشار إلى إحداث دائرة مهمتها نشر التوعية وتطبيق القانون 49 الخاص بجمالية المدن، مؤكداً أن تقيد المواطنين بمواعيد إلقاء القمامة (7-9 مساء في الصيف و 5-8 مساء في الشتاء) من شأنه توفير 80% من العمل.
ختاماً
علينا أن نبدأ من أنفسنا ولنتذكر بأن النظافة من الإيمان، ونأمل من المعنيين مواصلة العمل على تحسين واقع النظافة ونطالب بتشديد العقوبات بحق المخالفين لنعود بمدينتنا نظيفة كما كانت منذ أعوام خلت.