ثورة أون لاين:
أكد معاون وزير الصحة للشؤون الدوائية الدكتور حبيب عبود أن الصناعة الدوائية في سورية تعتبر من أهم الصناعات الناجحة وتطبق فيها تقانات عالية، وتحتاج إلى كوادر مدربة ماهرة وخبرات عالية، كون المنتج الدوائي منتجاً له مواصفات وجودة عالمية فهو منتج غير بسيط، والمنتجات الدوائية المصنعة في سورية مطابقة للمعايير الدولية، وتستند إلى معايير تسجيل وتحليل وقبول الأصناف الدوائية والمراجع والدساتير الدوائية العالمية،
وبالتالي لدينا أصناف تتمتع بمواصفات وجودة عالمية، والأمر الذي تطلب عملاً متقناً لتحقيق هذه المتطلبات، منوهاً بتوفير ما لا يقل عن 90% من الاحتياجات الدوائية للمواطن لذلك كان الهدف الرئيس لمعامل الدواء المحافظة على الأمن الدوائي باستمرار الإنتاج، لأنه دعامة أساسية من دعائم الصمود، وبفضل السياسة الدوائية السورية والتعاون والتنسيق الكامل بين الحكومة ومعامل الأدوية، وبرغم الأزمة والحصار الاقتصادي على سورية لم تحدث أزمة دوائية حقيقية في سورية.
معايير ترخيص للمعامل
وذكر الدكتور عبود أن معايير تصنيع الدواء تبدأ من تصميم المعمل ومطابقته لقواعد التصنيع الجيد، ويخضع للرقابة الدورية من قبل وزارة الصحة بشكل مستمر، ويوجد لدينا شهادة GMP لقواعد التصنيع الجيد، تجدد كل سنتين للمعمل بعد إجراء الكشف الكامل لسجل المعمل والمتابعة المستمرة له، وألا يكون هناك تراجع، ويجب عليه التحسن بالجودة، وعند وجود أي تراجع لأي سبب يغلق المعمل لعدم مطابقته لمواصفات التصنيع الجيد، أو لسوء تخزين المستحضرات والمواد الأولية غير محققة للشروط، أو تداخل في عمل الأقسام، وقد يكون هناك غياب للكادر الفني وتراجع بهذا المنحى، وبالتالي يجب أن يكون هناك رصد دقيق وفق معايير الوزارة لترخيص الخطوط الإنتاجية والمعامل ويجب أن يكون هناك قسم صيدلة ومخابر وكيميائي مختص في مجال جودة ورقابة الأدوية.. وهذه هي معايير القبول وتجديد الموافقات وترخيص المعامل الدوائية.
توفير أصناف جديدة
وفيما يخص استراتيجية الوزارة ورؤيتها بالنسبة للمعامل الدوائية.. بين معاون وزير الصحة أن السياسة المتبعة في الوزارة هي توفير الدواء بالدرجة الأولى، سواء كان محلياً أم استيراداً، حيث ترد العديد من الطلبات يومياً للوزارة لإنشاء خطوط ومعامل جديدة، وهذه المعامل برؤيتنا يجب أن تنتقل وتوفر الأصناف الجديدة غير الموجودة سابقاً أو المصنعة أو التي نقوم باستيرادها، وقائمة الاستيراد هي 408 أصناف، وهي مفتوحة لكافة المعامل في سورية، وبالتالي أي معمل يوفر التقانة الجيدة لتصنيع أي صنف جديد من الأدوية ووفق المعايير والمواصفات الدولية التي تضمن جودة التصنيع يتم السماح له بإنشاء خطوط الإنتاج الجديدة للإنتاجية المذكورة.
وأكد الدكتور عبود أن توجه الوزارة في المرحلة المقبلة لتصنيع مشتقات الدم، والأدوية الحيوية (البيولوجية)، أدوية السرطان، واللقاحات وغيرها من الزمر الدوائية، حيث يوجد في منطقة عدرا الصناعية معمل لإنتاج الأدوية السرطانية، وهو بالمرحلة النهائية لبدء الإنتاج بعد إجراء الكشف، ويوجد معمل للسيرومات، مشيراً إلى خروج بعض المعامل عن الخدمة في ظل الحرب التي نمر بها، حيث كانت تلك المعامل تنتج أصنافاً نوعية وجراء ذلك أصبح لدينا نقص بالأفيالات والأمبول والقطرات العينية وهذا له الأولوية في إعادة إنتاجه ضمن المعامل الجديدة وعليها المبادرة بتوفير هذه التقانات والمستحضرات الدوائية.
توفير 75% من الأدوية
وأوضح أنه تعطى المعامل الجديدة الأولوية في كافة المراحل وبقرارات من الوزارة من حيث توفير المستحضرات المفقودة وإعطاءها الأولية في كل مراحلها من التسجيل للرقابة والتحليل والدراسة وغير ذلك لترميم النقص الذي يمكن أن ينشأ لأي سبب من الأسباب، فعند وجود فقدان لبعض الأنواع من الأدوية ولأسباب متعددة كاحتكار المواد الأولية عالمياً ومن شركات نوعية، يجب إنشاء خطوط لتوفيرها أو استيرادها.
وأكد أن الوزارة تعتني وتهتم بطلبات المستثمرين المتقدمين برخص إنشاء معامل أدوية ممن يهتمون بتصنيع الأدوية النوعية وجعل الصناعة الدوائية أولوية من أولوياتها حيث يتم التركيز على صناعة وتوفير الأدوية السرطانية والخاصة بزراعة الكلية والتهاب المفاصل الرثياني، لافتاً إلى أن هناك وفرة بالأدوية العلاجية العادية نتيجة تعافي جزء كبير من شركات الأدوية الوطنية ووصول كميات جيدة من الدول الصديقة والجهات المانحة.
كما يتم ترميم احتياجات الأدوية والنقص خلال العام، حيث ترسل الاحتياجات من أنواع الأدوية الاستيرادية مقدرة بالكميات المطلوبة لكافة جهات الدولة وتدقق وتناقش مع الجهات المعنية في الوزارة وترسل إلى شركة فارمكس للإعلان عنها، حسب تعليمات رئاسة مجلس الوزراء.. وخلال الشهر الحالي سيتم توفير 75% من الأدوية، وهي نسبة عالية، فالوزارة تنظم عملية تصدير الدواء، وتعمل على توفير الدواء المحلي أولاً ومن ثم التصدير ثانياً.. ونشجع التصدير بعد أن يحصل المواطن على حقه من الدواء.
السعر الأنسب مقارنة بدول الجوار
وبالنسبة لأسعار الأدوية أشار الدكتور عبود إلى أن سعر الأدوية لدينا لا يزال رخيصاً وجودته عالية وسمعته جيدة لما هو في دول الجوار، ومع وجود تضخم مالي جراء انخفاض قيمة الليرة مقابل العملات الأجنبية بمعدل عشرة أضعاف، فإن سعر الدواء وبنفس المواصفات يجب أن يرتفع عشرة أضعاف تقريباً، ولكن في السوق المحلية لم يرتفع إلى هذا الحد، والأدوية حتى الآن بالمعدل الطبيعي، موضحاً أن الدواء يوفر وبالسعر المناسب والرخيص للمواطن، وتعمل الوزارة على توفيره بأقل من نصف السعر الاستيرادي وهذا قانون في الوزارة، وبالتالي توفير 50% من سعره.
ونوه معاون وزير الصحة بأنه الحكومة توفر كافة الأدوية المزمنة بشكل مجاني في كافة المشافي والمراكز الصحية ومنها (الأدوية السرطانية – التصلب اللويحي – الروماتيزم – المفاصل – السكري – زرع الكلية – والتلاسيميا وغيرها، وأن 80% من حالات الدواء والبديل متوفر، وأن بعض الأدوية يؤمن عن طريق المنظمات الدولية وبعض الدول الصديقة، وعن طريق القرض الائتماني مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، إضافة لما يتم استيراده.
بالأرقام
وأضاف: إن الدواء المحلي كان يغطي 93% من احتياج السوق المحلي قبل الحرب على سورية، وحالياً يغطي بما يزيد على 80% وبتنا نلمس انتعاشاً للصناعات الدوائية بعودة العديد من المعامل للإنتاج بعد إعادة التأهيل وإنشاء خطوط جديدة في أماكن آمنة، وإتاحة فرصة التصنيع بالتعاون ما بين المعامل، فمن 84 معملاً مرخصاً يعمل الآن 74 معملاً، ويتم إجراء الكشف عليها من جديد، كما تم افتتاح معامل للأدوية في المنطقة الجنوبية بتقانات جديدة.
وقال: كما يوجد سبعة معامل للأدوية النوعية و10 معامل تصنع الأدوية غير النوعية التي تعطى من دون وصفة طبية، وبالتالي يتم العمل على ضبط موضوع الأصناف، حيث كانت السوق مستقرة وهناك فائض بالإنتاج، وكان الدواء يصدر إلى أكثر من أربعين دولة في العالم وبكمية كبيرة لا تقل عن 200 مليون دولار، والآن التصدير موجود ويصل إلى هذا الرقم وبآلية تصدير مدروسة وبنجاح كما أن ثلث ميزانية الوزارة يخصص للإجراءات الطبية في المشافي والمراكز الصحية ويتم صرف الأدوية مجاناً للمراجعين، كما يغطى برنامج اللقاحات بالكامل مجاناً، وتعطى اللقاحات لما هو موجود بأفضل البلدان المتقدمة ومن مصادر موثوقة ومعايير جيدة.
عقوبات رادعة
ورداً عن التساؤل حول نقص المادة الفعالة في بعض الأصناف من الأدوية بين معاون وزير الصحة أن ذلك غير موجود بشكل مقصود، لأن العقوبة شديدة جداً وتشمل سحب الصنف، وعند تكرار المخالفة يلغى الصنف وفي حال تكرارها يجمد المعمل، مشيراً إلى أنه نتيجة لظروف التخزين قد تتعرض المادة الدوائية للتخرب ضمن شروط قاسية من الحرارة والرطوبة ولا تبقى المادة الفعالة ثابتة، حيث يوجد مواد سريعة العطب كالأسبرين والرانديدين والأوغمنتين وهي مواد حساسة جداً وشروط تصنيعها يجب أن يكون بمكان مضبوط الرطوبة.
وبين أن المواد الأولية مراقبة من الجمارك وبمستودعات الحجر والتحقق بأنها ضمن الفعالية والمواصفات المطلوبة ومن ثم تخضع للرقابة ضمن برنامج إعادة الفحص لثبات المادة الفعالة حيث يفترض أن تتوافر كافة البيانات للمواد الأولية وضمن الصلاحية وبالجودة المطلوبة، وهذا يساعد على التقليل من الخسارة قبل إنتاج المنتج، موضحاً أن كل صنف يصنع لأول مرة تخضع كافة مواده للمراقبة والتحليل بالكامل، وبالتحضير التجريبي يتم تحليل المكونات ومراقبتها، ضمن برنامج وقائي وفعال وذي كفاءة عالية من قبل مخابر وزارة الصحة ما يشكل رقابة صارمة على تصنيع الدواء للحفاظ على سمعة دوائنا بالأسواق العالمية.
وقال: إن كل من يخالف تعليمات وأسعار وزارة الصحة تطبق فيه عقوبات صارمة، ويومياً يوجد عقوبات وإغلاق لمستودعات وصيدليات لمن يخالفون ولأسباب مختلفة، وتندرج المخالفة من المدير الفني وغيابه عن المنشأة، إضافة إلى عدم تسجيل الأدوية النفسية، وزيادة في أسعار الدواء، واحتكار لصنف معين، إضافة لمن يسيء للمهنة.
توفير مصادر الدواء
وتحدث الدكتور عبود عن استراتيجية الوزارة وهدفها من خلال توفير الدواء ومصادره، حيث تم خلال الفترة الماضية تسجيل عدد كبير من الشركات من الدول المتقدمة وتم تشديد المعايير في الوزارة لوجود خيارات أفضل، ويوجد أكثر من محاولة مع البلدان الصديقة لنقل التقانة ووجود المعامل في سورية كإيران وروسيا وبلا روسيا والبرازيل للتعاون المشترك.
واضاف: كما يتم تشجيع المعامل المحلية لتوفير خطوط إنتاج تصنع أدوية نوعية بتقانات عالية، وهي التقانة الحيوية للأدوية البيولوجية كأدوية التصلب اللويحي، وإن هذه الخطوط الإنتاجية تخلق المادة بالكامل من البداية للنهاية مع ضبط الجودة، وتتم مراعاة عدم وجود تضارب أو منافسة لكي لا يخسر المشروع بل يجب أخذه بتوازن معين لتحقيق المصلحة المحلية، فمع المتابعة المستمرة من وزارة الصحة والصناعات الدوائية لمعالجة الصعوبات التي تعترض العملية الإنتاجية وإيجاد الحلول المناسبة لها، وتشجيع تأسيس معامل في المناطق الآمنة، تغير الوضع الدوائي للإنتاج المحلي بصورة جذرية ليصل إلى مستوى أفضل مما كان عليه قبل العدوان على سورية من حيث الإنتاج والتوسع.
وأكد أنه وبالرغم من الحصار الجائر والتدمير المقصود للبنى الإنتاجية والتحتية، برغم ذلك لم تتوقف الصناعات الدوائية عن الإنتاج، ولم تحدث أزمة دوائية حقيقية، فالدواء بقي مؤمناً بنسبة تتجاوز الـ 95% منها ما يزيد على 80% من التصنيع المحلي، وفي هذا المجال أثبتت القيادة حكمتها بتشجيع الاستثمار في القطاع الدوائي ودعمه.