ثورة اون لاين: ننسى الهفوات، ونغفر الأخطاء، ونتجاوز ماليس مقصوداً، هكذا نحن السوريين دائماً وأبداً، نعلن أننا فوق الجراح، فوق الآلام نكبر ونسمو، نفتح للأخ والصديق وشبه الصديق، ألف نافذة،
ونخترع له ألف غفران عما بدر منه، لنا القدرة على التجدد الدائم، وسعة الحلم تجعلنا نغمض العين على الأذى والقذى.
ولكن ماذا عن الخطايا الخطايا التي لاتغتفر ولايمكن لشعب أي شعب مهما كان وأينما كان أن ينساها أن يتركها دون أن يعرف دوافعها أسبابها، نتائجها، وأن يحاسب عليها.
حراكهم الذي سموه (سلمياً) كان من اللحظة الأولى محاولة اغتيال لسورية لدورها، لمكانتها، لتاريخها، جغرافيتها، لم يخفَ على أحد أن وراء الأكمة ما وراءها.. ومع ذلك كان النبض السوري إصلاحاً وتفاعلاً.. لم تستطع قفازات الشعارات المغزولة بدنس الغاز والنفط والتآمر أن تخفي وجه اسرائيل القبيح، الدور الذي أراد أن يحقق بأدوات الدخل ما عجزت عنه آلته العسكرية الباطشة.. بالتأكيد لن ينسى السوريون ذاك المعتوه الذي كان ينهق أمام محطة تلفزة إسرائيل قائلاً: لو جاء شارون وقال لي.. فهو عيني..
ألم يدر في خلد الذين يسمعون أن الأمر يحمل سراً أن هذه العبارة لم تأت من فراغ، لم يطلق لها العنان على شاشة التلفزة الإسرائيلية إلا لتقول للعصبات المسلحة إننا معكم، ندعمكم، نحن وصلنا إليكم عبر الحدود التركية.. كانت هذه أولى إشاراتها، وبالتأكيد ليس السلاح الذي يضبط مع هؤلاء الارهابيين من صنع إسرائيلي إلا دليلاً آخر على انخراط إسرائيل المباشر في الحرب العالمية الدائرة على سورية.. ولكن هذا الانخراط اتخذ شكلاً جديداً ووقحاً بعد أن شعر المتآمرون أن مخططهم قد حاقت بهم هزيمة محققة، فكان التدخل السافر والمباشر، والعدوان الذي نتوقعه ونعرف أنهم خططوا له ويعملون على تنفيذه حين يستطيعون ذلك، فإن الغارة الاسرائيلية على مركز للبحث العلمي في جمرايا تأتي كرسالة مباشرة لرفع معنويات أدواتهم على الأرض، وحين نقف أمام دلالات هذه الرسالة العدوانية، فإنما نجد أنها رسالة تهور ومغامرة غير محسوبة النتائج أبداً، صحيح أنهم قد استطاعوا أن يخترقوا الأجواء السورية ويوجهوا ضربة غادرة لمركز ما، ولكن الأكثر صحة أنهم لم يحسبوا نتائج عملهم الأرعن، ولم يقدروا عواقب ذلك سواء كان ذلك في المدى القريب أم البعيد.. غرّهم أن ثمة تحالفاً عدوانياً كونياً موجه ضد سورية، ولكن فاتهم أن الشعب الذي خبر الصهاينة وكسر شوكتهم لن ينسى ولن يسامح، وأنه بصموده الاسطوري وأمام كل وسائل الفتك والمؤامرات استطاع أن ينتصر أن يغير خارطة العالم وأن يعيد إليه توازناً كان فقده مطلع تسعينيات القرن الماضي، لم يقرأ الصهاينة وحاخاماتهم الارهابيون في الداخل مقدرات الشعب السوري، لايعمل بردة فعل آنية، ولايذهب في مسار رسمه له عدوه، يعرف طريقه جيداً، والذين غيروا خارطة العالم بصبرهم، بثباتهم، بقوتهم، بحضارتهم، لن يعجزوا عن طرح هجين، كانت غارة تلبية لحاخامات إرهابهم، لكنها مفصل جديد.
ديب علي حسن