ثورة أون لاين:
صناعة المعارض صناعة لها مدخلات ومخرجات وأساليب ووسائل وأدوات ونظم، وهي نشاط تخصصي متقن كونها تولد تشبيكاً عالي القيمة المضافة مع كافة مكونات الاقتصاد الأخرى ولها آثار اقتصادية كبيرة على مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية العامة والخاصة.
ولعل الأثر الأهم يكمن في إسهام هذه الصناعة في تنشيط الاقتصاد وانتشاله من الأزمات عندما يكون معرضاً للخطر أو في طور التراجع أو في حالة ركود أو يعاني ضعف التنوع ليصبح هناك حاجة ماسة للتحفيز وأفضل وسيلة لإيجاد هذا التحفيز من خلال مشاركة جميع الفعاليات في عملية تطوير المنتج والتعليم والاستثمار والتطوير المهني وتبادل الأفكار والمنتجات والتقنيات الجديدة.
صناعة المعارض كغيرها من القطاعات الاقتصادية واجهت ولا تزال تواجه الكثير من التحديات الناجمة عن الحرب التي تتعرض لها سورية منذ سبع سنوات كتوقف أغلبية الشركات الإنتاجية عن العمل نتيجة تخريبها أو تدميرها أو نقل نشاطها إلى الخارج وهي تشكل العصب الرئيسي لصناعة المعارض، والتحدي الأهم لشركات تنظيم المعارض هي القرارات الصادرة عن الجهات المعنية ولا سيما قرارات مؤسسة المعارض والتي تشكل حسب وجهة نظرها عقبة في وجه نمو هذه الصناعة ومن أبرزها قرار نقل المعارض إلى مدينة المعارض ضمن هذه الظروف الصعبة التي أرخت بآثارها السلبية على الشركات المنظمة ولا سيما الصغيرة منها التي هي في طور النمو وتحتاج لدعم كبير للنهوض بنشاطها.
والقرار الأهم الذي اعتبره صناع المعارض عقبة أساس في وجه تقدم هذه الصناعة عدم وجود فوارق زمنية بين المعارض ذات الاختصاص الواحد الذي يؤدي حسب رأيهم إلى القضاء على صناعة المعارض إضافة إلى عدم تفعيل عمل اللجنة الاستشارية والتوسع في المعارض بالكم على حساب النوع، واتهام اتحاد المصدرين بانحيازه بدعم معارض على حساب أخرى وبتنظيم معارض داخلية علماً أنها ليست من اختصاصاته وإنما هو مختص في الترويج للمنتجات الوطنية خارج السوق السورية وليس داخلها ولهذا السبب سمي باتحاد المصدرين.
جمعية المعارض
هذه المشكلات تفاقمت مع الاستمرار في تطبيقها وقد عبرت عنها الجمعية السورية للمعارض والمؤتمرات على لسان مديرها العام غياث شماع الذي تحدث قائلاً: إن المشكلة بدأت بتبليغ شركات المعارض التعميم الصادر عن مؤسسة المعارض برقم /3283/ 11/9/2017 المتضمن إعلامها بحصر الموافقات على إقامة المعارض المتخصصة بأن تكون حكماً في مدينة المعارض بدمشق وذلك عملاً بتوجهات وزير الاقتصاد، وبما أن توجيهات وزير الاقتصاد المذكورة أعلاه تخالف القرار رقم 136 تاريخ 10/3/2015 الصادر عن وزير الاقتصاد والذي يحدد الشروط الخاصة بإقامة المعارض داخل الجمهورية العربية السورية، حيث ان القرار المذكور ترك حرية الشركات المنظمة للمعارض بتنظيم معارضها داخل وخارج مدينة المعارض بدمشق وفق طبيعة المعرض واختصاصه.
وأضاف أن الشركات المنظمة حرصت على تنظيم المعارض رغم كل هذه الظروف لدعم الاقتصاد الوطني خلال فترة العدوان على سورية وصممت على عدم غياب المعارض والاستمرار بتقديم الدعم للشركات التي لا تزال تعمل بمساعدتها من خلال تنظيم معارض متخصصة تتيح لهم التسويق والترويج لمنتجاتهم وصناعاتهم وأكدت هذه الشركات أن اقتصادنا متماسك رغم كل ما يتعرض له وطننا.
وقال: إنه بدل أن تكافأ تلك الشركات على الجهود التي بذلتها قامت المؤسسة العامة للمعارض بإصدار التعميم المذكور أعلاه وحصرت تنظيم المعارض داخل مدينة المعارض، رغم معرفتها بصعوبة تنفيذ توجيهها وخاصة المعارض الصغيرة بالمساحة وعدد المشاركين وطبيعة الزوار المتخصصين مع العلم أن عدداً من الشركات المنظمة للمعارض لاتزال غير قادرة على التنظيم داخل مدينة المعارض لأسباب كثيرة منها ضعف إمكانياتها المادية نتيجة صغر حجم المساحات المحجوزة التي لاتتجاوز 600 إلى 800 متر مربع وهي لاتغطي تكاليف تنظيم المعرض من أجور تنظيم وتجهيز وإعلانات ومطبوعات وعاملين ونقل وضرائب ورسوم مالية إضافة إلى أن عدد الشركات المشاركة في المعرض من الشركات الوطنية محدود جداً وأن مقارنة المؤسسة لتلك المعارض بمعرض دمشق الدولي الذي أقيم مؤخراً فيه إجحاف بحقهم كون الحكومة رصدت له كل الإمكانيات لدعمه وسخرت له كل ما يلزم لإنجاحه من تسهيلات وحوافز للعارضين الخارجيين والداخليين والتي لا تقارن أبداً بالإمكانيات المتواضعة لشركات تنظيم المعارض.
وأكد أنه من حق الشركات أن تختار المكان والزمان الذي يناسب إمكانياتها وظروفها وطبيعة المعرض وأن دور المؤسسة هو دور الاشراف على عمل الشركات وخاصة أن رئيس مجلس الوزراء وجه المؤسسة في إحدى لقاءاته مع المؤسسة بضرورة تقديم كافة التسهيلات والمحفزات للشركات الخاصة المنظمة للمعارض.
غير مدروس
واعتبر كل من موفق طيارة مدير الشركة الدولية للتسويق وتنظيم المعارض (طيارة للمعارض) وخلف مشهداني مدير عام مجموعة مشهداني الدولية لتنظيم المعارض وتامر ياغي مدير مجموعة الباشق للمعارض أن قرار نقل المعارض مجحف ولم يؤخذ فيه رأي الشركات المنظمة وأنه لا يستند للأنظمة والقوانين الناظمة لعمل شركات تنظيم المعارض ولا ينم عن دراسة معمقة لواقع المعارض التخصصية ولاسيما الصغيرة منها والتي لا تتجاوز مساحتها 500 متر، معتبرين أن قرار نقل جميع المعارض إلى أرض مدينة المعارض خاطئ 100% وغير مدروس ويؤدي إلى إلغائها حتماً كما حصل مع بعض المعارض الصغيرة التي ألغت تنظيم معارضها نتيجة لهذا القرار إضافة إلى أن العامل الأهم والمعوق لتطور هذه الصناعة هو عدم وجود فوارق زمنية بين المعارض ذات الاختصاص الواحد حيث قلصتها المؤسسة من شهرين إلى شهر واحد وهذا يؤدي إلى اندثارها كونها لا تتيح الوقت الكافي للمنافسة بين الشركات المنظمة ولم تتم مراعاة أن هناك معارض موسمية تتعلق بنوعية المعروضات إضافة إلى أن التقارب في فترات المعارض يؤدي إلى توقف العارضين عن المشاركة وعزوف الشركات عن تنظيم المعارض إذا لم تحقق جدوى اقتصادية من إقامتها خاصة أن المؤسسة العامة للمعارض تعتمد في سياستها على الكم في تنظيم المعارض على حساب النوع متناسية أن إيرادات المؤسسة في أغلبها من شركات تنظيم المعارض ومع ذلك لا تراعي متطلبات هذه الشركات وتضع العصي في العجلات أمام توسعها وتطورها وتدعم المهرجانات التسويقية التي تعتمد على البيع المباشر على حساب المعارض الكبيرة.
ورأوا أن أهم ما يميز مؤسسة المعارض هو القرار الذي أصدرته وزارة الاقتصاد بتشكيل لجنة تضم ممثلين من كل الجهات المعنية بما فيهم شركات تنظيم المعارض تجتمع كل شهر لبحث المشكلات ومعالجتها واليوم هذه اللجنة معطلة ولا تعمل ونطالب بتفعيل عمل هذه اللجنة ووضع ممثلين لشركات تنظيم المعارض في مجلس إدارة المؤسسة.
مطالب بإيجاد حلول مشتركة
مجمل هذه المشكلات والاعتراضات أحلناها إلى مدير عام المؤسسة العامة للمعارض فارس كرتلي الذي قال: أحدثت مدينة المعارض بهدف تخديم هذه الصناعة والعمل على تطويرها وتم تجهيز المدينة بكافة مستلزمات إقامة المعارض من أجنحة كبيرة ومراكز خدمات لرجال أعمال والصحفيين ومواقف للسيارات وبنية تحتية كاملة.
وعلى هذا الأساس تقرر إقامة كافة المعارض في دمشق ضمن مدينة المعارض لتطوير هذه الصناعة وتوسيعها وإعادتها إلى سابق عهدها قبل الحرب على سورية ومن هذا المنطلق قامت المؤسسة بتحديد أجرة المتر المربع الواحد 1500 ل.س بما يعادل ثلاث دولارات بينما كانت أجرة المتر قبل الأزمة 12 دولاراً بما يعادل 600 ل.س إضافة إلى السماح للشركات بحجز المساحة الفعلية للصالات وعدم فرض مساحة الصالة كاملة على المستثمر، ومن خلال النقاش مع وزارة الاقتصاد ورئاسة مجلس الوزراء لضرورة مساعدة شركات تنظيم المعارض في نقل الزوار وجه رئيس الوزراء وزارة الإدارة المحلية بتأمين وسائط نقل عامة للمعارض بما يتناسب مع مساحتها، مؤكداً أنه من هذا المنطلق ليس هناك أي أعباء إضافية تضاف على شركات تنظيم المعارض إذا ما أخذنا بعين الاعتبار أن شركات تجهيز المعارض جميعها تستخدم مستودعات المؤسسة لوضع تجهيزات المعارض فيها، وأن حرص المؤسسة على تنظيم المعارض داخل المدينة يهدف إلى توسيع هذه المعارض وإعطائها المساحات المناسبة دون الاضطرار إلى ضغط المشاركات في قاعات الفنادق الصغيرة، ويمكن لشركات تنظيم المعارض حجز المساحة التي ترغبها حسب تسويق المعرض الفعلي، لافتاً إلى أن باب المؤسسة بجميع كوادرها مفتوح دائماً أمام العاملين في صناعة المعارض ولم يسبق لأي شركة طلبت مناقشة موضوع ولم يرد عليها.
فترة تجريبية يتم تقييمها لاحقاً
وتتمنى المؤسسة من الشركات الراغبة في استمرار معارضها في صالات الفنادق داخل دمشق أن تعتبر إقامة المعارض في المدينة عبارة عن فترة تجريبية يتم تقييمها لاحقاً واتخاذ القرارات إذا كانت هناك ضرورة لذلك مؤكداً أن المؤسسة داعمة لنجاح كافة المعارض بجميع اختصاصاتها والمساحات المطلوبة والمؤسسة ليس لها أي هدف سوى إنجاح هذه الصناعة.
وبخصوص القرار 136 إنه لا يلزم شركات تنظيم المعارض بمكان معين لإقامتها، قال كرتلي: القرار صدر أيام ذروة الأزمة ولم تكن فكرة إقامة المعارض في المدينة قائمة في تلك الأثناء وبذلك صدر هذا القرار بشكل مؤقت مراعاة لهذه لظروف.
وفيما يتعلق بموضوع الفوارق الزمنية بين المعارض والتي أوضح كرتلي أن هذه المدة والتي لا تتجاوز الشهر بين المعارض ذات الاختصاص الواحد تم التوصل إليها بعد النقاش مع شركات تنظيم المعارض لوضع هذه المدة الزمنية بين المعارض المتماثلة، مبيناً أنه يمكن تعديلها في العام القادم ولا يمكن تعديلها هذا العام كون المعارض القائمة حالياً قد تم منحها موافقات بناء على المدة الزمنية الحالية وتقوم بالتسويق لمعارضها.
وأضاف: كرتلي بالنسبة للصالات والأجنحة التي تقام بها المعارض بجاهزية عالية وليست بحاجة إلى أي صيانة والدليل على ذلك تلك المعارض التي أقيمت على أرض المدينة ومنها خان الحرير وصنع في سورية ومعرض دمشق الدولي في دورته الأخيرة وندعو كل الشركات لمراجعة المؤسسة والتفكير بصوت عال لإيجاد حلول مشتركة تدعم صناعة المعارض وترضي الصانعين.
قلاع: تطبيق القرار يتعلق بالحجم
ومن جهته يرى غسان قلاع رئيس اتحاد غرف التجارة السورية قرار نقل المعارض إلى مدينة المعارض له شقان: الأول يتعلق بالمعارض الكبيرة كمعارض السيارات والآليات وتجهيزاتها والبناء وما شابه ذلك بالإضافة إلى المعارض المتنوعة التي تضم عدداً كبيراً من المنتجات المتنوعة والتي تتطلب أن يكون هناك أجنحة لعرضها وهذه يجب نقلها، أما المعارض الصغيرة والتي لا تزيد مساحتها على 750 متراً مربعاً وتقام ضمن المدن في صالات الفنادق والمعارض الصغيرة فهذه لا ضرورة لنقلها إلى مدينة المعارض بالإضافة إلى أنها قد تكون سوق بيع أو مهرجاناً لمناسبة من المناسبة.
اتحاد المصدرين: دورنا فقط بتقديم الدعم
أما بشأن اتهامات اتحاد المصدرين بالتحيز وتنظيم المعارض قال إياد محمد عضو وخازن بيت ماله إن الاتحاد ليس جهة منظمة للمعارض وإنما ينحصر دوره في مجال المعارض الداخلية بتقديم الدعم عبر المساهمة في استضافة رجال الأعمال العرب والأجانب الذين يتقدمون لشراء البضائع السورية والذين تتم دعوتهم من قبل الصناعيين والمصدرين أنفسهم ضمن لجان الاتحاد القطاعية المتخصصة معتبراً أن هذا النشاط حقق مبيعات كبيرة جداً يمكن التأكد منها من خلال البضائع المشحونة بعد المعارض التي أقيمت والتي استفادت من الدعم الحكومي في الشحن الجوي والبحري، موضحاً أن الاتحاد يقوم بدعم المنتج السوري خارجياً وتسويقه في كافة المحافل الدولية وبشتى الوسائل المتاحة من خلال تنظيم معارض أو المشاركة في معارض أخرى مؤكد أن الاتحاد كان خلال الحرب يعمل على إعادة تفعيل الأنشطة المتعلقة بتسويق المنتج لتحريك العجلة الإنتاجية بكل المفاصل. وهو في هذا الدور الذي قام به في السنوات الأخيرة لتشكيل الاتحاد عمل جاهداً على تسويق المنتج السوري وفتح آفاق في ظل الحصار الاقتصادي وإغلاق كافة المعابر البرية وصعوبة التحويلات المالية.
علماً أن الاتحاد يعمل على التطوير الدائم للأفكار التي تروج للمنتجات السورية من خلال فتح مراكز تجارية كاملة على شكل مولات تجارية في الدول التي وضعت خطة لاستهدافها تجارياً وفق الأولويات وتوفر البنية التحتية للصادرات.
وفاء فرج