ثورة أون لاين- أسعد عبود:
لم تنل مقالتي الماضية في هذه الزاوية كل ذاك القبول والاستحسان – أنا أحاول قدر الإمكان تتبع أثر النص الإعلامي الذي أكتبه – وليس في نيتي اليوم أن أصحح الوضع عبر إعادة كتابة المقالة أبداً.. إنما.. وقبل أن أوضح سر العنوان لهذه المقالة، بودي أن أورد لكم ما نقل عن المرحوم خالد العظم يوم سألوه عن دول عدم الانحياز فوصفها بأنها محاولة لكسب ودّ المعسكرين الشيوعي والرأسمالي معاً انتهت إلى كسب عدائهما..
أيضاً لا علاقة لهذا الاقتباس من الذاكرة بعنوان هذه المقالة.. العنوان هو مجرد إشارة ترمز إلى ذاك الزمن الذي كان برنامج التعليم يأخذ الطابع الأبسط والشمولي.. هذه العبارات تشمل تقريباً كامل المنهاج التربوي للمرحلة التأسيسية في سورية حتى عام 1958 حيث بدأ تطبيق البرنامج الموحد مع مصر أو المتفاهم معه.. وتعني الرياضيات والعربي والعلوم بكل تفرعاتها..
رغم السهولة التي تبدو في هذا الاختصار كان البرنامج صعباً.. ونسب النجاح في امتحانات الشهادات الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية (السرتفيكا.. والبريفيه.. والبكالوريا..) لا تصل إلى 20%.
لا شك أن مستوى التلاميذ وصحتهم والاهتمام بهم وكذا مستوى المدرسة قد اختلف كثيراً كما تغير جذرياً.. وتغير مفهوم التعليم من المعارف.. إلى التربية والتعليم.. إلى التربية حالياً.. وشهدت البرامج تطوراً وتغيراً حقيقيين رغم ما يعانيه أهالي وأساتذة التلاميذ اليوم مع البرامج الحديثة المليئة متعددة المواد والكتب والوظائف.
أنا في المقالة الماضية.. قد أكون اخترت طريقاً وسطاً بين السهل في المنتج الثقافي الذي يستهدف القطاع العريض للناس ويبتغي الجماهيرية.. والصعب العميق الذي لا يهتم للجمهور.. وكان نصيبي – بتقديري – في موقف الذين أحدثوا رد فعل على الزاوية.. ما لاقته دول عدم الانحياز من المعسكرين.. كما قدره المرحوم خالد العظم.
الحقيقة أن المشكلة هي في التطرف.. نشدان رضى الناس وإمتاعهم.. ليس موقفاً ناقصاً.. وكذا نشدان العقل والتطور والتطوير والتحديث.. ليس موقفاً مداناً.. إنما يكون غير الدقيق عند الطرفين.. التطرف في استقطاب الجمهور إلى درجة السعي لإرضاء الفرد والمجتمع واستقطابهما وربما استثمارهما بالسهل الغريزي الموروث المكرر.. العقيم غالباً.. وتكون المغالاة في تغريب المنتوج الثقافي عن الناس إلى درجة نشدان مخاصمتهم.. عزلة أكيدة.. لا تعني بالضرورة اندفاع الناس لتحريك العقل واكتشاف منظومات الحياة وتطورها.
ما هو المعيار…؟!
أقول: ارضِ عقلك بموضوعية وافترض أن ما يرضيك يرضي الناس.. واعلم أن إرضاء الناس غاية لا ترتجى.
ألف تحية للسوري العالمي الكبير.. أدونيس..
as.abboud@gmail.com