ما زال تكريس دولة المؤسسات ممراً إجبارياً نحو المستقبل باعتباره النظام الذي يساعد على إدخال الإصلاحات الضرورية إلى الأجهزة الإدارية والإنتاجية للدولة، والتي من خلالها يمكن مواكبة التطور الحاصل في البلدان المتقدمة والانفتاح على الاقتصادات المتطورة،
ويمكن أيضاً بناء أساس مرن وحيوي قابل للاستجابة للتحديات مهما بلغت قساوة الظروف من خلال تمكين هذه المؤسسات من لعب أدوارها ومعرفة حدود هذه الأدوار لتتناغم مع باقي الفريق في سبيل تحقيق الأهداف المرسومة واكتشاف أوجه المنفعة بغية تحديد الأهداف اللاحقة.
إن المتتبع لتصريحات الحكومات المتعاقبة منذ العام 2000، يُلاحظ أن كل هذه الحكومات خصصت جزءاً من بيانها وتصريحاتها للحديث عن دور المؤسسة و(مأسسة) العمل الحكومي، ومن الواضح أن ما تم تكريسه من العمل المؤسسي خلال سنوات ما قبل الأزمة ساهم بشكل واضح في التصدي لهذه الحرب التي شنتها المجموعات الإرهابية ومن خلفها دول كبرى على سورية، ومكّنَ مؤسساتنا من الاستمرار في أصعب الظروف.
استحضار دولة المؤسسات في هذا الوقت أمر في غاية الأهمية، ويدعو في مرحلة إعادة الإعمار إلى الاهتمام بإعادة بناء الإنسان وإصدار التشريعات التعزيزية لذلك، خلافاً لكل التجاوزات التي أصبحت قاعدة في بناء هيكلية هذه المؤسسات لناحية الموارد البشرية.
وحتى هذه اللحظة لم يظهر الدور المنتظر لوزارة التنمية الإدارية، التي بدأت تتدخل في عمل العديد من الوزارات والإدارات، ولم تقدم أي مساهمة حقيقية وفعلية في مشروع الإصلاح الإداري، بل ربما على العكس من ذلك في بعض الأحيان، باتت متهمة بأنها تعرقل عمل هذه الإدارات وتضيِّع جهد القائمين عليها باجتماعات ودورات تطول ساعاتها وأيامها دون أن تقدم أي إضافة مفيدة.
وما طرحته وزارة التنمية الإدارية حتى اليوم من آليات عمل سبق القانون الأساسي للعاملين في الدولة من حيث إلغاء المزايا وحالات التمايز وإغلاق باب الإبداع والاجتهاد.
يتساءل البعض منذ سنوات، ما الذي تقدمه هذه الوزارة التي أوْكلت بمهمة بناء القادة الإداريين، ويرغب الجمهور في رؤية أمثلة أو عينة من هذا النتاج المفترض، أو رؤية آثار أي مشروع أو إجراء أو حتى فعالية!! لا يوجد شيء من هذا.
المؤسسات التي تسعى للنمو وتوكيد ذاتها وتنفيذ المهام التي استحدثت من أجلها، تريد في حال لم تقدم لها يد المساعدة ألا يتم تكبيلها على يد مؤسسات أخرى.. وذلك على أقل اعتبار.
على الملأ
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 16-10-2018
رقم العدد : 16812