من الواضح أن تطورات الأوضاع في سورية، وطبيعة الممارسات والمواقف المعلنة من منظومة العدوان، تعكس حجم التمنيات والأهداف التي يريد أولئك تحقيقها في الوقت الضائع، كما تصور مجموعة من رهانات لأتباع أميركا في المنطقة،
دون الأخذ بعين الاعتبار حسابات الواقع الميدانية العسكرية، والسياسية وما يلحق بها من توازنات واستراتيجيات دولية وإقليمية، ولاسيما أن تلك التوازنات والمصالح تتداخل فيما بينها، وهو ما يشير إلى وجود مسار معقد وشائك، لا يتوقف عند مصلحة طرف يصر على دعم الإرهاب، بغض النظر عن النتائج، دون أخذه بالحسبان الاعتبارات الأخرى.
بالنسبة لأميركا ورغم رفعها منسوب إجرامها واعتداءاتها وإطلاقها التصريحات المستفزة، ورغم إسناد الدعم لإرهابييها، لن يطول الزمن لتغيير خطابها ومسارها شكلاً ومضموناً، وتبحث اليوم عن طريق لإخراج نفسها من ملف الحرب الإرهابية على سورية بأقل الخسائر، وما تتحدث به على لسان المبعوث الأممي دي ميستورا والناطق باسمها أصلاً، عما يسمى ضرورة تعديلات في الدستور، ليس إلا ترويجاً لفكرة امتثال الشركاء لرغباتها ومشيئتها، مع أنها تعلم تماماً أن مواد الدستور لا تحتاج لأي تعديلات، وأن سورية ترفض أي تدخل في هذا المجال، لأنه أمر سيادي بامتياز.
المكانان الوحيدان اللذان تستطيع واشنطن المناورة فيهما لتحقيق أطماعها، شرق الفرات الذي تستخدم فيه فزاعة «قسد»، ومنبج التي تلاعب فيها نظام « الطيب» أردوغان وتخوفه، لكنها لن تبقى فيهما طويلاً، وسوف تفقد جميع الأوراق التي تظنها فاعلة أو لمصلحتها، إذ لا ورقة باقية في يدها، لأن الشرق السوري على خط النار، ومنبج ستكون في الحضن السوري كغيرها من المناطق التي تواجد فيها الإرهابيون لفترة، ثم حُررت سواء بالمصالحات أم بالمعارك لا يهم لأن النتيجة هي الأهم.
موازين القوى في المنطقة تتغير وفقاً للمصالح والاستراتيجيات على اختلاف مسمياتها وأصحابها، وتتداخل فيها ملفات كثيرة كالطاقة والمياه و مواضيع أخرى، لذا يبدو التعافي الذي تشهده سورية يؤثر بوضوح على أعدائها، وخاصة بعد تمكن الجيش العربي السوري من استعادة معظم الأراضي من قبضة العصابات الإرهابية، وهو ما تسبب بعودتها إلى موقعها الطبيعي اقتصادياً وسياسياً لكنه أضرَّ بأولئك الأعداء.
كتب حسين صقر
التاريخ: الجمعة 26-10-2018
رقم العدد: 16820