في القانون السوري كما كل القوانين الوضعية المدنية قاعدة ذهبية تقول: (الفرد لا يتحمّل خطأ الإدارة) وهي شاملة لكل أنواع الإدارات شرط أن تكون معنية بشأن عام ورعيّة تنهض بمهام خدمتها.
وفي القانون السوري كذلك توليفة متنوعة من العوامل التي تمنح القاضي سلطة تقديرية في تقرير مدى حسن النية في الفعل المخالف ومقدار الضغط الناجم عن الظروف التي حكمت سلوك الفاعل، وهي قاعدة وعوامل تنطبق وبشدة على كافة سكان العشوائيات التي يحلو لكثير من أصحاب الشأن وصفها بـ (المخالفات).
أن تبادر السلطات المعنية إلى تنظيم منطقة عشوائيات فذلك بديع وتدمع العين امتناناً له، ولكنها دمعة منوطة بالحق المقابل لها فالتنظيم لا يعني حرمان الحق كما لا يعني تجاهل أمر واقع استمر لعشرات من السنين، فبناء غرفة مخالفة يجعل منها بعد فترة من الزمن أمراً واقعاً وتنضم إلى الأسهم الألفين وأربعمئة المكونة لحق المستفيد منه، فما بالك والأمر يتصل بمئات الآلاف نظرياً وما يبلغ المليون فعلياً من السكان.
لا يتحمل سكان العشوائيات وحدهم مسؤولية سكناهم في منطقة غير منظمة، بل يتحملون بالمنطق والعقل أقل قدر من المسؤولية عن ذلك، في حين يجب أن يُحاسب (ولو بعد تقاعده) من سمح لهم بالبناء والسكن لأن سماحه يومذاك ليس نابعاً حكماً من ظرف خاص بل هو نابع من مقابل حقيقي ملموس لكون السماح لم يقتصر على بضع عائلات أو بضع عشرات بل بضع مئات من آلاف العائلات.
السكن حق لكل سكان العشوائيات لأن الأرض مشغولة بهم وهو أمر واقع ووجودهم لعقود يجعل منهم أصحاب حق أما محاسبتهم على فعل سابق فيعني محاسبة من غض الطرف وربما أبصر وحدّق وهو يتلمّس المقابل.
ليس الأمر هيناً كما يظن عضو مكتب تنفيذي هنا وخبير عقاري هناك، فكل غرفة وكل منزل ومحل في العشوائيات مثقل بعشرات الحقوق التبعية والمتوالية ممن باع إلى من اشترى وباع وصولاً إلى من اشترى وسكن وأجّر إلى نهاية السبحة.
السكن البديل حق وفي نفس المنطقة وما تبقى من مساحات بعد التنظيم يمكن اعتبارها جائزة ترضية ممتازة للجميع.. وبكل الأوصاف.
مازن جلال خيربك
التاريخ: الاحد 11/11/2018
رقم العدد: 16833