تشهد ساحة الفن التشكيلي، تدفق أعداد كبيرة من الراغبين بإنتاج اللوحة وعرضها, بينهم نسبة كبيرة من الدخلاء, الذين لايجيدون ألف باء الرسم، ويريدون حرق المراحل، وتقديم أنفسهم كفنانين تجريديين وتعبيريين وتكعيبيين وسورياليين وميتافيزيقيين..
وصولآ الى فنون النزول إلى الشارع والتجهيز والتركيب والتشكيل الرقمي بالضوء وتدوير النفايات، والى آخر ما هنالك من تيارات حديثة ومألوفة ومستهلكة وبائدة.
واللافت أننا لم نلحظ ولادة نقاد جدد, رغم أن فرص النشر الإلكتروني باتت متوفرة للجميع, حتى ان الفارق العددي بات كبيرا جداً بين التشكيليين والنقاد, ولا يتجاوز الواحد في الألف, مابين عدد النقاد وعدد الداخلين في مجال الإنتاج والعرض. مع ملاحظة أن المهتمين بالأدب على سبيل المثال، يعملون على تأويل اللوحة من زاوية أذواقهم الأدبية والخاصة، ولهذا فكتاباتهم في الفن, ليست نقدية وتحليلية واحترافية، وإنما هي استعراضية، تعمل على حرف ثقافة اللوحة والمنحوتة، عن مسارها الصحيح, وبالتالي عن مسار كتابات النقاد.
وقد يكون هذا الفارق العددي طبيعياً، لأن عدد النقاد في كل البلدان قليل جدا، مقارنة مع عدد الفنانين, فالإنسان يسعى إلى السهولة في التلقي, ويبحث عن جمالية ترضي العين والأذن، كي لايتحمل عناء المتابعة والتحليل والقراءة والكتابة، وهذه الندرة في عدد النقاد تحملهم مسؤولية كبيرة، حتى لايقعوا في هاوية الكتابات غير المتخصصة.
فالناقد يجب ان يتناول الجوانب الفنية والتقنية، من زاوية تطور الفنون الحديثة، بلغة عصرية وخاصة وقادرة على رصد خطوات ومسارات الفنانين، والتوثيق أو التأريخ لمرحلة مضت، حتى تكون مهيأة لأن تنتقل من جيل إلى آخر، ليقرأ كل جيل ذاكرة الجيل الذي سبقه، لأن الاستسهال في الكتابة، يعيدها إلى اللغة الوصفية، وينفي عنها صفة النقد التحليلي، الذي يقدم للجمهور مادة راقية ومفيدة, تساهم في الارتقاء بمستواه الفكري والثقافي، وتغذي حساسيته البصرية والروحية.
facebook.com adib.makhzoum
أديب مخزوم
التاريخ: الأحد 11-11-2018
الرقم: 16833