الاحتفاء بالثقافة وألق السينما

مما لا شك فيه أن السينما فعل إبداعي متوقّد يشع بنوره وألقه وغناه وأصالته ، هي فعل لا يصيبه الهرم أو الشيخوخة وإنما يعيش حالة من العطاء المتجدد والمستمر ويرفد الحراك الثقافي والفني بأعمال متنوعة كثيراً ما كُتب لها الخلود واستطاعت التغلغل في وجدان وعقل المتلقي . وضمن هذا الإطار وانطلاقاً من هذا المفهوم كان للسينما حضورها المميز في احتفالية وزارة الثقافة تحت شعار الارتقاء بالإنسان ، عبر مجموعة من الفعاليات والأنشطة والعروض السينمائية التي أكدت مرة أخرى أهمية تكريس الثقافة السينمائية لترتقي بالذائقة البصرية والمعرفية .
هذا الاحتفاء يذهب في معناه إلى أبعد من مجرد مناسبة وفقط ، هو يعكس في أحد أوجهه آمالاً وطموحات ، وآلية عمل جاد ودؤوب ، وجهداً حقيقياً ممنهجاً ومدروساً ، ويؤكد على الدور الذي تلعبه السينما في الحراك الثقافي ككل ، والتي كان لها حضورها الفاعل والمؤثر حتى في أحلك الأوقات وأصعبها معلنة أنها مستمرة في الحياة ، فخلال سنوات الحرب الشرسة التي شُنّت على سورية ، بقيت شعلتها متقدة باطراد واستطاعت المؤسسة العامة للسينما الاضطلاع بدورها التنويري والتوعوي على أكثر من منحى ، حيث ارتفعت وتيرة إنتاج الأفلام الطويلة والقصيرة ، التي سعت في غالبيتها إلى الولوج لعمق قضايا وهموم تمس حياة المواطن العربي عموماً والسوري خصوصاً ، في سعيٍ منها لتكون أداة تنوير وتوعية وتحريض للفكر، فطرح مبدعوها موقفهم من الحياة ، هذا الموقف الذي يعكس رؤى ويثير أسئلة ، وقد تنوعت الأفلام في مستوياتها وموضوعاتها ومشاربها الإخراجية ، فأتت إنتاجات بعيدة عن السطحية تحاكي الإنسان وتسلط بقعاً من ضوء على مختلف مناحي المجتمع.
وبالإضافة إلى إنتاج الأفلام فقد عمدت مؤسسة السينما إلى جذب المواهب الشابة ومنح الفرص لمن يستحق من خلال إقامتها مشاريع ومسابقات ومهرجانات تدعم توجههم وتبرز المتميز منهم ليأخذ بعد فترة دوره ويحتل مكانه على الساحة، كما حققت مشاركات هامة في مهرجانات خارج سورية ونالت أفلامها العديد من الجوائز ، وشجعت المبادرات ورعت العديد من الفعاليات والعروض ، وتابعت إصدار سلسلة الفن السابع إلى جانب المجلة الفصلية (الحياة السينمائية) ، وأقامت مجموعة من التظاهرات السينمائية ..
ذلك كله يعتبر في أحد أوجهه مؤشراً على جدية التعاطي مع السينما لما لها من دور تمارسه ضمن الحياة عامة ، خاصة أن الجمهور في توق دائم لعيش أجواء الحراك السينمائي الحقيقي وهو يعي تماماً أن السينما ليست عبثاً ترفيهاً وإنما هي أداة ثقافية إعلامية لها طقسها الخاص ، ويبقى هناك الكثير لإنجازه في مضمارها والطموح كبير ، فالسينما في سورية تستحق الدعم والعناية لأنها بأحد أوجهها واجهة حضارية وإعلامية وثقافية للبلد .
فؤاد مسعد
fouaadd@gmail.com
التاريخ: الثلاثاء 4-12-2018
رقم العدد : 16852

آخر الأخبار
قادمة من ميناء طرابلس..الباخرة "3 TuwIQ" تؤم  ميناء بانياس "الزراعة الذكية"  للتكيّف مع التغيرات المناخية والحفاظ على الثروات   "التربية والتعليم": مواءمة التعليم المهني مع متطلبات سوق العمل إجراءات خدمية لتحسين واقع الحياة في معرّة النعمان من قاعة التدريب إلى سوق العمل.. التكنولوجيا تصنع مستقبل الشباب البندورة حصدت الحصّة الأكبر من خسائر التنين في بانياس  دعم التعليم النوعي وتعزيز ثقافة الاهتمام بالطفولة سقطة "باشان" عرّت الهجري ونواياه.. عبد الله غسان: "المكون الدرزي" مكون وطني الأمم المتحدة تحذِّر من الترحيل القسري للاجئين السوريين الجمعة القادم.. انطلاق "تكسبو لاند" للتكنولوجيا والابتكار وزير العدل من بيروت: نحرز تقدماً في التوصل لاتفاقية التعاون القضائي مع لبنان "الطوارئ" تكثف جهودها لإزالة مخلفات الحرب والألغام أردوغان: اندماج "قسد" بأقرب وقت سيُسرّع خطوات التنمية في سوريا "قصة نجاح".. هكذا أصبح العالم ينظر إلى سوريا علي التيناوي: الألغام قيد يعرقل عودة الحياة الطبيعية للسوريين مدير حماية المستهلك: تدوين السعر مرتبط بالتحول نحو مراقبة السوق الرابطة السورية لحقوق اللاجئين: مخلفات الحرب تعيق التعافي "تربية حلب" تواصل إجراءاتها الإدارية لاستكمال دمج معلمي الشمال محافظ إدلب يلتقي "قطر الخيرية" و"صندوق قطر للتنمية" في الدوحة "تجارة دمشق": قرار الاقتصاد لا يفرض التسعير على المنتجين