يا خائن الملح

كما تكشف النار المعادن تكشف الحروب والأزمات الناس وتُظهرها على حقيقتها، وما نعانيه اليوم ناتج بنسبة كبيرة عن غياب الضمير،
ولكن عندما يصل الأمر إلى لقمة الناس فإن الأمر يتجاوز الضمير ويُصنف في إطار الخيانة.
الأسواق السورية ممتلئة بالمواد الغذائية والاستهلاكية غير الصالحة للاستهلاك البشري والمخزي في الأمر أنه لم يوفر أغذية الأطفال، وامتد إلى الملح الذي يُضرب به المثل في حفظ الأرض من الفساد، فبعد أن خرجت مناجم الملح السوري من الاستثمار بسبب الحرب لجأنا إلى الاستيراد وهي الحالة الطبيعية لتأمين حاجتنا من الملح ولكن من غير الطبيعي أن يتم استيراد ملح منزوع البوتاسيوم وكل العناصر المعدنية الموجودة فيه، حيث يتم استيراد كميات كبيرة من مصر منزوعة العناصر المعدنية وترتفع بها نسبة الزرنيخ ويترافق ذلك مع غياب مراقبة وزارة الصحة بإضافة اليود.
طبعاً من يقوم باستيراد الملح بهذه المواصفات يُصنف بالخائن لأنه خان أهله في لقمتهم وخان بلده في توريد منتجات رخيصة الثمن على حساب المُنتج الوطني الذي عاد للإنتاج بكميات كافية ولكنه بسعر أعلى من المُستورد، وصفة الخيانة تمتد إلى أولئك المتلاعبين باقتصاد البلد وخلق الأزمات لتحقيق أرباح كبيرة على حساب لقمة الناس واقتصاد البلد.
منذ بداية الحرب تطالعنا الأخبار يومياً عن أشكالٍ غير مألوفةٍ من الغش من ورشات صنع العسل حتى أنواع اللبنة الكيميائية المصنوعة من السبيداج وغيرها وصولاً إلى تصنيع كل أنواع الماركات من الشامبوهات المغشوشة.
وانتشرت مع الحرب ظاهرةٌ خطيرة من السلوك الاجتماعي ذلك أن أي نقص يحدث لأي مادة من المواد كان يعززه الطلب غير المحدود من قبل المواطنين وفي بعض الأحيان كانت تكفي شائعة غير مؤكدة لخلق أزمة حول المادة، شهدنا هذا مع الخبز الذي كان وفيراً جداً في بداية الحرب ومع البنزين ومع الغاز المنزلي ومع التيار الكهربائي وحتى مع المياه المعلبة وكان أي شخص يسعى للاستحواذ على أكبر كميةٍ ممكنة من المادة تفوق حاجته منها بكثير حتى لو حصل عليها بأضعاف سعرها الحقيقي مع كل ما يخلقه هذا السلوك من سوقٍ سوداء ومن ضياع للجهد والمال وهنا يحق السؤال عن مدى إحساس الفرد بالمسؤولية الاجتماعية تجاه بلاده ومواطنيه الذين مالحهم ومالحوه وعن السبب الجوهري وراء هذا القصور ولا سيما إذا تمت المقارنة مع سلوك المواطنين في منطقة فوكوشيما حين أحدث الزلزال أضراراً بالغة بالمفاعلات النووية ومنعت السلطات شرب مياه الينابيع خوف تلوثها وصارت المياه المعلبة الموجودة في الأسواق هي المياه الوحيدة الصالحة للشرب .. يومها كان هناك إصرار من قبل المواطنين ألا يأخذ أحد منهم سوى حاجته وفي الحد الأدنى، وفرضوا على أنفسهم تقنيناً طوعياً للتيار الكهربائي نتيجة النقص الحاد في كميات الطاقة الأمر الذي فاجأ السلطات بوجود فائض من التيار رغم محدودية الكمية.
عندما يتنكر شخص لآخر نقول بأنه خان الملح بينهما فكيف إذا علمنا أن الملح نفسه لم يسلم من الخيانة والغش.

 

 معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 11-12-2018
الرقم: 16857

آخر الأخبار
أطفال مشردون ومدمنون وحوامل.. ظواهر صادمة في الشارع تهدّد أطفال سوريا صيانة عدد من آبار المياه بالقنيطرة  تركيا تشارك في إخماد حرائق ريف اللاذقية بطائرات وآليات   حفريات خطرة في مداخل سوق هال طفس  عون ينفي عبور مجموعات مسلّحة من سوريا ويؤكد التنسيق مع دمشق  طلاب التاسع يخوضون امتحان اللغة الفرنسية دون تعقيد أو غموض  إدلب على خارطة السياحة مجدداً.. تاريخ عريق وطبيعة تأسر الأنظار سلل غذائية للأسر العائدة والأكثر حاجة في حلب  سوريا تفتح أبوابها للاستثمار.. انطلاقة اقتصادية جديدة بدفع عربي ودولي  قوات الأمن والدفاع المدني بوجٍه نيران الغابات في قسطل معاف  قضية دولية تلاحق المخلوع بشار الأسد.. النيابة الفرنسية تطالب بتثبيت مذكرة توقيفه  بعد حسم خيارها نحو تعزيز دوره ... هل سيشهد الإنتاج المحلي ثورة حقيقية ..؟  صرف الرواتب الصيفية شهرياً وزيادات مالية تشمل المعلمين في حلب  استجابة لما نشرته"الثورة "  كهرباء سلمية تزور الرهجان  نهج استباقي.. اتجاه كلي نحو  الإنتاج وابتعاد كلي عن الاقتراض الخارجي  الهوية البصرية الجديدة لسوريا .. رمز للانطلاق نحو مستقبل جديد؟ تفعيل مستشفى الأورام في حلب بالتعاون مع تركيا المؤتمر الطبي الدولي لـ"سامز" ينطلق في دمشق غصم تطلق حملة نظافة عامة مبادرة أهلية لحفر بئر لمياه الشرب في معرية بدرعا