«ديمقراطية» الغرب تحطمها مدرعات ماكرون.. سقف المطالب الشعبية يرتفع.. و«السترات الصفراء» تهدد «الأوروبي» بـ«فريكست»
الوعود التي سبق وأطلقها الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون لم تقنع مواطنيه الغاضبين ، فرئيسهم الآتي من عالم المال والأعمال ينحاز إلى مصالح الشركات الكبرى والمصارف وكبار المستثمرين على حساب المواطنين المنهكين اقتصاديا،
ولهذا ارتفع سقف المطالب الشعبية للمحتجين الذين ضيقوا الخناق على حكومة ماكرون في السبت الخامس على التوالي، لتواجههم الشرطة الفرنسية بالمدرعات والغاز المسيل للدموع، لمحاولة قمعهم وكمّ أفواههم، وبذلك تسقط كذبة الديمقراطية والحرية التي لا ينفك الغرب على وجه العموم يتبجح بها ضد أي بلد يناهض سياساته، ولا ينضوي تحت عباءته الاستعمارية.
التحرر من سلطة المفوضية الأوروبية، مطلب جديد أطلقه الفرنسيون للانفصال عن الاتحاد الأوروبي، فأطلقوا عليه اسم «فريكست» على غرار «بريكست» البريطاني، الأمر الذي يضع القارة العجوز أمام تحديات امتداد هذا المطلب ليشمل شعوب الدول الأوروبية قاطبة، وبالتالي تهديد الاتحاد الأوروبي بالتفكك، لتأتي مطالبات الفرنسيين برحيل رئيسهم الحالي، والقيام بإصلاحات بنيوية للاقتصاد وتنظيم سوق العمل، وصولا إلى تعديل الدستور، الأمر الذي يضع حكومة ماكرون في مأزق إمكانية استمرارها مع تصاعد حدة الاحتجاجات، ووصولها إلى اشتباكات عنيفة مع عناصر الشرطة الذين يدافعون عن ماكرون بحسب «السترات الصفراء».
فالمواجهات احتدمت أمس بين الشرطة الفرنسية والمتظاهرين في باريس، واعتقلت الشرطة أكثر من 170 شخصاً، على خلفية المواجهات في عدة مدن رئيسية فرنسية.
وبدت باريس من جديد مدينة في حالة حصار من آليات مدرعة في الشوارع إلى انتشار أمني كثيف ومصارف ومحال تجارية سدت واجهاتها بألواح خشبية فيما أعلنت السلطات عن نشر ثمانية آلاف عنصر من قوات الشرطة في المدينة و14 آلية مدرعة.
منظمو التظاهرات حاولوا منع حصول أي تصادم مع عناصر الشرطة، ورفع المتظاهرون في جادة الشانزليزيه أيديهم إصراراً على سلمية تحركهم، و قدموا الأزهار الصفراء لعناصر الشرطة، وقالوا لهم: لا يوجد مشاغبون بيننا.. أنتم تدافعون عن ماكرون الذي يختبىء في الخلف ويضعكم في الواجهة للقيام بالأعمال القذرة، مشددين نحن نتظاهر من أجلكم ومن أجل أطفالكم.
وأضافوا: حراكنا لا يتبع لأي أحد أو أي جهة بل للجميع، وهتفوا: أعيدوا لنا حريتنا وسيادتنا.
إلا أن الشرطة أغلقت مدخلين إلى الشانزليزيه بالآليات والحواجز واستخدمت خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المتظاهرين الذين رشقوا الشرطيين بمقذوفات مختلفة، كما دارت مواجهات بين الطرفين في ساحة «تروكاديرو» قرب برج ايفل، كما منعت المحتجين من الوصول إلى محيط قصر الإليزيه، ودارت مواجهات أخرى بين الشرطة والمتظاهرين في ساحة الجمهورية في باريس، أطلقت خلالها الشرطة الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين.
وأشارت وسائل الإعلام الفرنسية إلى أن عدد المحتجزين من «السترات الصفراء» في باريس اقترب من 170 شخصا مع اعتقال أكثر من 100 منهم بحلول الساعة الثالثة بعد ظهر أمس وهي حصيلة تقل بشكل ملحوظ عن إحصائيات الأسبوع .
كذلك شهدت مدن فرنسية رئيسية من بينها مارسيليا وتولوز وبوردو تظاهرات «للسترات الصفر»، وعمدوا إلى قطع الطرق في تولوز.
كما أوقفت السلطات الفرنسية المواصلات العامة في باريس في سياق التصدي للاحتجاجات.
وفى جنوب شرق فرنسا منعت السلطات الفرنسية المظاهرات داخل مدينة أفينيون ما اضطر المتظاهرين للتجمع للإعلان عن مسيرة خارجها في ذكرى مصرع أحد المحتجين بعدما صدمته شاحنة.
زعيمة الجبهة الوطنية مارين لوبان رأت من جهتها إن «إجراء استفتاء على المبادرة الشعبية وسيلة للسلوك الديمقراطي الصحيح.
وقالت لوبان إن المشاغبين المتطرفين ولصوص الضواحي متواطئون مع السلطة لحرف الأنظار عن مطالب السترات الصفراء.
هذا ونشرت السلطات الفرنسية الآلاف من رجال الشرطة في أنحاء البلاد، ونحو ثمانية آلاف، والتحق عناصر الشرطة الخيّالة أيضاً لدفع المتظاهرين في العاصمة باريس.
وسائل إعلام فرنسية ذكرت من جهتها أن مطالب «السترات الصفر» هذا الأسبوع تتركز حول المطالب السياسية أكثر منها الاقتصادية.
الرئيس الفرنسي كان قد دعا متظاهري «السترات الصفر» إلى العودة إلى الهدوء والنظام. واعتبر أن الغضب المشروع لا يمكن أن يبرر العنف والشغب، معلناً عن حالة الطوارئ الاقتصادية والاجتماعية.
وخلال مؤتمر صحافي له في بروكسل، رأى ماكرون أن قراراته الأخيرة هي ردّ على غضب حراك السترات الصفر.
وقال ماكرون إنه لا يمكن لما حصل أن يضع نتائج انتخابات ديموقراطية حصلت قبل عام ونصف على محك السؤال.. ويمكنهم التعبير عن رأيهم في الانتخابات الأوروبية والبلدية المقبلة.
وتحظى حركة «السترات الصفراء» التي تدرجت في مطالبها حتى وصلت إلى المطالبة بتنحية ماكرون بدعم أغلبية الفرنسيين رغم تقديم الرئيس الفرنسي سلسلة تنازلات يوم الاثنين الماضي لاحتواء الاحتجاجات.
ويزداد تأثير أزمة الاحتجاجات غير المسبوقة والأسوأ في عهد ماكرون على الاقتصاد الذي ستكون نسبة نموه الضعيفة أساسا أقل من التقديرات.
وفي بروكسل أفادت وسائل إعلام بلجيكية بأن الشرطة اعتقلت أمس نحو 50 متظاهرا من المشاركين في احتجاجات «السترات الصفراء» في العاصمة بروكسل.
وأكدت شبكة RTBF الإعلامية أن حملة الاعتقالات الإدارية نُفّذت في ساحة لوكسمبورغ أمام مقر البرلمان الأوروبي، حيث احتشد المتظاهرون بهدف التوجه لاحقا إلى «الحي الأوروبي» الذي تقع فيه مؤسسات أخرى للاتحاد الأوروبي.
وأوقفت الشرطة البلجيكية 450 متظاهرا السبت الماضي على خلفية أعمال شغب رافقت المظاهرات، وتم اعتقال 10 آخرين على ذمة التحقيق.
وكالات – الثورة
التاريخ: الأحد 16-12-2018
الرقم: 16861