قُبيل، وفي أثناء التحضيرات التي سبَقت الاجتماع الرباعي في جنيف الذي انتهى إلى تَظهير الخلافات بشأن تشكيل لجنة مُناقشة الدستور، جرى رصد تصريحات أميركية اجتمعت على خيار التعطيل ومحاولات العرقلة،
وتم القبض على تدخلات أميركية وقحة لجهة ممارسة الضغط على الأمم المتحدة وتوجيهها لرفض أي صيغة لا تُحقق شروط منظومة العدوان التي تقودها واشنطن.
ستيفان ديميستورا، جيمس جيفري، كانا مُحرك التعطيل، وقد أكثر كل منهما ذكر القرار الأممي 2254 الذي تمر هذه الأيام الذكرى الثالثة لاعتماده، إذ مارس جيفري وديميستورا انتقائية مرفوضة ومقيتة بحديثهما عن أهمية تطبيق بنود مُحددة من القرار بمُقابل تجاهل واستبعاد أي ذكر للأخرى!.
البنود 5 و 6 و 7 التي يُتاجر بها جيفري، ويُحاول الضغط بتكرار الحديث عنها، يُقابله تجاهل تام للبند رقم 8 مثلاً، فضلاً عن تجاهل المُهل الزمنية التي نَطق بها نص القرار لناحية التأكد والتحقق من إنجاز الكثير من التفاصيل المُتعلقة بالدعوة لوقف دعم التنظيمات الإرهابية، ذلك أنه لم يتم التقيد لا بنص القرار، ولا بالمُهل التي جرى تحديدها (خلال 60 يوماً، خلال شهر من تاريخ القرار، في أسرع وقت)..الخ، ما يؤكد أن مُمارسة الانتقائية ليست الجريمة الكُبرى التي ارتكبتها وتستمر بارتكابها واشنطن ومعسكر أدواتها، وإنما مُخالفة القرار بالاستمرار بدعم الإرهاب!.
إذا كان القرار قد صدر في 2015 فهل لأميركا أن تَجد أي مُبررات لمواقف إدارتي أوباما وترامب – ومعهما تركيا وقطر والسعودية وفرنسا وبريطانيا ودول أخرى – الداعمة للتنظيمات الإرهابية، ولماذا لم تَمتثل لنص القرار الدولي بوقف الدعم؟.
وإذا كان خلال السنوات الثلاث الماضية قد أثبتت التطورات والوقائع أن سورية – بالتعاون مع حلفائها – قد حققت تقدماً عملاقاً في مواجهة الإرهاب الذي دُحرت فصائله عن مساحات جغرافية واسعة رغم كل محاولات الدعم والإنقاذ التي قامت بها الولايات المتحدة وباقي الرعاة الإقليميين لها، ورغم صدور القرار 2254، فهل لواشنطن اليوم أن تُنصّب نفسها جهة تُشرف على تنفيذه بانتقائية مَقيتة؟ أم أنه يتوجب على الأمم المتحدة ومجلس الأمن أن يُحاسبها هي وبقيّة أدواتها على مُخالفته وخرقه بالاستمرار بدعم الإرهابيين وتوفير الحماية والغطاء لهم؟.
من المُؤكد أن ما تفعله واشنطن يَندرج في إطار ممارسة العهر السياسي، والسعي لإبقاء هيمنتها على المنظمة الأممية، ومن المؤكد أن أهدافها مُتعددة، لا تقف عند حدود التعطيل والعرقلة مَنعاً للحل، ولا تتوقف عند مُحاولتها إطالة أمد الحرب والعدوان، كما لا تتوقف عند مُحاولات الاستثمار بالإرهاب لتصفية الحسابات مع حلفاء سورية، ذلك أنّ بين أهم أهدافها المُتعددة تلك، مُحاولة الإفلات من العقاب الذي على العالم أن يُنزله بها وبشركائها في حلف العدوان!.
أميركا التي ما زالت تقود حلف العدوان على سورية هي من أنشأت تنظيم داعش الإرهابي باعتراف هيلاري كلينتون، وهي من رَعت تنظيم جبهة النصرة الإرهابي ولا تَزال وقد ثَبت ذلك بالأدلة، وهي من وجّه قطر وتركيا والسعودية وسواها في لعب أدوار قذرة بالحرب والعدوان، وهي من رعى حركة المال والسلاح والمُتطرفين عبر البنوك والحدود والبحار، بل هي من أشرف على نقل السلاح الكيماوي للإرهابيين الذين تَدربوا على استخدامه تحت إشراف خُبرائها!.
لا تَسقط، ولن تَسقط جرائم الولايات المتحدة وأعوانها لا بالتقادم ولا بمحاولات التضليل والإنكار، وقولاً واحداً ليست واشنطن إلا الجهة التي ينبغي على المحاكم الدولية المُختصة أن تُلاحقها للقصاص منها، وللعالم أن يَضع حداً لانتقائيتها المَقيتة! وربما يقع على عاتقه واجب تصحيح وتصويب الكثير من القرارات التي اتخذها تحت الضغط، 2254 أَحدُها!.
علي نصر الله
التاريخ: الخميس 20-12-2018
الرقم: 16865