عامان على تحرير حلب من براثن الإرهاب وداعميه.. عامان استعادت خلالهما حلب الشهباء وجهها الأبيض الناصع، بفضل دماء وتضحيات الجيش العربي السوري، وصمود أهلها لأكثر من ثلاث سنوات،
وبعد أن طوت المدينة العريقة في شهر كانون الأول من عام 2016 صفحة الإرهاب الوهابي التكفيري الذي عاث خراباً وتدميراً، بتاريخها وحضارتها، تستعيد اليوم ألقها مجدداً، مع انطلاق عجلة إعادة الإعمار بوتيرة متسارعة، يتوهج معها نبض الحياة الذي لم ينطفئ يوماً عن أي مدينة أو بلدة أو قرية سورية.
ولحظة دحر الإرهابيين ورعاتهم قبل عامين، وإعلان المدينة خالية من الإرهاب، ازدانت المدينة بأكاليل الغار، وعادت البسمة ترتسم فوق محيا أهلها الصامدين، الذين قدموا قوافل الشهداء الواحدة تلو الأخرى، بمواجهة الإرهابيين، ومنهم من ارتقى بقذائف الإجرام الوهابي التكفيري، لتعلو اليوم صيحات الفرح والأهازيج، وأصوات المصانع والآلات التي نهب أردوغان ومرتزقته معظمها، لتبدأ حلب مرحلة جديدة من الإنتاج والعطاء، بما يعود بالنفع على دورة الحياة الاقتصادية في سورية.
تحرير حلب رسم لمرحلة جديدة، وشكل قاعدة انطلاق أخرى لتحرير الكثير من المناطق من رجس الإرهاب، والأهم من كل ذلك أنه أسقط مخططات الغرب الاستعماري وأدواته الإقليمية والمستعربة، في تقسيم سورية، لتكون بوابة استهداف المنطقة ككل، فجاء دحر الإرهاب على يد أبطال الجيش العربي السوري، ليشكل تحولاً إستراتيجياً في الحرب على الإرهاب وضربة قاصمة للمشروع الإرهابي وداعميه، فعجل الانتصار في حلب في هزيمة المخطط الإرهابي الأسود في سورية والمنطقة والعالم أجمع، حيث تسارعت بعد ذلك وتيرة القضاء على التنظيمات الإرهابية ودحرها في مناطق أخرى تنتشر فيها بأرياف حلب وحمص وصولاً إلى دير الزور والحدود السورية العراقية إضافة إلى ريف دمشق وجنوب سورية، الأمر الذي وضع رعاة الإرهاب وفي مقدمتهم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني والنظام التركي ومشيخات الخليج في حالة تخبط دائم، لا يزالون يعانون تبعاتها حتى اليوم، وآخرها القرار المحتل الأميركي بالانسحاب من سورية، لمداراة الهزيمة المدوية التي منيت بها المشاريع الصهيو أميركية.
المعارك التي خاضها الجيش العربي السوري بالتعاون مع القوات الحليفة والتي أفضت إلى تحرير المناطق والأحياء في مدينة حلب وريفها جاءت تتويجاً لإنجازات سطرها الجيش في مسيرة حربه على الإرهاب محطتها الأولى كانت فك الحصار عن سجن حلب المركزي في أيار 2014 بعد صمود أسطوري لحامية السجن استمر قرابة عام ونصف العام وهو إنجاز مهم على اتجاه تحرير المدينة لقربه منها نحو 10 كم وموقعه قرب مدخلها الشمالي والسيطرة ناريا على شريان امداد رئيسي للإرهابيين بالمال والسلاح والإرهابيين من الأراضي التركية.
وبتحرير السجن والمنطقة المحيطة به تمكن الجيش من طرد الإرهابيين من شمال حلب لتصبح مداخل المدينة تحت السيطرة الكاملة ولم يتبق خيار للإرهابيين غير الانكفاء والتقوقع في جماعات متفرقة متقطعة الأوصال داخل بعض أحياء المدينة من دون محاور تسلل وامداد خارج نطاق جغرافي ضيق.
وبإنهاء الوجود الإرهابي في درة الشمال السوري سقط المشروع الأردوغاني الاخواني في المنطقة فكانت حساباته مخالفة لغلة البيدر التي حصدها الجيش العربي السوري وخبر تركيبتها التكفيرية الظلامية وكانت له الكلمة الفصل ودحر آلاف الإرهابيين والمرتزقة الذين هربهم النظام التركي عبر الحدود من مختلف أصقاع العالم للاعتداء على الدولة السورية ولم ينفعهم كل الإجرام والوحشية التي قصفوا بها المدينة الآمنة ومحيطها لأن الصمود من صفات السوريين والبطولات ديدن جيشهم العقائدي الذي كتب بدماء وتضحيات رجاله الميامين في الـ 22 من كانون الأول 2016 عبارة حلب الانتصار معلناً مرحلة جديدة وانتصارات لاحقة على الإرهاب وداعميه.
تقويض مشروع المنطقة العازلة التي سعى اليها نظام اردوغان الاخواني منذ بداية الحرب العدوانية على سورية جاء عبر محطة انتصار أخرى تميزت بها معارك تحرير حلب وريفها تمثلت في فك الحصار عن مطار كويرس العسكري والكلية الجوية بالريف الشرقي في الـ 10 من تشرين الأول من عام 2015 ليشكل المطار وحاميته فيما بعد قوة إسناد أساسية في مجمل المعارك التي خاضها الجيش ضد الإرهابيين.
العمليات العسكرية التي بدأها الجيش لتطهير الأحياء الشرقية للمدينة مهدت لها السيطرة على شمال وشمال غرب المدينة مثل حيي الليرمون وبني زيد وقطع طريق الإمداد عبر منطقة الكاستيلو وصولاً إلى استعادة مشفى الكندي في الـ 2 من تشرين الاول من عام 2016 حيث مثل مرحلة فاصلة وحاسمة لإعلان المدينة خالية من الارهاب وبتكتيكات تتناسب مع طبيعة الأحياء السكنية حفاظاً على حياة المدنيين تسارعت العمليات العسكرية وبدأت تكر سبحة الأحياء المحررة وسط انكسارات وتخبط للمجموعات الإرهابية التي تنتمي في معظمها لتنظيمات جبهة النصرة و»أحرار الشام» و»كتائب نور الدين الزنكي» و»الحزب التركستاني» وغيرها وتباعا تم تحرير أحياء هنانو والحيدرية والصاخور ومحطة سليمان الحلبي لضخ مياه الشرب إثر تحرير القسم الشمالي للأحياء الشرقية والجزماتي وطريق الباب وباب النيرب والفرافرة وأغيور وكرم الجبل وغيرها وصولاً إلى إعلان المدينة خالية من الإرهاب في الـ 22 من كانون الأول من العام نفسه.
وبتحرير مدينة حلب لم تتوقف المعارك في غير منطقة على امتداد الجغرافيا السورية ولإنهاء وجود تنظيمي «داعش» وجبهة النصرة الإرهابيين في ريفي حماة وحلب وتأمين عدد من طرق المواصلات والإمداد بين المحافظتين وربطهما بالبادية السورية وصولاً الى الحدود العراقية تواصلت العمليات العسكرية ضد التنظيمات الارهابية في ريف مدينة حلب وعمقها الحيوي باتجاه منطقة أبو الضهور وتكللت العمليات بانتصار جديد في الـ 21 من كانون الثاني الماضي باستعادة السيطرة على 300 قرية وبلدة في المنطقة الممتدة بين أرياف حماة وإدلب وحلب وعلى مطار أبو الضهور العسكري بعد تدمير آخر تجمعات وتحصينات التنظيمات الإرهابية فيها.
بإعادة الأمن والأمان إلى مئات القرى والبلدات والمزارع تم فتح ممر أبو الضهور وتأمينه من الجيش العربي السوري لاستقبال الأهالي المهجرين من منازلهم بسبب الاعتداءات الإرهابية ليشهد المعبر خلال الأشهر الماضية عودة الآلاف من المدنيين حيث تستقبلهم فرق طبية وإغاثية لتقديم اللقاحات للأطفال والخدمات الصحية الإسعافية والأدوية للمحتاجين والمواد الغذائية ريثما يصل المهجرون إلى قراهم وبلداتهم في أرياف حلب وحماة وإدلب المطهرة من الإرهاب.
بعد انتصار حلب كان وقع الخسارة والهزيمة مهولاً على النظام التركي الأردوغاني الذي يحاول يائساً سلب أهالي حلب والسوريين بهجة انتصار ممهور بدماء الشهداء فتابعت التنظيمات الإرهابية المنتشرة في الريف الشمالي الغربي والغربي للمدينة الاعتداء بشكل متكرر على المدنيين بقذائف الموت والغدر وليس آخرها في الـ 24 من الشهر الماضي حيث أصيب 107 مدنيين باختناقات متنوعة نتيجة اعتداء الارهابيين بقذائف تحمل غازات سامة على أحياء المدينة إمعاناً منها في استمرار عدوانها على السوريين ودولتهم وانتقاماً من صمودهم وتحديهم للإرهاب وداعميه.
بعد عامين على الانتصار وعودة حلب مكللة بالغار وما تبعها من جواهر نفيسة في عقد الانتصارات وتحرير المدن والقرى والبلدات والمناطق من دير الزور إلى الغوطتين والقنيطرة ودرعا يؤكد السوريون قولاً على بدء.. بأن سورية ستفشل كل المخططات العدوانية التي تستهدفها وبأن مشروع صانعي الإرهاب ورعاته لن يمر من وطن الأبجدية الأولى، وبأنهم لن يبخلوا بغالٍ ونفيس من أجل عودة كل شبر احتله الإرهاب، أو أي قوة أجنبية غازية محتلة، ولن يكون الجولان المحتل، ولواء اسكندرون السليب بمنأى عن تصميم السوريين في تحريرهما وإعادتهما إلى حضن الوطن عاجلاً وليس آجلاً.
التاريخ: الأحد 23-12-2018
الرقم: 16867