سئل الفيلسوف (جورج برناردشو ) يوماً : من المتفائل ؟ و من المتشائم ؟ فقال : المتفائل يرى ضوءاً و كل ما حوله ظلام … و المتشائم هو الذي يرى ظلاماً و كل ما حوله نور … التفاؤل و التشاؤم من الظواهر الشائعة في حياة الإنسان، وهما ظاهرتان لهما تأثير كبير على حياته سلباً أو إيجاباً ولا سيما لدى الشباب الذين سرعان ما يصاب بعضهم بالإحباط و اليأس عند أول عقبة تصادف الواحد منهم فتثنيه عن عزمه وتعطل جهده و يستسلم و لو مؤقتاً للأمر الواقع .
حيث تنتاب كل منا حالات من الضيق و الهم نتيجة ضغوطات الحياة و ما يتعرض له الإنسان من مشاكل و ضغط و تحمل لما يصيبه من أمور و صعوبات و لكل إنسان طريقته في مكافحة الغم فيغلب عليه التشاؤم و منهم من يكون عاقلا و حكيما فيغلب عليه التفاؤل و الأمل ..
و لما كان العمل و التفاؤل هما المصدران الاساسيان لتحقيق ما يريده الإنسان نجد أن التشاؤم هو العدو الأساسي للنجاح و العائق الأول لكل طموح و الحاجز الذي يقف عند كل أمل و رجاء .و في الحياة أشياء و أمور يتفاءل بها الإنسان و أشياء و أمور يتشاءم منها لا تكاد تقع تحت حصر ما …
هناك مثلاً من يتفاءل بصوت العصافير أو برؤية الحمام الأبيض أو بالنظر إلى السماء الصافية و هناك من يربي سلحفاة في منزله لتجلب له الخير و الحظ السعيد أو يعلق على جسمه أو يحتفظ بسيارته بتميمة تحقق له الغرض نفسه في اعتقاده و اشهر تميمة في هذا المجال هي الخرزة الزرقاء و هي في الأغلب رمز تسرب إلينا من اسطورة قديمة و طبعاً كلها اعتقادات خاطئة يرتاح اليها بعض الناس او اهتزت يده رغماً عنه فانسكب فنجان القهوة و الكثير من أمثال هذه المعتقدات الخاطئة ..
التفاؤل و التشاؤم مسألة ترجع إلى الفرد نفسه و إلى البيئة التي نشأ فيها و إلى طبيعة المجتمع و هناك من يتملكه التشاؤم و يركبه الهم إذا صادف قطة سوداء أو وقع الرقم 13 ضمن تعاملاته المالية أو الاجتماعية ،و هناك من يتوقع الشر لمجرد رؤيته غرابا او سمع صوت بومة تنعق أو ان اهتزت يده أو ان انكسر أو وقع شيئاً من يده و الكثير من أمثال هذه المعتقدات الخاطئة و العادات و التقاليد السائدة في ذلك المجتمع و هي حالة نفسية لها جذورها في اللاشعور و هذا ما يوضحه أستاذ علم الاجتماع قائلاً : علينا ألا نغالي في الاتجاه نحو التفاؤل أو ننساق إلى التشاؤم…
فالتشاؤم يصدر عن ضعف الثقة في النفس و المبالغة في الخوف من الفشل و عدم المغالاة في التفاؤل و أن تكون على ثقة بالله و قدرة كبيرة على التكيف و التعايش مع عوارض الحياة … فلا نخاف و نترقب المستقبل بوجل و رهبة … فالتفاؤل مادة النصر و عنوان النجاح في كل ميادين الحياة فالمجتمع الجديد تقوم دعائمه و امجاده على التفاؤل و المتشائم هو الذي يوجد العقبات أمام الفرص التي تسنح له فالأحمق يرى الضوء و لا يصدقه …
أما المتفائل فهو الذي يجعل من الصعاب فرصاً تغتنم و يرى روح التفاؤل قوة دافعة هائلة لها أثرها البعيد و المفعول الأكيد في النجاح و إعمال العقل و محاكاة الواقع . في الحياة و في التاريخ نرى تاريخ العظماء و المشاهير مروا بظروف قاسية و مريرة لكنهم تغلبوا عليها لا بل وجدوا من خلالها أساساً لانطلاقهم نحو المجد و النجاح . الحقيقة أن الفرق بين المتفائل و المتشائم كالفرق بين الناظر إلى النصف المملوء من الكأس و الناظر إلى الفارغ منه .
فهنا الكأس واحد و ممتلئ بالماء حتى نصفه لكن النظرة تختلف فهناك المتفائل الذي يرى الماء و هناك المتشائم الذي رأى النصف الفارغ فلماذا لا نكون متفائلين و ايجابيين و ننظر إلى النصف المملوء فالحياة لا تنتظر احدا و القادم يستحق أن نؤثر فيه لا أن يؤثر فينا لماذا لا نكون فاعلين لا منفعلين .. في الحياة علينا التكيف مع التغيرات و المفاجآت و لا نستسلم للعادات و التقاليد و أنماط السلوك لنحقق النجاح الذي يتأتى نتيجة التعلم و اكتساب الخبرة و التدريب وتغيير نمط حياتنا و الاستعداد و التهيؤ لمتطلبات و متغيرات أيامنا القادمة..
أيمن الحرفي
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876