عرض مسرحي للأطفال مازال يعرض على خشبة المسرح القومي في طرطوس.. ومن المفيد القول: إن المسرح القومي في طرطوس أكثر من فاعل وناشط، تكاد خشبته لا تفرغ من جانب ثقافي يغني هذا الاختصاص..ويمكن القول أيضاً: إننا بحاجة إلى هكذا ملتقيات ترتقي بمجتمعنا السوري، لتصل به إلى حال نوعي يسمو بوطنيتنا ويوحد في توجهاتها..
أعد نص « سمسم والخفافيش » المخرج مجد مغامس.. تناول فيه عنصر التشويق الحكائي، كمادة ترتبط بالعلاقة النفسية للإنسان، وهذا منطق لاشك فيه، يشير إلى أساطير وحكايات ما تزال مؤثرة وفاعلة في حياة الشعوب..كالإلياذة والأوديسة لشاعر اليونان هوميروس،ملحمة جلجامش السورية التاريخية، وغير ذلك من أساطير القوى والخوارق وغرائب الأشكال.. « دراكولا، العفاريت والجان أمثلة ».. ورغم التطور العلمي والتقني الحضاري الذي يتعامل مع المنطق والعقل، مازلنا نرى المجتمعات تزرع بعض هذه الحكايات في عقول صغارها، لتحافظ على إرث اجتماعي تنتعش به الذاكرة الوطنية..فالعقل الجمعي الاجتماعي لا يحتاج إلى قرار ناظم..هو ذاكرة وضمير ومعنى، إنه التراث الذي لا تعرف الشعوب له مصدراً أكيداً..
هذه التوطئة مدخل إلى صلب العرض المسرحي سمسم والخفافيش، الذي تمكن من تبسيط حكايتين شهيرتين في التراث العربي « حكاية علي بابا والأربعين حرامي..وحكاية شهرزاد مع شهريار الملك « وفي كلا الحالتين لعب المخرج على عنصر التشويق، خاصة موضوع التوظيف الحكائي الذي لعبت عليه شهرزاد لتنجو من بطش شهريار الملك..والحكاية أشهر من سردها واستعراضها في هذا المقال..لكن الجميل أنها أحدثت أثراً اجتماعياً فاعلاً في جمهور الصالة – من الأطفال وأوليائهم – الذين كانوا في صحبتهم..خاصة وأن رهبة المسرح الإدهاشية كانت حاضرة دون خوف أو تخويف، بعدما سيطر عنصر الفكاهة المرحة على مسارات العرض، بفعل مشاهد مثلت لسان الراوي (الدجاجة وثعلوب)، ما أعطى بقية مقاطع العرض تسلسلاً حكائياً، وحيوية عكست نفسها على مجتمع الصالة، وكان من كافة الأعمار..وذلك بفعل تقانة واصلت بين المعاني وتطبيقاتها الاجتماعية في محاربة الشر وقوى الظلام من جانب ، وانتصارها للخير وما يترتب على وجوده من سعادة اجتماعية واستقرار من جانب آخر..خاصة وأن ديكور المكان من – المغارة إلى البيوت- تركه المخرج مكشوفاً فتحققت غاية الألفة مع المجتمع العمري للصغار..ومثلها كانت الإضاءة وافية ومتلازمة مع الغرض دون إسراف وإقحام لا معنى لهما أو يؤثران سلباً في تركيبة السرد الحكائي..
ولعل السؤال التالي هو مشكلة المشكلات في كل عمل مسرحي: من يقيم من؟ هل الممثل يساعد النص ويرتقي به..؟ أم إن النص هو الذي يفتح الأبواب الحيوية لمساعدة الممثلين في نجاحهم..؟ لقد نجح المخرج في حراكات العمل التمثيلية فكانت جميع الأدوار متقنة وحيوية، مع وجود ممثل مخضرم وقدير « الأستاذ نصر مغامس» للوصول إلى غاية العرض الأساس، نهاية الخير السعيدة.
ولعل السؤال التالي هو مشكلة المشكلات في كل عمل مسرحي: من يقيم من؟ هل الممثل يساعد النص ويرتقي به..؟ أم ان النص هو الذي يفتح الأبواب الحيوية لمساعدة الممثلين في نجاحهم..؟ لقد نجح المخرج في حراكات العرض التمثيلية فكانت جميع الأدوار متقنة وحيوية، مع وجود ضيف شرف مخضرم وقدير « الأستاذ نصر مغامس» للوصول إلى غاية العرض الأساس، مع نهاية الخير السعيدة… وبوجود جيل من الشباب : مريم زمام، عادل ديب، لؤي عمران، جاك عاقل، هبا عباس، زينة معمو..
في خاتمة هذا المطاف نقول: إن مجتمعنا السوري يحتاج إلى إعادة لحمته عن طريق برامج اجتماعية ثقافية مدروسة ..نعم هو الطريق الأجدى في ترسيخ قيم حضارية لا يمكن اختراقها مستقبلاً…
دائرة المجتمع
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876