يقدم الكتاب الذي حمل عنوان «مملكة ماري، أصل الأبجدية» بالكلمة والصورة لوحة حية تنهض من تحت الأنقاض للمملكة أوغاريت السورية ويبرز دورها الريادي الفاعل في العالم القديم وتأثيرها الحضاري الذي تجلى في رائعتها «أبجدية أوغاريت»
التي وضعت الترتيب الألفبائي للغات العالم الحية ورسمت حروفها الشكل الذي طورت منه لغات العالم أشكال حروفها.
كما تعتمد مادة الكتاب على أعمال التنقيبات السورية الفرنسية منذ عام 1927 وتعرض أهم مكتشفاتها، ويعد الكتاب سفرا تاريخيا يشهد على عظمة حضارتنا ودورها المدني الذي لم تستطع آلة الحرب الهمجية أن تخفيه إلى الأبد.
وأوغاريت حكاية شعب أراد الحياة فعمل لتكون له مكانته بين مختلف القوى السياسية السائدة آنذاك في المنطقة فأتقن عدة لغات للتواصل مع مختلف الفئات واستقطب بمهاراته الحرفية أنظار كثيرين.
وجاء هذا الكتاب ليوثق كل مظاهر الحياة في أوغاريت الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والفنية، ليكون خير معجم يرد على كل تساؤل ببرهان قاطع مصور، ولا يقتصر على مقتنيات متاحف سورية فقط، بل أهم متاحف فرنسا.
وقد اجتمع على تأليفه 45 باحثا سوريا وفرنسيا لخصوا 75 عاما من التنقيب والبحث العلمي في هذه المدينة الحية بكل عفوية، في محاولة للبعثة الأثرية في رأس شمرا أن تعيد تدريجيا إلى العالم مملكة أوغاريت الكنعانية الأسطورية.
والكتاب الذي يقع في 292 صفحة من القطع الكبير قام على تأليفه مجموعة من الباحثين، ترجمة يمام بشور يقسم إلى عناوين هامة منها» مملكة أوغاريت، تاريخ التنقيبات، الكتابات والنصوص، العلاقات الدولية، القصر والسلطة الملكية ومنه نقتطف:
«الأثاث الذي عثر عليه في قصر أوغاريت، هذا الصرح عظيم الثراء بنصوص العهود القديمة، يشكل مصدرا استثنائيا للتوثيق من أجل فهم حضارة القصور في المشرق في العصر البرونزي الحديث».
ومن العناوين الهامة في الكتاب «الفن والصناعة الحرفية، الحياة في عاصمة أوغاريت، العبادات والمعتقدات..» وجاء في الحديث عن الموسيقا «أن أوغاريت مهمة بالنسبة لتاريخ الموسيقا القديمة.. وقد أعطت أنموذجا نادرا لنوطة موسيقية مدونة» كتالوج 338 «سلم أنغام بابلي..».
والكتاب من منشورات الهيئة العامة السورية للكتاب للعام 2018 ضمن المشروع الوطني للترجمة، ويبين د. تمام فاكوش في معرض الكتاب أن المديرية العامة للآثار والمتاحف في سورية تتحمل مسؤولية الحفاظ على هذه الثروة الثقافية الضخمة، وقد نظمت عدة معارض أثرية في الخارج بغية إرسال صداقة إلى جميع الشعوب، ومعرض أوغاريت أصل الأبجدية المنظم في متحف الفنون الجميلة في ليون وضمن الاحتفال بالذكرى السنوية الخامسة والسبعين للتنقيبات الأولى في موقع رأس شمرا، يشكل شهادة على الإبداع الإنساني ورسالة صداقة بين الشعوب.
والكتاب غني بالصور التي تبين مدى تقدم وتطور هذه المدينة من النواحي كافة التجارية والاقتصادية والفنية والهندسية مايؤكد دورها الحضاري العريق في تطور البشرية بما أهدته للعالم من تراث قل نظيره.
فاتن أحمد دعبول
التاريخ: الجمعة 4-1-2019
الرقم: 16876