تعد مشكلة نقص العمالة أحد أبرز التحديات التي تواجه عملية الإصلاح، حيث تشير المعطيات إلى النقص الحاد باليد العاملة في معظم مؤسسات وشركات القطاع العام، ومنها شركة مرفأ اللاذقية وشركة التوكيلات الملاحية ومرفأ طرطوس، حيث وصل عدد الشواغر في شركة مرفأ اللاذقية إلى ما يقارب 1300 عامل، ولم يتم إجراء مسابقة منذ أكثر من عشر سنوات، الأمر الذي يعرقل القيام بالأعمال المطلوبة لتحقيق الإنتاجية وجلب الإيرادات وتنفيذ المهام المطلوبة.
وطبعاً هذا الأمر ينسحب على الكثير من المؤسسات والشركات كالغزل والنسيج والمخابز والصناعات المعدنية وغيرها. وذلك نتيجة تسرب عدد كبير من العاملين بطرق مختلفة كالاستقالة، ونهاية الخدمة، أو الوفاة، والمرض والإصابات، والنزوح من منطقة لأخرى والهجرة، وضعف الرواتب والأجور، إضافة لاستقطاب الكثير من الخبرات والكفاءات المؤهلة والمدربة من قبل القطاع الخاص، الأمر الذي حدا بالكثيرين لترك العمل.
عملية إعادة الإعمار تتطلب ركيزة أساسية وهي استثمار العنصر البشري كونه غاية الحياة والمنطلق الأساسي لأي عملية تنموية، وهذا يتطلب تحديد حاجات سوق العمل المستقبلية وربط مخرجات التعليم بتلك الحاجات، وبنفس الوقت العمل على التدريب والتأهيل لزيادة المهارات وإحداث فرص عمل من خلال المشاريع الجديدة وتطوير المشاريع القائمة لتحقيق معدلات نمو مرتفعة لتحسين الواقع المعيشي.
من هذا المنطلق يجب الإسراع بإصدار الأنظمة الداخلية والملاكات العددية للشركات وتحديد احتياجاتها، وإملاء الشواغر وإجراء المسابقات لسد النقص كونها باتت مطلباً أساسياً وليس ترفاً، وتطوير الموارد البشرية والاختيار السليم لإدارات كفوءة لمواكبة التطورات والمتغيرات الحاصلة، بالإضافة لضرورة إصدار القوانين والتشريعات الخاصة بالعمل والعمال بعد تعديلها وتطويرها بما يخدم مصلحة العامل ويحافظ على حقوقه ومكتسباته، ويأتي في مقدمة تلك القوانين قانون العاملين الأساسي، وقانون التنظيم النقابي، والتأمينات الاجتماعية، والقانون رقم 17.
إن التعافي الاقتصادي ومواكبة التطور في المستقبل يستلزم وجود عمال مهرة يديرون الآلات ولديهم القدرة على الإنتاجية العالية وهذا يستدعي إيجاد رؤية لتعويض وترميم الشواغر من خلال العودة لسياسة الالتزام بخريجي المعاهد الفنية والمهنية، ورفع نسب الحوافز والتعويضات وطبيعة العمل لتتناسب مع حجم العمل المنجز.
بســـام زيــــود
التاريخ: الأربعاء 9-1-2019
رقم العدد : 16880