كثيرة هي الاعمال التي تناولت تبعات الأزمة، وصورت هموماً وآلاماً حاصرت الناس، فالحرب التي فرضت على السوريين، فاقت قسوتها التصور، وحاول الفن السوري أن يكون الصورة الصادقة
الى جانب الرؤيا الناضجة القادرة على الدفاع عن أفكار تحارب التطرف ، ومن تلك الاعمال كان (لكمات متقاطعة) إخراج علي شاهين ، تأليف سامر سلمان ، بطولة : زهير رمضان، زهير عبد الكريم ، اندريه سكاف، جمال العلي، غادة بشور، هناء نصور تولاي هارون، فاروق الجمعات، عبد الفتاح مزين، حسام عيد .. وإنتاج مديرية الانتاج في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون .
الكوميديا الناقدة
حول العمل وأسلوبه كان لنا اللقاءات التالية والبداية مع المخرج علي شاهين الذي قال : نركز على الأزمة وانعكاساتها في المجتمع السوري بأسلوب الكوميديا الناقدة الساخرة، ويعتمد العمل على اللوحات المتصلة المنفصلة الناقدة التي تمر على الجانب الوطني والسياسي والاجتماعي وجوانب حياتية كثيرة ، كما يسلط العمل الضوء على أناس استغلوا الأزمة . ويعتبر (لكمات متقاطعة) استمرار لعمل (تنذكر ما تنعاد) ، ويمكن القول أن غالبية أعمالي تحمل نفحة كوميدية، تتضمن العمق وأبعاداً تبتعد عن السطحية، إذ تركز على هموم الناس ومشكلاتهم، فكل قصة قدمتها كانت قريبة من المشاهد، وسبق لي اخراج العديد من الاعمال معتمدا على نفس الأسلوب، حيث أقدم الفكرة في إطار الكوميديا الناقدة البعيدة عن التهريج، والتي تحترم عقل المشاهد وتقدم الافكار القيمة، فالكوميديا فن صعب وهو السهل الممتنع، الذي يمكنه إيصال الفكرة بأسلوب محبب ، وقد كانت أسلوب عملي الأخير (لكمات متقاطعة) .
وحول محاور العمل يقول : يمر عملنا على قضايا عديدة منها تعرية الافكار المتحجرة لداعش، وكيف أنهم يقترفون موبقات لا تعد ولا تحصى تحت عنوان الدين ، أيضا يعالج أزمات عانى منها الانسان السوري كأزمة الغلاء، المازوت ، أزمة الكهرباء، الازمة المادية وغيرها ، ويطرح العمل حالات كثيرة حول تجار الازمة الذين استغلوا حاجة الناس .. فأسلوب العمل بحد ذاته، يساعد على طرح قضايا عديدة، وقد سلط الضوء على جوانب حياتية واسعة، كما قدم حالات كثيرة عن تضحية الجيش العربي السوري وبطولاته فهو سبب وجودنا وسبب استمررنا، وقد تناولها العمل بمشاهد معطرة ، فلا يمكننا أن نغمض أعيننا عن فضلهم العظيم على الوطن والناس ، وإن كان لا يمكننا ان نفيه حقه مهما تحدثنا عنه، ولا يمكننا أن نرتقي الى مستوى الجيش العربي السوري وعطائه حماه الله .
أبعاد وطنية
وتحدث كاتب العمل سامر سلمان قائلاً : يحمل العمل نوعاً من الاستمرارية لعمل (تنذكر ما تنعاد) وهو مجموعة لوحات، تحاول أن تلخص مجمل ما يحدث في الشارع السوري من خلال رؤية لها أبعادها الوطنية، كما يركز على مسالة تسخيف العقل الداعشي، وبصراحة أقول إنه بعد كل ما قدمته سورية من تضحيات جسيمة وشهداء من أجل محاربة الارهاب وفكره الداعشي، هناك من يخرج ويحاول احياء هذا الفكر المتعصب بشكل واضح ومن الخطأ بمكان أن نتجاهل ذلك فعلينا أن نطرح ونعالج ونفضح هذا الفكر الأسود، ومسؤولية علينا محاربة أفكاره، لأن سورية دفعت الضريبة غاليا، إذ دفعت دماء الأبناء من أجل دحر الإرهاب وفكره، مما يتوجب محاربته أيضا بكافة الوسائل الثقافية، فنحن بأمس الحاجه الى تعريته وفضحه ثقافيا، وبأمس الحاجة لأن نتلمس أوجاعنا، ونضع يدنا على الخلل، حتى نسلط الضوء على كل ماله علاقة بإيجاد الحلول، من هنا يأتي دور الكاتب وثقافته في الكشف عن هذا الجانب وتقديمه بالأسلوب الصحيح القادر على التأثير، فالكاتب هو الانسان الأكثر قدرة على تلمس حياة الناس وهمومهم، وعلى الدراما أن تكون مرآة المجتمع، كي يمكنها أن تقوم بدورها، وتتحدث بخطاب جامع، لان طروحاتها وعلاقتها بالوعي الجمعي وهموم الناس مباشرة .
وحول أسلوب معالجة الأفكار يقول : تمسكنا بأسلوب الكوميديا عبر العمل عن قصد، فنحن بأمس الحاجة الى صنع الضحكة على وجوه عانت لأكثر من ثماني سنوات من الحرب، وعاشت آلام وأوجاع، فالكوميديا أرقى أنواع الدراما كما أنها دفاع حقيقي عن قضايانا وأنفسنا، فعلينا أن نشارك في حماية الوطن بالدراما والإعلام والفكر النظيف، محاولين إصلاح ذلك الخراب الكبير، الذي لحق بنا في كل الاتجاهات، وعلينا أن نحارب بقايا الفكر الداعشي المتخلف ، دون أن ننسى ضرورة محاربة الفساد ، وقد حمل العمل بين سطوره العديد من القضايا التي تتحدث عنه بجرأة .
آنا عزيز الخضر
التاريخ: الأربعاء 9-1-2019
رقم العدد : 16880