بين جيل الحاضر و الماضي.. الاحترام إلى أين؟

بعد كثير من إيماءات الرأس الناهية ، و النظرات التحذيرية و سيل من التنبيهات اللفظية بين الحين و الآخر « لا تقوموا لحدا « ، و كأنها معلمة تعطيهم درسا عمليا على أرض الواقع ، تشبث أطفالها الأربعة بمقاعدهم في باص للنقل الداخلي في ذروة ازدحام المواصلات غير آبهين بمسنين يتأرجحون جيئة و ذهابا ، و يتألمون من وقوف طويل لا يلائم هشاشة و شيخوخة أجسادهم ، بين الحين و الآخر يلقون بكل برود نظرة متابعة مستهترة لمشهد بائس من الازدحام في الحافلة ، ثم ينصرفون إلى ألعابهم المفضلة على هواتفهم الذكية ، مسترخين على مقاعدهم غير مبالين بسيدة حامل ، أو من تلقي على صدرها طفل يصرخ باكيا ، و لا بفتاة قد تم حشرها رغما عنها وسط تراكم بشري دون مراعاة لذوق و أخلاق .
تصرفات صادمة
من جيل إلى جيل نرى مزيدا من التبدلات و التغييرات الملحوظة في السلوك الاجتماعي و الشخصي ، ينذرنا بمزيد من الانهيارات الأخلاقية المفزعة ، و يقرع ناقوس التحذير من جيل ناشئ يصدمنا بتصرفاته المتمردة المناقضة لقواعد الاحترام و الاحساس بالمسؤولية و مراعاة شعور الآخرين ، و التقيد بأصول التعامل مع أفراد العائلة و التواصل الاجتماعي اللائق مع المحيط .
جيل آخر زمن!!
أحد كبار السن الذي اضطر للجلوس على أرض الباص عند أقدام شاب عشريني منهمك في محادثة واتساب غير مبال بمن أنهكه كبر العمر و الوقوف ، كان يكلم نفسه هامسا متمتما « هادا جيل آخر زمن بياكل ما بيشبع بتاحكيه ما بيسمع بتعطيعه ما بيقنع تبعثه بيروح ما بيرجع « ثم أردف بصوت أعلى « وين الاحترام «.
إحدى السيدات اضطرها تأخر الوقت و الانتظار الطويل لتصعد في أحد السرافيس حاشرة نفسها رغم عدم وجود مقعد فارغ و لكنها كانت تأمل أن ينهض صبي على ما يبدو في الثالثة عشرة من عمره، و لكنها بعد ترج منها رفض رفضا قاطعا ، بشكل أثار استغراب الركاب ، و هي تقول له «بترجاك اعتبرني أمك»، و أردفت بالقول « شو هالترباية و قلة احترام الكبار شو هالجيل « .
تمرد و عناد
مواقف حياتية كثيرة تعكس تمردا و عنادا و مشاكسة و قلة احترام و عدم احساس بالمسؤولية و لا مبالاة.. تجعلنا نتساءل لماذا تغيرت منظومة القيم بين الجيل السابق و الجيل الحاضر ، و لماذا هذا البون الشاسع في السلوكيات و أنماط الاستجابة ؟
توجيه للقيم الصالحة
يرى الاختصاصيون التربويون أن للأهل دورا كبيرا في بناء القيم و السلوك لدى ابنائهم ، و إن أي مشكلة عند الأهل في هذا الموضوع سيؤثر على سلوك الأبناء ، و قد يؤدي إلى انحرافات في القيم و الأخلاق بما لا تحمد عقباه ، فعلى الأهل القيام بالتوجيه السليم في اتجاه القيم الصحيحة .
قدوة صالحة للاحترام
كما إن على الأهل و المربين أن يكونوا قدوة صالحة و أسوة حسنة في سلوكياتهم و تصرفاتهم ، حيث يعتبر الاحترام من أهم الاتجاهات الخلقية التي يجب مراعاتها ، و بمرور الأعوام لا ينحصر الاحترام للأشخاص فقظ، بل سينتقل إلى المثل و المبادئ و القيم الروحية ، و إن التربية القائمة على الاحترام لا يتعارض مع استقلالية شخصية النشئ، فالشخص الذي يحترم نفسه يحترم الآخرين، و إلا فإن الأنانية القائمة على حب الذات ، وبالتالي قلة احترام الآخرين و عدم مراعاة ظروفهم .
أبناء التكنولوجيا
ان تقديس الجيل الماضي و وضع جيل الحاضر في قفص الاتهام، يرجع إلى بركان من التغيرات الاجتماعية و التكنولوجية المتواترة، و التي أدت إلى تكوين نظام جديد من المفاهيم و الأفكار و القيم ، بشكليختلف عن التقليدي، و بين جيل تربى من قبل الأهل و المربين ، وجيل حاضر ابن التكنولوجيا و سيكون البون شاسع حقا .

 

منال السماك
التاريخ: الاثنين 14-1-2019
الرقم: 16884

 

آخر الأخبار
بمشاركة سورية.. انطلاق فعاليات المؤتمر الوزاري الرابع حول المرأة والأمن والسلم في جامعة الدول العربي... موضوع “تدقيق العقود والتصديق عليها” بين أخذ ورد في مجلس الوزراء.. الدكتور الجلالي: معالجة جذر إشكالي... بري: أحبطنا مفاعيل العدوان الإسرائيلي ونطوي لحظة تاريخية هي الأخطر على لبنان عناوين الصحف العالمية 27/11/2024 قانون يُجيز تعيين الخريجين الجامعيين الأوائل في وزارة التربية (مدرسين أو معلمي صف) دون مسابقة تفقد معبر العريضة بعد تعرضه لعدوان إسرائيلي الرئيس الأسد يصدر قانوناً بإحداث جامعة “اللاهوت المسيحي والدراسات الدينية والفلسفية” الرئيس الأسد يصدر قانون إحداث وزارة “التربية والتعليم” تحل بدلاً من الوزارة المحدثة عام 1944 هل ثمة وجه لاستنجاد نتنياهو بـ "دريفوس"؟ القوات الروسية تدمر معقلاً أوكرانياً في دونيتسك وتسقط 39 مسيرة الاستخبارات الروسية: الأنغلوسكسونيون يدفعون كييف للإرهاب النووي ناريشكين: قاعدة التنف تحولت إلى مصنع لإنتاج المسلحين الخاضعين للغرب الصين رداً على تهديدات ترامب: لا يوجد رابح في الحروب التجارية "ذا انترسبت": يجب محاكمة الولايات المتحدة على جرائمها أفضل عرض سريري بمؤتمر الجمعية الأمريكية للقدم السكرية في لوس أنجلوس لمستشفى دمشق الوزير المنجد: قانون التجارة الداخلية نقطة الانطلاق لتعديل بقية القوانين 7455 طناً الأقطان المستلمة  في محلجي العاصي ومحردة هطولات مطرية متفرقة في أغلب المحافظات إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم