يراكم المشهد أحداثه المتدحرجة لحظة بعد لحظة إثر التطورات والتحولات الميدانية التي تنتج بدورها انزياحات في المواقف والقراءات وردود الفعل التي من شأنها أن تخلط تفاصيل المشهد، وفي أحيان كثيرة تعيد تشكيل وصياغة الكثير من العناوين الرخوة واللينة وغير المتماسكة التي كان البعض حتى وقت قريب يراهن عليها ويحتمي خلفها، فيما تبقى العناوين المتجذرة صلبة وثابتة في عمق الواقع، ولعل من المؤكد أن أبرز تلك العناوين هو انتصار الدولة السورية وامتلاكها الكامل لزمام المبادرة في الميدان بعد سحقها معظم المجاميع الإرهابية وانهيار ما تبقى منها في بعض الجيوب الجغرافية الصغيرة.
كل التصريحات والمواقف السياسية والميدانية التي اندفعت الى السطح خلال الأيام القليلة الماضية من قبل أطراف الإرهاب، خصوصاً العدوان الإسرائيلي الأخير والتهديدات المترافقة بشن اعتداءات جديدة على سورية والتي باتت متناغمة بين تلك الاطراف، هي جزء من إستراتيجية تغيير الاشتباك وخلط الأوراق والإطاحة بكل العناوين التي أضحت تحكم صيرورة الأحداث، خصوصا أن تلك الإستراتيجية أصحبت حثيثة وهستيرية بعيد القرار الأميركي بالانسحاب من سورية في المنظور القريب.
بحسب إرهاصات الأيام الماضية تبدو مخاضات المشهد برغم صعوبتها وتعسرها الشديد أمراً طبيعيا بل ومتوقعا أيضاً، ذلك أن كل ما يحصل على الأرض من قبل معسكر العدوان على سورية هو جزء من تلك المخاضات بعد أن أيقنت أطراف الإرهاب أنها باتت بحكم المهزومة في ظل انهيار واندحار التنظيمات الإرهابية، ومعها تبدد وتلاشي الأوهام والطموحات التي كانت تغذي وتحرك شراهة البعض نحو الإرهاب أو نحو الانسياق الأعمى وراء الأميركي.
العنوان الثابت والصانع لكل المواقف والسياسات والانزياحات هو الموقف السوري بقرار دمشق الواضح والحاسم في المضي قدما بمحاربة الإرهاب حتى تطهير كامل الجغرافيا السورية من كل من دنسها ونجسها ومن كل من حاول أن يقتل شعبها وحضارتها ومستقبل أبنائها.
فؤاد الوادي
التاريخ: الثلاثاء 15-1-2019
الرقم: 16885