محمد عضيمة.. ومرافىء الغد.. بحثــاً عــن الحيــاة والحداثــــة والكائــــن العاقــــل..

يدهشك الشاعر والمفكر محمد عضيمة منذ اللحظة الأولى التي تقرأ فيها له, نصا أم مقالا أم كتابا, حداثة اللحظة التي تعني الحياة, والقدرة على توظيف العادي ليكون مصدرا للجمال, والقدرة, بل البراعة على أن يشدك إلى حيث يريد, يضيء لك دروبا تراها أمامك, لكنك لم تفكر لحظة واحدة أن تقرأها بغير ما تبدو عليه ظاهريا, لم نمعن في التقاط المعنى الكامن وراء حجب قد لاتكون سميكة وربما تكون شفافة, وكأننا نبحث عن شيء ما في منطقة ليس فيها, شدتنا إلى المكان إغراءات البحث لأنها هنا لينة سهلة.
لكن ماذا لوجربنا فعلاً أن نفعل غير ما اعتدنا عليه, هذا ما يعمل عليه محمد عضيمة منذ مشروعه الثقافي الأول, وهو مشروع متكامل في المشهد الشعري والقراءات النقدية, ومن ثم الاختيارات التي قدمها وعمل عليها منذ زمن طويل, منذ عام 2003 م بدأت بقراءة الكثير مما قدّمه الشاعر عضيمة, وجله صادر عن دار التكوين بدمشق, كانت المجموعة الأولى التي وقعت بين يدي حينذاك (لا, لا لن اعود إلى البيت, وربما كان لي منها حينذاك موقف حاد وقاس عبرت عنه كتابة, وظننت أنه (الموقف) سوف يجعل الشاعر يستشيط غضباً مني, لكني حين التقيته عند الشاعر سامي أحمد كان الأمر مختلفا تماما, قال هذا: رأيك ولن يزعجني عبّر عنه كما تريد.
لم أقتنع حينذاك بكل ما مضى إليه في المجموعة المذكورة, ولكن تتبعي للكثير مما قدمه خلال السنوات الماضية, اضاء لي على الكثير من النقاط والمحطات التي تجعلني أشعر أن الانطباع الأول, أو القراءة ألاولى لم تكن كافية, ولايمكن من خلالها الحكم على مشروع ثقافي يتكامل يوماً تلو الآخر.
الشاعر محمد عضيمة على الرغم من وجوده في بلد التقنيات والابتكارات (اليابان) مازال مشدودا إلى الأصالة التي تعني الحياة, ومازالت دمشق صيفه وربيعه وسورية الأم خزانه الأكبر, والتراث العربي النقي محطة للاصالة والحداثة, مرافىء يتوق الانطلاق منها, أو الوصول اليها من قبلنا جميعاً, لتجدد البحار, كتابه الجديد الذي صدر عن دار التكوين بدمشق وحمل عنوان:سورية أو مرافىء الموت, ليس عاديا بكل ما فيه, سفر من أسفار البوح الذي يغريك ببساطة لغته وقوتها أن تكون حيث لا تتوقع أن تكون, يمضي بنا إلى تخوم معرفية جديدة, يبحث عن لغة لم تفرط من كثرة الاستخدام،
يسأل: هل يقتلون من شدة حبهم لله, او من شدة الغيرة عليه؟ هل نظل مؤمنين حقا وفي الطريق إلى الجنة, عندما نمارس القتل باسمه أو باسم غيره؟
كلام بلا معنى, وكأنك تريد القول أيضا الحقد والحب وجهان لعملة واحدة, على طريقة الحياة والموت, اخرج من هذه الثنائية…طوفان الموت مرافىء وصول الموتى أو مرافىء وصول الامواج قل ما شئت..
أما عن المرايا التي يعرفون كيف يصقولونها: يمنع عليك أن تعي من أنت أو كيف شكل وجهك بمفردك, على المرآة يمنع عليك إلا من خلال الآخرين, فهم سيقولون لك ما طولك, وما لون وجهك وعينيك, تعرف على المرء أولا في المرآة ثم قدمها للآخرين, لن يعرفوا من أنت إلا عندما تعرف أنت من انت…
وحين تقرأ الكثير من الافعال العدوانية بلغة الواق يصل الى الحقيقة المرة:لايوجد اميركي لم يكن يعرف الاسباب الحقيقية لوصول جيشه الى العراق, والجميع كانوا يدركون انهم انتخبوا من انتخبوا كي يذهب الى هناك وغير هناك في العالم..ويعود بعد ذلك لهم بالكنوز والغنائم و لايوجد اوروبي واحد لايعرف اسباب غزو ليبيا وتدميرها..هذه الشعوب المثقفة تسطو على الشعوب الجاهلة المتخلفة, عوض عن ان تساعدها على النهوض لكن اليس هذا ما يفعله المثقفون عادة حيثما تواجدوا أي استخدام الثقافة من اجل الوصول ثم الغزو والسيطرة؟
محمد عضيمة لم يعد إلى البيت لكنه بنى بيتا آخر مختلفا, ربما أسس له, رفع القواعد, صممه حداثياً من أجل أن يبقى يرتفع, هل يمضي وحيداً عكس التيار المخاتل الذي يريدون له ان يجرفنا…نتمنى ان يصل ولو بعد حين ويده مملوءة بالاصابع, بفعل الحياة لا الموت.
دائرة الثقافة
التاريخ: الأربعاء 16-1-2019
رقم العدد : 16886

آخر الأخبار
افتتاح أول فرن مدعوم في سراقب لتحسين واقع المعيشة " التنمية الإدارية" تُشكل لجنة لصياغة مشروع الخدمة المدنية خلال 45 يومًا تسويق  72 ألف طن من الأقماح بالغاب خطوط نقل جديدة لتخديم  5  أحياء في مدينة حماة مستجدات الذكاء الاصطناعي والعلاجات بمؤتمر كلية الطب البشري باللاذقية تحضيرات اللجنة العليا للانتخابات في طرطوس الوزير الشيباني يبحث مع رئيسة البعثة الفنلندية العلاقات الثنائية تناقص مياه حمص من 130 إلى 80 ألف م3 باليوم تحضيرات موتكس خريف وشتاء 2025 في غرفة صناعة دمشق وزارة الخزانة الأمريكية تصدر الترخيص 25 الخاص بسوريا .. رفع العقوبات وفرص استثمارية جديدة وتسهيلات ب... مجلس الأمن يمدد ولاية قوة "أوندوف" في الجولان السوري المحتل إعلام أميركي: ترامب يوقع اليوم أمراً تنفيذياً لتخفيف العقوبات على سوريا عودة مستودعات " الديسني" المركزية بريف بانياس تكريم الأوائل من طلبة التعليم الشرعي في التل انعكس على الأسعار.. تحسن قيمة الليرة السورية أمام الدولار "الاقتصاد".. منع استيراد السيارات المستعملة لعدم توافق بعضها مع المعايير ١٥ حريقاً اليوم ..و فرق الإطفاء في سباق مع الزمن لوقف النيران الشيباني يبحث مع وفد من“الهجرة الدولية” دعم النازحين وتعزيز التعاون "السودان، تذكّر" فيلم موسيقي عن الثورة والشعر ٥٢ شركة مشاركة... معرض الأحذية والمنتجات الجلدية ينطلق في حلب