سقف المطالب يرتفع.. وفرنسا تلتهب مجدداً.. «السترات الصفراء» ترد على حوار ماكرون العبثي بسبت غضب عاشر
لم تنفع دعوة «الحوار الوطني» التي أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في تبديد غضب الفرنسيين، أو احتواء تظاهراتهم الاحتجاجية، فجاء السبت العاشر يوم أمس بمثابة الرد العملي على عملية الحوار التي استبقها الفرنسيون بالتشكيك في جدواها في ظل إصرار ماكرون على تجاهل المطالب المشروعة للمحتجين، وخاصة أن العديد من قيادات «السترات الصفراء» كانوا قد أكدوا تصميمهم على النزول إلى الساحات، مشيرين إلى أن النقاش الحقيقي «يجري في الشارع»، الأمر الذي يدل على فقدان ماكرون لثقة شعبه.
وفي أول حراك بعد انطلاق الحوار بدأت حركة «السترات الصفر» في فرنسا الفصل العاشر من التظاهرات أمس ضد الحكومة الفرنسية، شهدت العاصمة باريس تظاهرات تمت الدعوة إليها عبر صفحات الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وأُعلن عن تجمعات أخرى في مدن فرنسية أخرى مثل بوردو ومارسيليا وتولوز وسانت إتيان وروان.
وقد شهدت مظاهرات السبت العاشر حالة من الغضب تجاه القمع الذي تمارسه الشرطة الفرنسية بحق المحتجين حيث حمل بعض المتظاهرين في باريس وروداً تكريماً لمن قتل وأصيب منذ بداية حركة الاحتجاج في الـ17 من تشرين الثاني الماضي والتي قضى خلالها عشرة أشخاص وأصيب أكثر من ألفين.
ورفع المتظاهرون شعارات ضد الحكومة من بينها «القمع مستمر» و»الجمهورية معطلة»، كما هتفوا «باريس قومي وانتفضي»، و»السلطة للشعب.. وداعاً للديكتاتوريين».
وذكرت (أ ف ب) أن المتظاهرين الذين تجمعوا في جادة الشانزليزيه نقطة التجمع الرئيسية في باريس رددوا هتافات من بينها (ماكرون استقل) فيما قالت إحدى المتظاهرات صوفي تيسييه إن ماكرون لا يسمع ولا يفهم شيئاً مما يحدث ونحاول أن نجعله يفتح عينيه.
وفي إطار سياسة القمع المتواصلة ضد المحتجين، اعتقلت الشرطة الفرنسية أمس 12 شخصاً من ناشطي حركة «السترات الصفراء»، ونقلت وكالة فرانس برس عن مصدر أمني قوله إنه تم تسجيل 12 حالة توقيف حتى الآن، مشيراً إلى أن السلطات نشرت نحو 80 ألف شرطي في فرنسا بينهم خمسة آلاف في العاصمة باريس.
ودعا منظمو احتجاجات العاصمة المشاركين أمس إلى جلب (زهرة أو شمعة تكريماً لمن مات أو أصيب من أجل القضية) منذ بداية حركة الاحتجاج في الـ 17 من تشرين الثاني الماضي حيث جاءت هذه الدعوة الجديدة في نوعها بباريس بعد أسبوع شهد جدلاً كبيراً حول استخدام الشرطة بنادق الكرات الوامضة التي تتفتت عند ارتطامها بالهدف علماً أن فرنسا هي من الدول الأوروبية القليلة جداً التي تستخدم هذا السلاح ولا سيما أنه يسبب إصابات خطرة بين المتظاهرين.
سيدة فرنسية تدعى سيندي بيزياد قالت ردا على قمع الشرطة أنها لن تسامح الشرطة الفرنسية على عملها الوحشي والمتعمد بحق زوجها حيث قامت بإطلاق النار ببنادق الكرات الوامضة على رأسه في بوردو بجنوب غرب فرنسا ليبقى أوليفييه الإطفائي المتطوع في بازاس والأب لثلاثة أولاد فاقداً للوعي أياماً عدة قبل أن يصحو من غيبوبته الخميس الماضي.
وأوضحت الزوجة أن الأمور كانت تسير بشكل جيد السبت الماضي خلال التظاهرة في بوردو وقالت: كنا نسير جميعاً في جادة سانت كاترين التجارية المخصصة للمشاة في وسط المدينة ولم تحصل أعمال تخريب، حتى إن التجار تركوا سلعهم في الخارج، لكن قبل بلوغ الساحة المركزية في وسط بوردو أطلقت قوات الأمن باتجاهنا الغاز المسيل للدموع ما أدى إلى تفريق الجميع وفقدت عندها زوجي.
وصور صحفيون هذه اللقطات وكذلك مصورون هواة وتظهر المشاهد شرطيين بعضهم باللباس المدني والبعض ببزاتهم العسكرية ودروعهم وهراواتهم يهجمون على المتظاهرين في جادة سانت كاترين ولم يكن أي متظاهر يشكل تهديداً لهم.
وأشارت بيزياد إلى أنه تم نقل زوجها إلى المستشفى حيث تبين أنه مصاب بنزيف في الدماغ وأخضع لعملية جراحية ومنذ يومين بدأ يأكل ويتحدث ولكن بشكل غير واضح.
أما ماكرون الذي جال في مناطق الجنوب الغربي لفرنسا بدعوى «الحوار» في محاولة منه لتبديد غضب الفرنسيين واحتوائه فقد لاقى انتقاداً من رؤساء البلديات الذين طالبوه بخطوات ملموسة لتحسين أوضاع معيشة السكان الفقراء ومتوسطي الدخل محذرين من أن الكلام وحده لن يكون كافياً لتهدئة غضب (السترات الصفراء) وداعين إلى إعادة العمل بالضريبة على أصحاب الثروات والاهتمام بالأرياف.
وتجسد موقف رؤساء البلديات الفرنسية بحديث رئيس بلدية (مينيل أن أوش) الذي قال: نعاني من العزلة مع أننا لا نبعد سوى 160 كم عن باريس، فيما أشار نائب رئيس المجلس الإقليمي في النورماندي غي لوفران إلى أن الجميع يدرك أن فرنسا ليست على ما يرام.. وإن الرابط بين الدولة التي يمثلها ماكرون والأمة التي هي نحن مقطوع.
يشار إلى أن التظاهرات التي شهدتها باريس وعدد من المدن الفرنسية لمحتجي حركة السترات الصفر الأسبوع الماضي أدت إلى وقوع مواجهات بينهم وبين الشرطة الفرنسية نتج عنها إصابات بين المحتجين، واستخدمت الشرطة الغازات المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين.
هذا وأظهر استطلاع للرأي جديد في فرنسا أن نسبة 56% من الفرنسيين يؤيدون حركة السترات الصفر.
كما أظهر استطلاع آخر أن 70% من الفرنسيين يعتبرون أن الحوار الوطني لا يلبي طموحاتهم.
زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية مارين لوبان، أشادت بتظاهرات «السترات الصفر» في باريس. ووصفت في تغريدة لها على موقع تويتر المتظاهرين بأنهم»شعب فرنسا الذي يقف في مواجهة الحثالة»، بحسب تعبيرها.
وكالات – الثورة
التاريخ: الأحد 20-1-2019
رقم العدد : 16889