حصة المرأة في الإرث ..بين النص والواقع

لطالما ارتبط ملف ارث المرأة بالجوانب الاجتماعية أكثر من ارتباطه بالجوانب القانونية وفي كل المناقشات والأنشطة التي تناولت المواضيع المتعلقة بإرث المرأة يبرز العرف الاجتماعي وتغيب القواعد التشريعية، ووفقا لبعض الاعتبارات المتعارف عليها لدى غالبية الأسر السورية وبخاصة في المناطق الريفية، فإن المرأة لا تحتاج للمال لكون هناك من ينفق عليها، ويجب عدم تقديم حصة ارثيه كاملة لها لأن هذا المال سوف يذهب إلى الصهر الغريب عن العائلة، كما أنه من المهم عدم تقسيم الأرض الزراعية، وفي أحيان أخرى يقدم الأهل بعض المال أو الذهب المصاغ للفتاة بدلا من الميراث وأمور أخرى كثيرة، نادرا ما نجد فيها الاعتراف بإرث المرأة أنه حق من حقوقها.
أخطاء اجتماعية
حالات كثيرة يحتضنها الواقع، وقصص تبقى خلف الكواليس، لا يدرك مرارتها إلا من يعيشها، فعندما يموت الأب وليس لديها أولاد ذكور فإن العموم والأقارب يتدخلون لإدارة أملاك الرجل الميت وتبقى بناته تحت الوصاية الاجتماعية كما حدث مع سلوى وأختها. وهذه أم سليمان لم تدرك الخطأ الكبير الذي ارتكبته بتنازلها عن حصتها من الإرث لإخوتها إلا بعد أن عادت مطلقة وصفر اليدين إلى بيت أهلها الذي أصبح خاويا من والديها، لتصبح عالة على بيت أخيها.
وتقول السيدة أم مهند وهي أرملة ولديها ثلاثة أولاد، بقيت وحدي أجابه تكاليف الحياة من أجل تربية أولادي، للأسف نحن متهمون بنقص العقل والدين والميراث، وهي مقولات متداولة وكانت سببا في ضياع حقنا في الميراث.
وعندما حاولت لينا مطالبة أخوتها بنصيبها من الإرث، قوبلت بالإهانة وكأنها ترتكب معصية كبرى. وتبين سناء وهي فتاة خسرت سنوات من حياتها لتربية أخوتها الصغار وعندما تقدم بها العمر ولم تتزوج، بدأ الجميع ينكر حقها بالسكن في بيت العائلة، ومن المفترض أن يباع ليأخذ الجميع نصيبهم، وتقول: للأسف هناك شخصيات اعتبارية في المجتمع تشجع موضوع حرمان المرأة من حقها الطبيعي في الإرث، وتكرس الأخطاء الاجتماعية.
بحث ميداني
في استبيان أجرته مديرية الشؤون الاجتماعية مؤخرا بدير الزور شمل المناطق الشمالية الشرقية أظهرت الدراسة نوعين من النتائج ففي الأرياف: الإناث لا ترث بسبب العادات والتقاليد وبسبب طبيعة المرأة التي تتنازل هي عن حقها في الإرث، وفي مركز المدينة عكس ذلك فإن العادات والتقاليد تعطي المرأة حقها من الإرث بالكامل وهي تأخذ من الرجل المسكن والأموال والأرض الأميرية والمحال التجارية والصناعية بحسب القوانين النافذة، كما أن التطور الاجتماعي والوعي في السنوات الِأخيرة جعلها أكثر انفتاحا في موضوع ملاحقة حقوقها وهي تلجا للقانون وتطالب بنصيبها بنفسها حتى تحصل عليه.
تبين المادة 23 من الدستور السوري الصادر بتاريخ 2012 ما توفره الدولة للمرأة من فرص تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية فالمرأة هي الأم والأخت والزوجة والابنة ولهذا فقد حرص القانون السوري والمشرع على إيفائها حقها وإظهار مكانتها الاجتماعية، فقد أكد الدكتور المحامي أحمد زرق : على أن قانون الأحوال الشخصية السوري اعتمد على النصوص التشريعية الإسلامية في أحكام المواريث فجعل الميراث في دائرة الأسرة، وحدد الوارث من النساء بالبنت والأم وبنت الابن والجدة لجهة الأم والجدة لجهة الأب والأخت الشقيقة والأخت لأب والزوجة. مبينا : أنه من الخطأ تعميم القول بأن المرأة في الميراث الإسلامي تأخذ نصف نصيب الرجل وردا على ما يشاع في العامية بأن القانون هضم حق المرأة حين أعطاها حصة ارثية تقل عن حصة الذكر، بل الحق أن المرأة لها أربع حالات قد تزيد في بعضها حصتها الإرثية عن حصة الذكر فعلى سبيل المثال تكون حصة المرأة مساوية لحصة الرجل وفي ذلك عدة صور منها اذا توفي شخص وترك ابنه وأبا فإن نصيب الإبنة مساوٍ لنصيب والد المتوفى، وكذلك إذا توفي شخص وترك ابنه وابن ابن وفي هذه الحالة يوزع الإرث مناصفة.
أكثر من حصة الرجل
وأوضح الدكتور رزق أن هناك حالات في النص القانوني والتشريعي تأخذ المرأة حصة إرثية أكبر من حصة الذكر فعلى سبيل المثال إذا توفي شخص وترك بنتا وأبا وأما، فإن نصيب بنت المتوفى هو نصف الميراث ونصيب الأم والأب هو النصف الآخر، وكذلك إذا توفي شخص وترك ابنه وعشرة أخوة، فإن نصيب البنت هو نصف الميراث والنصف الآخر يكون للأخوة العشرة. مشيرا إلى حالات أخرى ترث فيها المرأة ولا يرث الرجل ومنها إذا توفي شخص وترك بنتا وأختا شقيقة وأخا لأب وفي هذه الحالة تأخذ البنت نصف الميراث وتأخذ الأخت الشقيقة الباقي ولا يأخذ أخو الأب شيئا.
حماية أشمل
و ينهي المحامي رزق هذا الجدل بالتأكيد على أن القانون أعطى المرأة حقها كاملا من الإرث وفقا لحالات ولأسباب موجبة، إلا أن حرمانها في بعض الأحيان يعود لموروث اجتماعي بال يتناقض مع مقاصد الشريعة الإسلامية وبالتالي لابد من وجود نص قانوني يؤمن حماية أشمل لحق المرأة في الإرث وضرورة توعيتها، وإيجاد نص تشريعي يعاقب من يحرمها هذا الحق.
ميساء الجردي
التاريخ: الثلاثاء 22-1-2019
رقم العدد : 16891

آخر الأخبار
برسم وزارة التربية النهوض بالقطاع الزراعي بالتعاون مع "أكساد".. الخبيرة الشماط لـ"الثورة": استنباط أصناف هامة من القمح ... بقيمة 2.9مليون دولار.. اUNDP توقع اتفاقية مع 4 بنوك للتمويل الأصغر في سوريا حمص.. حملة شفاء مستمرة في تقديم خدماتها الطبية د. خلوف: نعاني نقصاً في الاختصاصات والأجهزة الطبية ا... إزالة مخالفات مياه في جبلة وصيانة محطات الضخ  الألغام تهدد عمال الإعمار والمدنيين في سوريا شهادة مروعة توثق إجرام النظام الأسدي  " حفار القبور " :  وحشية يفوق استيعابها طاقة البشر  تفقد واقع واحتياجات محطات المياه بريف دير الزور الشرقي درعا.. إنارة طرقات بالطاقة الشمسية اللاذقية.. تأهيل شبكات كهرباء وتركيب محولات تفعيل خدمة التنظير في مستشفى طرطوس الوطني طرطوس.. صيانة وإزالة إشغالات مخالفة ومتابعة الخدمات بيان خاص لحفظ الأمن في بصرى الشام سفير فلسطين لدى سوريا: عباس يزور دمشق غدا ويلتقي الشرع تأهيل المستشفى الجامعي في حماة درعا.. مكافحة حشرة "السونة" حمص.. تعزيز دور لجان الأحياء في خدمة أحيائهم "فني صيانة" يوفر 10 ملايين ليرة على مستشفى جاسم الوطني جاهزية صحة القنيطرة لحملة تعزيز اللقاح الروتيني للأطفال فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا تزعزع الاستقرار الإقليمي