منذ أن انطلقت جولات آستنة عام 2017 حول سورية بدعم الدول الضامنة «روسيا – ايران – تركيا» بهدف إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، وصل عدد الجولات إلى إحدى عشرة، حاولت الأطراف الغربية إفشالها ووضع عصي التعطيلات في عجلات الحلول، إلا أن الدولة السورية أثبتت في كل جولة أنها متعاونة وتسعى لبلورة الحل الساسي بما يتوافق مع ثوابتها الوطنية وسيادتها ووحدة أراضيها.
في أول اجتماع لآستنة في 23و24 كانون الثاني من عام 2017 خرجت المقترحات برفض الحل العسكري للأزمة في سورية وتثبيت نظام وقف إطلاق النار، والتركيز على الحوار والحل السياسي، ليتمخض عبر ثلاث سنوات العديد من مناطق خفض التوتر التي نجحت في لجم ارهاب التنظيمات المسلحة التي كانت تدعمها أنقرة والتي هي أيضاً إحدى الدول الضامنة! لكن هذه الجولات لم تستطع إيقاف خرق الاتفاقات التي انبثقت عنها خاصة من جانب التنظيمات الارهابية ومن خلفها رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان.
بعد أن أصبحت إدلب آخر تجمع للإرهاب اقتصرت اجتماعات وجولات آستنة الأخيرة حول منطقة خفض التوتر الرابعة، وعليه اختتمت الجولة الحادية عشرة في نهاية عام 2018، بتجديد الدول الضامنة تمسكها الصارم بسيادة واستقلال ووحدة أراضي الجمهورية العربية السورية وبأهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، مؤكدة أن عملية آستنة تهدف إلى الحفاظ على وحدة سورية واستقلالها، كما أكد البيان الختامي رفض جميع المحاولات لإنشاء حقائق جديدة على الأرض في سورية بذريعة محاربة الإرهاب فيها ورفض الأجندات الانفصالية التي تهدف إلى تقويض سيادة ووحدة الأراضي السورية.
خلال كل جولات آستنة كان للنظام التركي أحد الاطراف الضامنة الدور الكبير في تأليب وحشد التنظيمات الارهابية ضد الدولة السورية، وبالتالي إفشال كل محاولات تحقيق أهداف، حيث لم تحترم أنقرة التزاماتها بموجب اتفاق سوتشي حول إدلب الأمر الذي شجع الإرهابيين على مواصلة استهداف المدنيين في محافظات حلب وحماة واللاذقية، فيما أكدت دمشق أن الجولة الأخيرة متوازنة وتعكس تعقيدات المشهد السياسي، والتي جرى فيها التركيز على الوضع في إدلب والتأكيد على عدم احترام الجانب التركي لالتزاماته بموجب اتفاق سوتشي، والذي انعكس بشكل سلبي على المدنيين السوريين الأبرياء، حيث خرقت المجموعات الإرهابية الموجودة في إدلب اتفاق منطقة تخفيف التوتر مئات المرات، وهو ما عكس حالة فقدان الثقة والاطمئنان بعدم التزام النظام التركي حيال تطبيق تفاهمات آستنة المتعلقة بمنطقة خفض التوتر في إدلب، فكان هناك قرار بالتصعيد الإرهابي من قبل رعاة التنظيمات الإرهابية المنتشرة في إدلب ولا سيما «جبهة النصرة وداعش» وكل المجموعات الأخرى المرتبطة بهما والمدرجة على قائمة مجلس الأمن للكيانات الإرهابية، هذا عدا التحركات التركية المشبوهة في شرق الفرات تحت حجج وأوهام استعمارية.
من جانب آخر استطاعت روسيا الراعي الأكبر لاتفاق آستنة أن تجبر تركيا على النظر بكلتا عينيها إلى المشهد السياسي الذي يحتم على رجب طيب أردوغان العودة عن الحدود السورية وإيقاف العدوان بل مقاربة الموقف بما يضمن حدود البلدين التركي والسوري خاصة أن أنقرة حولت تخريب اتفاقات آستنة في إدلب ودعمت الارهابيين بشكل غير مسبوق لدرجة أنها صافحت النصرة علنا وهو ما كان محور حديث الرئيس بوتين مع نظيره التركي في اللقاء الأخير الذي جرى منذ أيام.
وفي هذا الاطار نشرت إحدى الصحف الغربية مقالاً أنه عشية اجتماع قائدي الدولتين في الكرملين مؤخراً، تحدثت الأنباء عن تعزيز ودعم الارهابيين من قبل تركيا على نحو غير مسبوق في محافظة إدلب، على الرغم من وعود أنقرة بنزع سلاح هذه الجماعات في الوقت المناسب، مؤكدة أن الرئيس بوتين، تصرف بحذر في محادثاته مع نظيره التركي، وواصل الاستفادة من وعد أنقرة الذي لم يتحقق، للتمكن من استمالة أردوغان إلى الموقف الروسي بشأن القضية السورية.
مجدداً تعود جولة جديدة من المتوقع أن تبدأ في منتصف الشهر القادم انطلاقاً من المحطات التي كانت قد توقفت عندها الجولات السابقة، مع مبعوث جديد، مع التأكيد على مكافحة الإرهاب وتشكيل اللجنة الدستورية.
الثورة – رصد وتحليل:
التاريخ: الثلاثاء 29-1-2019
الرقم: 16896