لطالما كانت الحسكة على الدوام تفيض بالخير وتزخر بعطاء الأرض، وهي من الدعائم الأساسية للاقتصاد الوطني، وقد ارتبطت أهمية القطاع الزراعي بالدعم الذي يقدمه لتعزيز صمامات الأمن الغذائي. وإذا كان تقويم الأداء يرتبط عادة بنسبة التنفيذ للخطط والبرامج الإنتاجية في مختلف القطاعات إلا أن المعادلة تبدلت منذ بداية الحرب العدوانية على سورية حيث أصبح التقويم مرتبطاً بالممكن وبالظروف الصعبة وبمناخ العمل وأيضاً بالمزاج العام، ولعل حسن الأداء أصبح في ظل هذه الظروف متصلاً بمدى قدرة ونجاح المعنيين في قطاع ما بالتغلب على الصعاب. وبالعودة إلى بعض الوقائع نلاحظ أن حاجة المحافظة من مادة الطحين على سبيل المثال كانت 550 طناً يومياً في حين لم يتوفر أكثر من 300 طن. وكان ولا يزال السؤال، لماذا بقيت المحافظة تعتمد على مطحنتين فقط في كل أنحاء المحافظة؟.
ونأخذ مثالاً آخر من الكهرباء حيث تتغذى المحافظة من أربعة خطوط، ثلاثة منها خارج المحافظة، ولذلك بقيت خلال الأزمة معطلة. وهنا السؤال أيضاً، لماذا لا نفكر بتطوير وتوسيع محطة السويدية في محافظة الحسكة لتجنب ما حصل خلال سنوات الأزمة؟.
الأمر نفسه ينطبق على التعليم العالي بعد إحداث 8 كليات جامعية في الحسكة حققت زيادة في فرص الالتحاق بالتعليم العالي وأسهمت في تخفيف العبء الاقتصادي عن أهالي المحافظة واليوم أصبحت كل مقومات إحداث الجامعة متوفرة لكنها لا تزال مؤجلة رغم كل الصعوبات الناتجة عن هذا التأخير.
إن أي مراجعة واعية ومسؤولة لوقائع العمل ولا سيما على مستوى الحياة الخدمية والاقتصادية يجب أن تتوقف بالدرجة الأولى عند مؤشرات واضحة للناتج الفعلي للعمل ولذلك عندما تقتضي الضرورة لا بد من تعزيز هذا الناتج بتطوير الأداء وإنجاز الأعمال الممكنة كحد أدنى. ورغم كل ما تقدم فإن ثمة حقيقة وهي أنه مجرد استمرار الحياة في مختلف القطاعات خلال سنوات الحرب يمثل انعطافاً بحد ذاته بالنظر إلى الظروف والتغيرات والتحديات. لكن بالمقابل اليوم يبدو السؤال مشروعاً من قبل الناس في الحسكة: إلى متى تبقى بعض المتطلبات الأساسية والطموحات المشروعة مؤجلة؟.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 29-1-2019
الرقم: 16896