لا يحتاج المواطن (المستهلك) الذي اعتاد التردد إلى محال بيع الألبسة والاطلاع على أسعارها منذ بداية الموسم لكثير من العناء كي يدرك أن معظم التخفيضات المعلن عن تطبيقها في تلك المحال ليست أكثر من عروض وهمية لا أساس لها من الصحة؛ ما خلا نسبة قليلة من المحال التي تحترم اسمها وزبائنها أجرت تخفيضات حقيقية على أسعارها وصلت في بعض الأحيان إلى 70%.
والأكثر من ذلك أن يلحظ المواطن عدم تردد بعض أصحاب المحال ذات الصيت الذائع والتي تحتل مواقعها في أرقى الأحياء أو ضمن المولات التجارية الفخمة بممارسة الغش والتدليس على الزبائن عن طريق إيهامهم بإجراء تخفيضات كبيرة على الأسعار من خلال شطب الأسعار القديمة ووضع أسعار جديدة تقل عن سابقاتها بمبلغ قد يصل إلى 10 آلاف ليرة؛ والقيام في حقيقة الأمر بزيادة الأسعار المعلن عنها قبل موسم التخفيض!.
وإن دلت هذه الممارسات على شيء فهي بقدر ما تدل على مستوى الجشع والطمع التي بلغها هؤلاء التجار وتشير إلى حالة التمادي والاستهانة بالقوانين الناظمة لشؤون حماية المستهلك والأجهزة الرقابية التي تطبقها وإلى الشعور بالأمان أن العقوبات التي نصت عليها تلك القوانين لن تطولهم.
هذا بالتالي يضع العديد من إشارات الاستفهام حول جدية الأجهزة الرقابية المعنية بحماية المستهلك في تطبيق القوانين والتي ما فتئت تؤكد منذ بداية موسم التخفضات قبل حوالي شهر ونصف على وجود رقابة مستمرة على قطاع الألبسة للتحقق من التنزيلات التي يتم الإعلان عنها، وأنه لن يتم التهاون في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق التجار المخالفين للتعليمات وتحويلهم إلى القضاء لينالوا جزاءهم العادل.
عدد من تجار الألبسة والمصنعين تحدث عن ارتفاع تكاليف الإنتاج هذا العام عن كل الأعوام التي سبقته وعن رضوخهم لرغبات الزبائن في إجراء تخفيضات على الأسعار دون رغبة حقيقية في ذلك تجنباً لوقوع الخسارة، إلا أن هذا لا يبرر بحال من الأحوال ما يمارسه آخرون من حالات الغش والتدليس على المواطن ومن القفز فوق القوانين.
رغم ضعف دور الأجهزة الرقابية ما زلنا نأمل أن تتدخل الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة بضبط الأسواق وإلزام التجار بتخفيض الأسعار إلى المستوى الذي يتم الإعلان عنه وفرض العقوبات الرادعة بحق من يتبيّن عدم التزامه بالتخفيض المعلن عنه باعتباره غشاً وتضليلاً علنياً.
هنادة سمير
التاريخ: الأربعاء 30-1-2019
رقم العدد : 16897