هل يمكن أن تواجه سورية الضغوطات الاقتصادية والسياسية بتفعيل إمكانياتها الذاتية؟.. هو السؤال الذي بات مجال نقاش وسجال واسع على مستوى النخب السورية مع طرح الحكومة خطة جديدة عنوانها الاعتماد على الذات لمواجهة العقوبات الاقتصادية المفروضة على الشعب السوري من الدول الراعية للإرهاب.
لقد وظفت الإمكانيات الذاتية للدولة السورية على نحو ضمن صمودها وهزيمة الحرب الإرهابية عليها ولكن استهداف الأعداء لكل قدرات المجتمع السوري استهلك الكثير من هذه الإمكانيات، الأمر الذي خلق واقعاً ضاغطاً في بعض الخدمات الأساسية التي ركزت عليها العقوبات الأميركية – الغربية للنيل من صمود المواطن السوري.
يذهب بعض المتشائمين إلى القول إن القدرات الذاتية السورية غير كافيه للحد من التأثير السلبي على الاقتصاد السوري وبالتالي منعه من تحقيق نسب نمو أو تأمين متطلبات السوق السورية، وهذه نظرة قاصرة للواقع ولا تأخذ في الحسبان التجارب السابقة حين تعرض سورية في فترة الثمانيات لحصار خانق وكان لتفعيل خيار الاعتماد على الذات الأثر الكبير والمهم في عدم خضوعها للضغوطات الغربية – الصهيونية.
لا شك أن الظروف الحالية مختلفة تماماً من حيث شكل الضغوطات والتهديدات وظروف الاقتصاد العالمي والوضع الجيوسياسي على المستوى المحلي والدولي وهو ما يمنح خيارات الاعتماد على الذات فرصاً أوسع للنجاح بالنظر إلى تحالفات الدولة السورية وصعود قوى جديدة على مستوى القرار الدولي.
لعل ما نحتاجه اليوم في التركيز على استثمار قوانا الذاتية هو التفكير بشكل أوسع وعدم الاقتصار على ما يجب أن تفعله الدولة بل يعد البحث عن دور المواطن في هذه المرحلة هو النقلة النوعية لإنجاح هذا الخيار عبر إتاحة المجال أمام العقول والأموال السورية بخوض غمار هذه الخطة الحكومية عبر توفير كل المقومات التشريعية والقانونية الشفافة لتحقيق المصلحة الشخصية بصيغتها الوطنية وتلقائياً تحقيق المصلحة الوطنية في إطار الدولة ونجاح هذه المعادلة في الاتجاهين يضمن تفادي نسبة كبيرة من التأثير السلبي للعقوبات الاقتصادية على الشعب السوري من الدول التي تحاول سلبه إرادته وخياراته المستقبلية بعد أن فشلت في عدوانها العسكري.
إن السيطرة الغربية على مفاتيح التجارة الدولية وحركة الأموال عبر أدوات ووسائل متطورة ومحكمة وفرضها عقوبات صارمة على الدول الحليفة لسورية عقد عمل المؤسسات الحكومية التي تكون تحت المراقبة الدقيقة مهما اعتمدت من سبل ذكية وهو ما يمكن تجاوزه في دفع القطاع الخاص أو المشترك بصيغه المختلفة إلى القيام بهذه المهام لما يملكه من مرونة في التعامل التجاري وفق النظام المالي العالمي.
إن الأهم في الاعتماد على القدرات الذاتية هو التوجه لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الضرورية للمجتمع ويلعب توسيع الدائرة في هذا السياق ليشمل كل الطاقات السورية دوراً مهماً في تجاوز التحديات الحالية بأسرع وقت ممكن، ومن العمل الصائب أن تعود الدولة لتعويض أي قصور في القطاعات الاقتصادية والخدمية التي تضررت بفعل الإرهاب وتلعب الدور الذي كان يقوم فيه الفلاح أو التاجر أو السمسار بشكل أوسع مما تقوم فيه الآن في سبيل تعزيز صمود الشعب السوري الذي لن يتقاعس عن مواكبة أي مشروع للحكومة في هذا الاتجاه.
الطاقات العلمية والمالية السورية لا حدود لها وهي في حالة تطور سريع يواكب ما يحدث في العالم وإيجاد السبل لإعادة بناء الوطن ومن واجب السلطات الحكومية أن توفر البيئات السليمة والمحفزة لها وتعمل لاستعادة المهاجر أو المعطل منها منعاً لمخاطر توطينها في الخارج ويجب أن تبنى المصانع السورية في الوطن وليس خارجه.
لقد بات ملحاً أن تقوم الحكومة السورية بوضع خطة سريعة وفعالة وضامنة للحقوق من أجل استعادة رأس المال السوري من الخارج وتحقيق اختراق في هذا المجال يصب في تعزيز القدرات الذاتية لسورية كدولة وشعب.
معاً على الطريق
أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 3-2-2019
رقم العدد : 16899
السابق