يعزف مجلس الشيوخ الأميركي على تقلبات الرئيس الأميركي دونالد ترامب اللاأخلاقية، والتي يتأرجح على طياتها، مغيراً وجهته ونياته بين ليلة وضحاها، حيث لا يستقر على رأي، ولا تعرف ما يجول في خاطره، لأن أوراق المقايضة السياسية والتجارية حاضرة في حقيبته، وآلة حسابه جاهزة للأرقام والمعطيات.
فبعد تصريحاته الأخيرة عن نيته إبقاء قواته في العراق إلى أجل غير مسمى، والتهديد بإعادتها إلى المناطق السورية التي تواجدت فيها، و التي لم تنسحب منها أصلاً، يتأكد بأن في ذهن الرجل مخططاً يريد إطلاقه على أنماط عدوانية قد يفاجئ المنطقة بها، في توقيت غير محسوب من وجهة نظره، وفي مكان يظن أنه قد يدهش المتابعين لاختياره، لجهله أن تحركاته باتت مدروسة ومعروفة، ولاسيما بعد التجاذبات الأخيرة التي أعقبت قرار الانسحاب المزعوم من سورية.
العالم برمته اعتاد على أن الرئيس الأميركي لا يستقر على رأي، وكلام الليل عنده يمحوه النهار، ولهذا لجأ (الشيوخ الأميركي) للموافقة بالأغلبية على تعديل ينتقد قرار ترامب سحب قوات بلاده من سورية وأفغانستان، في مؤشّر إلى المعارضة الكبيرة في صفوف الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه، ودليل على التعويل بأن المجلس لن يصطدم معه وسوف يكون له ما يريد، لكون ذلك يحقق رغبات رئيسهم أيضاً، ولكن حديثه الأخير عن الانسحاب ربما كان لغاية تجارية بحتة في نفسه، فضلاً عن رغبته بإرضاء اللوبي الصهيوني الذي عارض موضوع الانسحاب، وعبر عنه رئيس وزراء كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو علناً، حيث يجد بذلك حجة مناسبة للعودة عن قراره المتذبذب.
إسرائيل ليست وحدها المنزعجة والقلقة من قرار ترامب، بل ثمة أنظمة أعرابية ترى في الوجود الأميركي طوق النجاة من مخاطر مزعومة ترعبهم فيها واشنطن لاستمرار ابتزازهم والمتاجرة فيهم وبأموالهم، خاصة وأن بقاء أيّ قوات أميركية في المنطقة مرهون بحجم النفقات التي سوف تدفعها تلك الأنظمة للولايات المتحدة.
بالعودة إلى 2014 عندما شكلت الولايات المتحدة تحالفها المزعوم بذريعة محاربة تنظيم داعش الإرهابي، نعرف أن هدفها لن يقتصر على ذلك، وهذا ما أكده محافظوها الجدد آنذاك، ونطقوا بسرّ بيتهم الأبيض المكنون، لأنها فعلاً جاءت لغايات استعمارية بحتة وبحثاً عن الثروات وإقامة القواعد بذريعة حماية الوكلاء والأتباع مقابل المنفعة المادية الطويلة الأجل.
البقعة الساخنة
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 7-2-2019
رقم العدد : 16904
السابق
التالي