نعتقد جازمين أن القول المأثور (الفراغ مفسدة) موجود في الوعي الجمعي لأصحاب القرار والمواطنين على حد سواء.. لكن مع ذلك نجد أن الخطوات العملية الجادة الواجب القيام بها من الدولة والمجتمع للحد من مخاطر مفاسد الفراغ الذي يعيشه ويعانيه الكثير من شبابنا ما زالت قاصرة!.
والفراغ الذي نقصده له أشكال متعددة وأخطره الفراغ الناجم عن البطالة، فالشاب الذي يتخرج من مدرسته أو معهده أو جامعته ويجلس في بيته دون عمل ودون مصروف في جيبه ودون إمكانية تأمين متطلبات حياته، يعيش أوقاتاً وأفكاراً وهواجس مزعجة قد تقوده إلى الانحراف إذا طالت!
والشاب الذي يخدم مجتمعه ووطنه لسنوات وسنوات، ويعود لبيته ويبحث عن فرصة عمل هنا وهناك دون نتيجة لأسباب مختلفة، ومن ثم لا يتمكن من الزواج والاستقرار.. هو الآخر يعيش أياماً وشهوراً صعبة قد توصله لأوضاع لا تحمد عقباها على نفسه وعلى مجتمعه ووطنه.. وطبعاً الأمر لا يختلف كثيراً بالنسبة لمخاطر الفراغ الذي تعيشه فتياتنا طالبات العمل والعاطلات عنه وما أكثرهن.
في ضوء ما تقدم وغيره يفترض أن يكون في سلّم أولويات الحكومة وفعاليات القطاع الخاص تأمين فرص عمل للجيل الشاب لها صفة الاستمرار وضمان المستقبل.. مع الإشارة إلى أن ثقة شبابنا بمعظم فعاليات القطاع الخاص ما زالت شبه معدومة بسبب عدم تقيدهم بقانون العمل رقم 17 لعام 2010 في تعاملهم مع من يعمل لديهم، ولأسباب أخرى لا داعي للخوض فيها، لذلك نجد أنهم يبحثون عن وظيفة في القطاع العام رغم شكواهم من ضعف الراتب الذي يعطى لهم، ورغم معاناتهم وانتظارهم الطويل للحصول على هذه الوظيفة..الخ
وهنا نشير إلى أن ملتقيات التوظيف التي بدأت بإقامتها وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في المحافظات السورية تباعاً وبدأت في دمشق منذ شهرين واليوم في طرطوس قد تكون خطوة مهمة في طريق تأمين فرص عمل مضمونة وآمنة ومقوننة في شركات خاصة للكثير من شبابنا العاطل عن العمل وبما يساهم في استقرارهم مادياً ونفسياً وإبعادهم عن الفراغ الطويل ومفاسده الكثيرة والخطيرة.
على الملأ
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الخميس 7-2-2019
رقم العدد : 16904
السابق
التالي