تسعير النيران حول إيران على حطب الخروج من سورية!!

لا تنفصل حالة التحريض الصهيونية المستمرة ضد إيران، مرة بذريعة خطرها النووي المزعوم، ومرة بسبب دعمها لنضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي بأي حال من الأحوال عن الحرب الإرهابية التي استهدفت سورية منذ ثماني سنوات والتي كان مصيرها الفشل بفضل المساهمة الإيرانية بصد هذه الهجمة الإرهابية عن سورية التي تشكل الجبهة الأمامية والمتقدمة للمحور الذي قاوم عدوانية إسرائيل وأطماعها منذ سنوات طويلة وأحبط كل المشاريع الأجنبية التي استهدفت المنطقة وشعوبها.
فمنذ زيارة ترامب للسعودية في أيار عام 2017 لم تتوقف عملية التحشيد العسكرية والسياسية ضد الجمهورية الإسلامية في إيران على نية استهدافها تحت عناوين نووية وصاروخية واتهامات متعلقة (بنفوذها) المبالغ فيه في المنطقة، حيث انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي وفرضت عليها عقوبات اقتصادية قاسية وهناك مساعِ لتشكيل تحالفات عسكرية إقليمية من أجل العدوان عليها أو محاصرتها، وثمة أسئلة كثيرة تطرح اليوم وفي مقدمتها السؤال الأهم لماذا تُسعّر نيران الحرب الإعلامية ضد إيران هذه الأيام في ظل القرار الأميركي بالانسحاب من سورية، فهل هي مجرد حملة إعلامية تضليلية مؤقتة لغسل عار الهزيمة العسكرية لمنظومة العدوان في سورية والانسحاب تحت دخان التصعيد والحرب، أم أنها جزء من نية مبيتة لشن حرب جديدة على محور المقاومة من خاصرته الإيرانية بعد الانتصار الذي حققته سورية بالشراكة مع إيران وروسيا وحزب الله على الارهاب..؟!
المتابع للتطورات الميدانية والسياسية التي جرت في منطقتنا منذ بدء ما يسمى (الربيع العربي) المزعوم عام 2011 وربما قبل ذلك بسنوات عديدة، يعلم جيداً أن محور مقاومة إسرائيل والهيمنة الأميركية والمشاريع الأجنبية المرتبطة بهما كان المستهدف الأول والأخير من موجة الحروب والأزمات التي اجتاحت المنطقة لأن مصلحة إسرائيل تقع في رأس سلم أولويات السياسة الخارجية الأميركية التي تؤجج الأزمات والحروب على مستوى المنطقة والعالم.
فمنذ غزو العراق عام 2003 وصولاً إلى حرب تموز على لبنان وصولاً إلى الحرب الإرهابية المستمرة على سورية منذ نحو ثماني سنوات لم تتوقف الضغوط والعقوبات والتهديدات ضد هذا المحور متخذة أشكالاً وصوراً متعددة، وقد تولى الإعلام الغربي والمسؤولون الغربيون بأنفسهم فضح النوايا والأهداف الحقيقية لسياساتهم العدوانية تجاه دول وشعوب المنطقة ممن يرفضون سياسات الهيمنة والإملاءات الأجنبية، وقد يكون مفيداً هنا التذكير بالنوايا الأميركية بعد احتلال العراق مباشرة، حيث أكد الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش أن النية موجودة للزحف نحو طهران ودمشق لإخضاعهما كما خضعت بغداد، ولكن فشل الأميركيين وغرقهم في المستنقع العراقي أجهض مشروعهم وفرض عليهم الانسحاب المذل على نية العودة بأسلوب آخر، ليتم الكشف في العام 2006 أثناء حرب تموز عما يسمى مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي روجت له وزيرة الخارجية الأميركية آنذاك كونداليزا رايس، وقد اتضحت ملامح هذا المشروع أكثر عبر ما يسمى (الفوضى الخلاقة) التي انطلقت منذ ثماني سنوات بهدف إعادة صياغة المنطقة ورسم خرائطها وفق (سايكس بيكو) جديد، تمهيداً لفرض الاستسلام على شعوبها ودولها المقاومة للمشاريع الأجنبية.
لم يتأخر أصحاب مشروع الفوضى الخلاقة وعملاؤهم في الإعلان عن أهدافهم وكان في مقدمتها ضرب محور المقاومة وتفكيكه لتسود إسرائيل وتستكمل مشروعها التوراتي الذي ساهمت سورية بإفشاله ومنع قيامه على مدى أكثر من سبعين عاماً، ولخدمة هذا الهدف فتحت الحدود أمام شراذم الإرهابيين والتكفيريين والقتلة المأجورين القادمين من أربع جهات الأرض للدخول إلى سورية باعتبارها واسطة عقد المحور المقاوم لتحقيق الهدف المنشود، الأمر الذي فرض على مكونات محور المقاومة (سورية إيران وحزب الله) مواجهة قاسية ومشتركة على مساحة الجغرافيا السورية مع أدوات هذا المشروع الإرهابي ورعاته الإقليميين والدوليين، فكانت نتيجة هذه المواجهة انتصاراً عسكرياً لصالح أصحاب الحق من المدافعين عن أوطانهم في وجه العدوان والإرهاب القادم عبر الحدود، لتعود أغلب المناطق التي تسلل إليها الإرهاب وداعموهم إلى سيادة السورية وهذا ما اضطر ترامب لإعلان نية الانسحاب الأميركي من سورية بعد أن تأكد من فشل مشروعه في المنطقة وعدم جدوى الاستمرار بتمويله.
وكان من بين الإنجازات التي حققها محور المقاومة في هذه الحرب إفشال كل الرهانات الأميركية والصهيونية على تقسيم سورية أو فدرلتها أو إسقاط الدولة السورية لصالح إقامة الكانتونات المخطط لها مما كان يطرح من حين لآخر في المنابر والاجتماعات والمؤتمرات الخاصة لمحور العدوان تحت حجج ومبررات إنسانية وأمنية وما إلى ذلك، وهو ما جعل الوجود الأميركي في سورية بدون معنى سياسي أو جدوى استراتيجية، فكان قرار ترامب بالانسحاب إقراراً ضمنياً بحجم الفشل وتسليم غير مباشر بانتصار محور المقاومة، وحين تطرح تكاليف الحرب على سورية والأرقام الضخمة التي رصدت لها، ويتم إحصاء الوسائل والأدوات والمنابر الإعلامية التي جندت في هذه الحرب لا بد أن يصاب المرء بالدهشة، ويشعر بحجم وأهمية الانتصار الذي حققته سورية ومحورها المقاوم، في مقابل الهزيمة المدوية التي لحقت بالمحور الآخر.
حالة التحريض الأميركية والصهيونية القائمة اليوم ضد إيران والدعوات لتشكيل تحالفات عسكرية واسعة لمهاجمتها، لا يمكن فصلها بأي حال من الأحوال عن الانتصار السوري وإيران من أبرز المشاركين فيه، وهو ما يمكن اعتباره نوعاً من الانتقام والثأر أو التعويض عن الهزائم والخسائر التي لحقت بالمشروع الأميركي الصهيوني التركي الوهابي، ومحاولة بائسة لنقل المعركة إلى إيران، وهذا يعني الرغبة الأميركية والصهيونية في إجهاض الانتصار السوري على الارهاب ومنع تداعياته من رسم معادلات المنطقة وفق المعطيات الجديدة، وحين تستهدف إيران أو تتأذى فإن الأذى سيطول بقية مكونات محور المقاومة لأنهم جبهة واحدة في مواجهة عدو واحد.
ومن نافل القول إن اعتراف الأميركيين بالهزيمة والفشل في سورية سيرتب عليهم قبولاً بالمعادلات الجديدة، وهذا سينعكس بالضرورة على الصراع العربي الصهيوني، بما يشكل خطراً على الكيان الصهيوني الذي يغتصب الأرض والحقوق وعلى باقي أدوات المشروع الأميركي، ومن الطبيعي أن يسعى هؤلاء إلى إنكار الحقائق والانخراط مجدداً في محاولة جديدة لحفظ ماء الوجه ومنع التداعيات المحتملة لمثل هذا الانتصار، وهذا ما يكشف أسرار هذا التحشيد الجاري ضد إيران بوصفها شريكاً مهماً فيما حققته سورية.

عبد الحليم سعود
التاريخ: الجمعة 8-2-2019
الرقم: 16905

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
غياب ضوابط الأسعار بدرعا.. وتشكيلة سلعية كبيرة تقابل بضعف القدرة الشرائية ما بعد الاتفاق.. إعادة لهيكلة الاقتصاد نقطة تحول.. شرق الفرات قد يغير الاقتصاد السوري نجاح اتفاق دمج قوات سوريا الديمقراطية.. ماذا يعني اقتصادياً؟ موائد السوريين في أيام (المرق) "حرستا الخير".. مطبخ موحد وفرق تطوعية لتوزيع وجبات الإفطار انتهاء العملية العسكرية في الساحل ضد فلول النظام البائد..  ووزارة الدفاع تعلن خططها المستقبلية AP News : دول الجوار السوري تدعو إلى رفع العقوبات والمصالحة فيدان: محاولات لإخراج السياسة السورية عن مسارها عبر استفزاز متعمد  دول جوار سوريا تجتمع في عمان.. ما أهم الملفات الحاضرة؟ "مؤثر التطوعي".. 100 وجبة إفطار يومياً في قطنا الرئيس الشرع: لن يبقى سلاح منفلت والدولة ضامنة للسلم الأهلي الشيباني يؤكد بدء التخطيط للتخلص من بقايا "الكيميائي": تحقيق العدالة للضحايا هدوء حذر وعودة تدريجية لأسواق الصنمين The NewArab: الشرع يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل للانسحاب من جنوب سوريا "The Voice Of America": سوريا تتعهد بالتخلص من إرث الأسد في الأسلحة الكيماوية فيدان: الاعتداءات الإسرائيلية على سوريا استفزاز جامعة دمشق تختتم امتحانات الفصل الأول حين نطرح سؤالاً مبهماً على الصغار تكلفة فطور رمضان تصل إلى 300 ألف ليرة لوجبة متواضعة