ثورة اون لاين: لا يمكنك تفسير الموقف الذي اتخذته حكومة رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان تجاه الازمة في سورية الا باتجاه الحسابات السياسية والمشروع الذي يحلم به اردوغان في زعامة العالم الاسلامي عبر اعادة انتاج مفهوم السلطنة تحت عناوين جديدة وبالتسلق على العامل الاسلامي والاخواني تحديدااستثمارا في البيئة التي تشكلت في المنطقة والاقليم عموما والمتمثلة بصعود التيارات الاسلامية على اكتاف الحراك الشعبي الذي تشكل في اكثر من بلد عربي وتشير كافة المؤشرات الموضوعية الى ان رياحه ستمتد وتشمل الى معظم ارجاء المنطقة خاصة تلك الدول التي تكلست فيها الحياة السياسية وانعدمت فيها كل اشكال العملية الديمقراطية .
الواضح وبالتحليل السياسي اننا امام محاولات لتشكيل شرق اوسط جديد اخواني امريكي في شكله ومضمامينه يتأسس على تحاف بين الولايات المتحدة الامريكية والتيارات الاسلامية الصاعدة هذا التخالف لم يكن وليد اللحظة التاريخية وانما جرى التمهيد له منذ فترة ليست بالقصيرة وهنا يمكننا العودة اخطاب التنصيب للرئيس الامريكي باراك اوباماعام ٢٠٠٩ ولهجة الخطاب تجاه دول المنطقة والحديث عما اطلق عليه القوة الناعمة والقيم الامريكية وضرورة التخلي عن القوة العسكرية في اطار الحفاظ على ما سمي المصالح الاستراتيجية الامريكية وامنها القومي وما تبعه ذلك من حديث مطول للرئيس اوباما في جامعة القاهرة وفي انقرة بعد ذلك بخمسة اشهروتركيزه على اهمية وضرورة التفاهم بين امريكا والتيارات الاسلامية بدل مواجهتها وان ذلك سيتحول الى استراتيجية امريكية مستقبلية وهو ما حدث بالفعل بدليل ما يجري حاليا في المنطقة من اعادة ترتيب لاوضاعها وبناها السياسيةوالقيام بعملية تحليل وتركيب تصب يالنتيجة في خدمة الاستراتيجية الامريكية الجديدة .
في ظل هذه الاستراتيجية تتبنى الولايات المتحدة الامريكية اسلوبا آخر في طريقة التنفيذ تخفيفا للكلفة الاقتصادية والبشرية باحالة ذلك الى القوى الاقليمية خاصة وان اسرائيل لم تعدمؤهلة و قادرة اساسا على القيام بذلك الدور الوظيفي والحصري الذي اعتادت وتشأت عليه لاسباب تتعلق بالمزاج العام في المنطقة وصورتها السلبية في المتخيل الجمعي لابناء المنطقة وهنا تتقاطع الاستراتيجية الامريكية الجديدة مع الاحلام الاردوغانية التي ترى في ذلك فرصة ولحظة تاريخية لايمكن تعويضها خاصة اون المنطقة العربية تعيش حالة فراغ واضطراب وعدم استقرار يوحي بأنه ترجمة لمفهوم الفوضى الخلاقةالتي بشرت بها وزيرة الخارجية الامريكية السابقة كونداليزا رايس دون التقليل من اهمية ما جرى ابتداء في بعض دول المنطقة من حراك بمواجهة بعض الانظمة الفاسدة بعيدا عن السياقات التي ال اليها وطريقة توظيفها او اختطافها لصالح مشاريع واجندات خارجية .
لقد ادركت الولايات المتحدة الامريكية وقوى الغرب ان العقبة الكأداء امام تنفيذ تلك الاستراتيجية المهيمنة ستكون سورية فكان لابد من ازاحتها ليستكمل ذلك المشروع الذي انطلق من مكان اخر دورته ويحقق اهدافه وهنا جاء الدور التركي مستثمرا في الازمة السورية والتي ما كانت لتصل الى ما وصلت اليه لولا التدخل الخارجي والتركي على وجه التحديد في الداخل السوري والدفع بالاوضاع باتجاه المزيد من التصعيد والعسكرة وسفك الدم وقطع الطريق على اية فرص لحلول سياسية والوصول بالامور الى نقطة اللاعودة ما يؤدي باعتقادهم الى سقوط النظام السياسي وتدمير الدولة السورية عبر استنزافها اقتصاديا وعسكريا ومجتمعيا ما يمهد الطريق لقوى المعارضة الخارجية المرتبطة معها للوصول الى السلطة لتكون الاداة الطيعة والمنفذة لاستراتيجيتها وذلك بنقل سورية الهوية والموقف الى خندق اخر ما يكسر المعادلة القائمة في المنطقة والتي تشكل سورية نواتها الصلبة ومركز ثقل نظامها الاقليمي بحيث تميل الكفة لصالح المعسكر الامريكي الاسرائيلي وتوابعه السياسة وملحقاته من اشباه الدول .
ان عجز اطراف ذلك المشروع عن الحاق الهزيمة بسوريةباستخدام القوتين الخشنة والناعمة جعلهم يميلون مرة اخرى للتهديد باستخدام القوة العسكرية المباشرة او التهديد والتلويح بها وهنا يأتي نصب صواريخ الباتريوت في الاراضي التركية بهدف تحقيق عدة اهداف اهمها حماية الكيان الصهيوني من اي هجوم خارجي قد يتعرض له وتهديد دول الجوار لتركيا وخاصة سورية وايران والعراق اضافة لاعادة تركياالى منصة للناتو لتهديد روسيا وغيرها من دول صاعدة ما يعيد المنطقة والعالم الى اجواء الحرب الباردة وتكون تركيابوابة لذلك ذلك ما ينعكس على الشعب التركي ومصالحه وامنه الوطني بشكل سلبي ويقدم خدمة مجانية لامريكا والكيان الصهيوني ويدفع بشعوب المنطقة التي تجمعها اواصر القربى والتاريخ والقيم الثقافية والمصالح المشتركة والامن المشترك الى مربع الصراع والاقتتال والتناحر .
د خلف علي المفتاح