ثورة أون لاين – أحمد حمادة:
عجائب الدنيا ليست سبعة كما يتوهم كل العالم، بل هي ثمانية بالتمام والكمال، لكن الجميع يتجاهل العجيبة رقم واحد، ويسقطها من قاموسه، دون أن يدري أن ألغازها تتفوق على أسرار الأهرامات وبرج بيزا المائل وسور الصين وحتى منارة الإسكندرية وحدائق بابل المعلقة، وبقية القصة بتفاصيلها السبعة.
هذه العجيبة هي الولايات المتحدة الأميركية، وتركيبتها وسياساتها ودورها العالمي، وطغيانها وتناقضاتها العجيبة، وسطوتها على المنظمات الدولية، فهي الدولة رقم واحد التي تنتهك القانون الدولي وهي رقم واحد التي تسيطر على المنظمات التي تعنى بالشأن القانوني الدولي.
وهي الدولة رقم واحد التي تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم مع أنها رقم واحد (ومعها الكيان الإسرائيلي) ممن ينتهكون حقوق الإنسان ويقتلونه، وهي التي تزعم محاربة الإرهاب في الوقت الذي تدعم فيه كل التنظيمات المتطرفة في سورية.
وهي التي تروج للدفاع عن المدنيين السوريين، وتتاجر بمأساتهم الإنسانية، وتزعم أن قواتها المحتلة جاءت إلى مناطقهم كي تنقذهم من الإرهاب، في الوقت الذي تمنع حتى قوافل الإغاثة من الوصول إلى هؤلاء المحاصرين، وما جرى في شرق الفرات منذ أيام خير شاهد.
تزعم محاكمها أنها الأكثر شفافية وعدالة بين محاكم العالم، وفي أحكامها نجد العجائب، فإحدى محاكمها تصدر حكماً يقضي بمسؤولية الحكومة السورية عن مقتل الصحافية الأميركية ماري كولفين عام 2012 مطالبة إياها بدفع مبلغ تعويض مالي يصل إلى أكثر من ثلاثمائة مليون دولار، مع أن وثائق المحكمة ذاتها تؤكد أن مرتزقتها هم من قتلوها لاستثمار الحدث كما تشتهيه سفنهم.
وفوق هذا وذاك لا تسمع محاكمها (العادلة والشفافة!) باستشهاد آلاف السوريين على يد طائراتها في دير الزور وشمال سورية، وإن سمعت بذلك، أو أن أحداً قدم لها الوثائق الخاصة بمقتل الضحايا وطالب بتعويضهم بواحد بالألف من الأرقام التي تقررها كما هو الحال في قضية الصحفية (كولفين)، فإن تبريراتها جاهزة وتتلخص بالقتل عن طريق الخطأ غير المقصود، أو أن هؤلاء الضحايا من الدواعش الذين جاءت أميركا لمحاربتهم كما تزعم.
والمفارقة الأكثر من ساخرة أن المحكمة إياها تقول، (إن سورية تورطت في جريمة قتل خارج نطاق القضاء بحق مواطنة أميركية وهي تتحمل المسؤولية أمام مدعيها القانونيين) وطبعاً من دون أية أدلة، ودون أن يخبرنا القاضي إياه عن حجم الجرائم والمجازر المروعة التي تورطت بها بلاده عن سابق قصد وترصد وتصميم بحق السوريين الأبرياء.
وحتى يأتي اليوم الذي توافق فيه تلك المحكمة وأخواتها على فتح ملفات آلاف الضحايا السوريين الذين استشهدوا بقصف طائراتها ويقرر قضاتها تعويضهم بمليارات الدولارات (بل بترليونات الدولارات) حسب مقياسهم فإني مصر على اعتبار أميركا العجيبة رقم واحد في العالم حتى يثبت العكس!.