باتت سورية على أبوابِ أنْ تضمَّ مجتمعاً مزدهراً معاصراً، يعتمد على ذاته، ومنفتح على الثقافات الأخرى، ويتمتع المواطن فيه برفاهٍ اقتصادي وصحي وتعليمي مميز، يعتمد على تنمية اقتصادية، كما سيكون مجتمعاً مندمجاً مع الاقتصاد العالمي يعتمد على المعرفة كمصدر أساسي لنموّه، معتمداً على سلطة القانون والشفافيّة والكفاءة.
هذا غيضٌ من فيض الحكومة وبركاتها علينا بكل جديّة، وفعلاً فلا نمازحكم بذلك، على الرغم من المكانة المرموقة التي صارت تتبوّأها أسطوانة الغاز في نفوس السوريين، لدرجة أنّ الكثيرين يتوقعون لها الفوز كملكة جمال الموسم الشتوي، والذي قد يمتدّ إلى موسم الربيع القادم، وعلى الرغم من الحرارة الناجمة عن اشتعال الأسعار الكاوية، واجتماعها مع صقيع المستوى المعيشي المنخفض الحرارة، تحت سقفٍ واحد، وعلى الرغم أيضاً من شحِّ تدفق التيار الكهربائي، ورغم كل ما حصل ويحصل بنا من دمارٍ وأهوال، ورغم كل ما حصل أيضاً من دولٍ وأشخاص نصّبوا أنفسهم أعداء لنا، لأننا لا نخضع لهم أو لأسيادهم، ولأننا نقترف ( جريمة ) العزة والكبرياء، والإصرار على سيادتنا واستقلال قرارنا .. رغم هذا كله فقد عمدت الحكومة بالأمس إلى فتح النقاش حول برنامجٍ يُنعشُ في القلوب الكثير من الأمل (البرنامج التنموي لسورية ما بعد الحرب) حتى العام 2030 أملاً بالوصول إلى الصيغة التنفيذية الأمثل لمكونات هذا البرنامج، والنية تتجه نحو مشاركتنا جميعاً – كمواطنين – في هذا النقاش، ليتحمّل كلّ منّا مسؤوليته، وليكون له دور في بناء هذا الوطن، حيث ستُعرض وثيقة هذا البرنامج علينا قبل أن توضع في التنفيذ.
رغم كلّ ما حلّ ويحل بنا، وما سوف يحلّ بنا لاحقاً، والذي يمكن استنتاجه من خلال المكائد المعلنة، وتلك الخفيّة التي قد تكون أصعب وأقسى، رغم ذلك فإنّ هذا البرنامج الوطني يضعنا أمام صورةٍ ناصعة تدبُّ في القلوب الطمأنينة على قوة الدولة السورية وثباتها، وإصرارها على الحياة والبقاء والنهوض، لا بل وعلى التحدّي أيضاً، فهي لا تقف فقط مُدافعةً عن سيادتها وكرامتها، وإنما ها هي تُخطط أيضاً لمستقبلها، وبكامل الإدراك إلى أين ..؟ وكيف تسير..؟ مُحدّدةً طريقها بخبراتٍ وطنية بحتة استطاعت أن تُطوّق بعنايتها كل شيء في وطننا الحبيب يتعلق بمكونات التنمية، ليكون مواكباً في هذه المسيرة القادمة، التي – كما تراها الحكومة – رسالة سياسيّة لدول العالم بأن من يخطط لسورية هم أبناؤها، ورسالة للمواطن السوري بأن الدولة تسير على طريق بناء المستقبل الذي يتطلّع إليه .. وهي بالفعل كذلك.
علي محمود جديد
التاريخ: الأثنين 11-2-2019
رقم العدد : 16906