يعزو البعض نجاح الناس في اعمالهم و حياتهم وشتى أمورهم إلى مسألة الحظ و أنه مرافق لهم و لولا الحظ لما نالوا هذا النجاح ولا وصلوا إلى ذلك التطور .و برأيي أن المحظوظ يعرف متى يغامر و متى يحجم. .المحظوظ يسير في الحياة وفقاً لنظرة تختلف عن نظرة معظم الناس فهو يحضر للفرص المؤاتية وينمي عادات وسلوكيات تفيد وتقوي الحظ الجيد. .وسواء كنت تباشر عملا جديداً أم تبدل وظيفتك أم تحاول تحسين وضعك العام فإن تبني هذه العادات يعزز فرص نجاحك. .المحظوظ يعرف الفرق بين المجازفة و التهور و بين الحدس العالم و الأمل الفارغ حيث عرف المؤلف و العالم ماكس غانثر الحدس على أنه استنساخ يستند إلى حقائق مخزونة في مستوى معين من اللاوعي. و الناجحون يجمعون معلومات كهذه بنهم دائم ليعززوا حدسهم وهذا ماعناه الشاعر عندما قال : كل الصور الفضلى التي يوردها الشاعر هي صور لم يدرك أنه يحصل عليها عندما كان يظفر بها .
.و هناك في الحياة صور كثيرة لأفراد عاشوا قصص النجاح و أخذوا نصيبهم من الحظ ففي العام 1947 كان بوب بيترس اجيرا في محطة وقود قرر أن يتبع حدسه الذي أنبأه أن هناك الكثير من الشباب يحبون التحدث عن السيارات و زيادة معلوماتهم حولها فجازف مع صديق له بكل ما كانا يملكان (400 ) دولار لتحويل تلك الحماسة إلى مجلة بعنوان « هوت رود « و حمل نسخا منها إلى حلبات سباق السيارات في كاليفورنيا و باع كل نسخة بربع دولار و اليوم تنتج « دار بيترس للنشر « العملاقة ثلاثاً وعشرين مجلة متخصصة بالسيارات و الهوايات و تقدر ثروته ب 350 مليون دولار.
المحظوظ يعيد النظر في كل الأمور في حين يكاد الآخرون لا ينظرون إلى الأمور إلا مرة واحدة . غالباً ما يكون غير المحظوظين أشخاصاً عنيدين إما بسبب غرورهم و اما بسبب جهلهم أما المحظوظون فيعرفون متى يكون التراجع حسناً و ضرورياً ..يقول أحد الناجحين ممن يطلق عليه المحظوظ : القدرة على تقدير مدى المجازفة أمر حاسم .. أنا لا أقدم على أمور لا أعرف لها نهاية .فالمحظوظ على استعداد دائم لتغيير مساره إلى الاتجاه الذي يجد فيه فرصة سانحة .و لايدع المحظوظ المشاغل تثنيه عن مقابلة أناس جدد أو عن المحافظة على صداقاتهم القديمة فهم يتحدثون إلى جلسائهم في الطائرة و يتبادلون و إياهم بطاقاتهم الشخصية و ينضمون إلى الأندية و المشاركات و الاعمال الاجتماعية و يتحدثون و يتحدث عنهم .
قال رئيس أحد مكاتب التوظيف في نيويورك أن الكثير من المرشحين لوظائف عليا هم « أناس عرفوا أناساً آخرين بأنفسهم « يملك الناجحون عزما و قدرة و حماسة على أن ينطحوا الجدار برؤوسهم لكنهم يستغلون ذلك التصميم بفاعلية كبرى من خلال تمعنهم في الجدار بحثاً عن حجار متقلقلة . في الخمسينات وظف أحدهم أمواله بذكاء في مخازن كبرى فكان المردود سخيا إذ تقدر ثروته اليوم بعشرات المليارات وهو يملك فنادق و مباني وفنادق و يتعهد فرقاً رياضية و يداوم كل يوم في مكتبه منذ الخامسة و النصف صباحاً إنه في الثانية و الثمانين من عمره و يحاول إطالة مساره « .. إن هذا لمن أصعب الدروس على الفهم لأن بعض الناس يجعلون الحظ يبدو امرا و لا أسهل فنراهم يتمتعون بالثمار و ليست لديهم أدنى فكرة عما تتطلبه زراعة الشجرة ورعايتها .. إن أسرار النجاح ليست بالمظلمة و لا بالعميقة فهي لا تستبعد الحظ المبتسم و لا الظروف العاثرة لكنها ترفض السماح لهذه الأمور التحكم بحياتنا ..
أيمن الحرفي
التاريخ: الجمعة 15-2-2019
رقم العدد : 16910

التالي