بعض الكلام يؤذي كالوجع

سيل من العبارات الجاهزة الموروثة من سلف لخلف، يتم رشق الأبناء بها يوميا كالرصاص سعيا نحو مزيد من الطاعة ، والانصياع لرغبات الأهل في الامتثال لأوامرهم، والانصهار في قوالب مسبقة الصنع ، تعيد إحياء أحلام مضاعفة لأبوين في تحقيق أمنيات عجزت عنها قدراتهم وحالت دونها ظروفهم، وفي أحيان أخرى تكون محاولات ناجحة تارة وفاشلة تارة أخرى لاستنساخ أبناء ليكونوا نسخة مصغرة لآباء ناجحين ذوي مكانة مرموقة اجتماعيا و لامعين لهم عمليا.
خارج دائرة النقاش و بعيدا عن لغة الحوار وبكل حب وحسن نية ، قد يتم إيذاء الأبناء من أقرب الناس وأكثرهم غيرة على مصلحتهم وأشدهم حبا لنجاحهم في الحياة العملية والاجتماعية، دون مراعاة لقدرات فردية وميول ورغبات خاصة، وكأنهم ملكية خاصة بالأهل وأشياء جماد تتحرك بالريموت كنترول ، سعيا نحو خلق كائنات مثالية مبرمجة تتلقى الأوامر سمعا وطاعة، بينما تتراكم الندبات في تلك النفوس يوما بعد يوم.
انطلاقا من تقديس جيل الماضي ، وعبر هالة من المثالية تبدأ لغة التوجيه والوعظ ليتم تشكيل عجينة لينة مطواعة، من خلال عبارات تحط من قدرات الأبناء و تسخف ميولهم وتتجاهل مشاعرهم وخصوصيتهم، حيث يعتقد الآباء والأمهات أنهم دائما على صواب ولابد من تنفيذ أوامرهم ، والامتثال لتوجيهاتهم لإيمانهم العميق بأن عملية التربية مرتبطة بالتأديب الذي يحمل في طياته بعض القسوة.
و بحسب جوزيف وكارولين ميسينجر المتخصصين في رموز الكلام والتواصل في كتابهما (كلمات نقتل بها أولادنا… لا تقولوها أبدا)، إن العبارات التي ينطقها الوالدان كالأحكام المبرمة تلعب دورا رئيسيا في رسم صورة الولد عن نفسه إلى درجة انحباسه فيها ، و تلك الكلمات يمكن أن تتخطى قوة الوعود أو النيات والكلام المعلب الذي يستخدمه الأهل، أشبه بجرثومة تنخر قدرات الأولاد وتضعفها، ويتوجه الكتاب بالنصح إلى الوالدين بالتدقيق بكلامهما قبل التفوه به، وبنسج حوار مع الأولاد بدلا من العبارت الجاهزة ، وبضرورة الاصغاء إلى ما يقولونه قبل النطق به واختيار الكلمات المناسبة المشحونة بمشاعر إيجابية ، تفيد في إطلاق حوار مع الأبناء و لا تفرض رأيا لأن نجاحهم رهن كلماتكم.
فلا تقتلوا أولادكم بذريعة الحرص والحب ، كي لا تتساءلوا بعد مرور السنوات من أين أتى الأبناء بتلك الطباع الصادمة و من أين ورثوها، فذاك هو الزرع الذي زرعناه وسقيناه بطرقنا التي ورثناها من الآباء و الأجداد، و تكرار عشوائي لأخطاء تحت مسمى هكذا تربينا…
منال السماك
التاريخ: الجمعة 15-2-2019
رقم العدد : 16910

آخر الأخبار
عبد الكافي كيال : صعوبات تعرقل إخماد حرائق جبل التركمان... واستنفار شامل دمشق تؤكد التزامها بإنهاء ملف الأسلحة الكيميائية.. حضور سوري لافت في لاهاي دمشق تنفي ما تداولته وسائل إعلام حول "تهديدات دبلوماسية" بحق لبنان من جديد .. محافظة دمشق تفعل لجان السكن البديل.. خطوات جديدة لتطبيق المرسوم 66 وتعويض أصحاب الحقوق رئيس مجلس مدينة كسب للثورة : البلدة  آمنة والمعبر لم يغلق إلا ساعة واحدة . إخماد حريقين في مشتى الحلو التهما  خمسة دونمات ونص من الأراضي الزراعية وزير الطوارئ :  نكسب الأرض تدريجياً في معركة إخماد الحرائق.. والغابات لم تُحسم بعد وفد من اتحاد الغرف التجارية وبورصات السلع التركي يلتقي الرئيس "الشرع" في دمشق الخضراء التي فتحت ذراعيها للسوريين.. إدلب خيار المهجرين الأول للعودة الآمنة باراك: لا تقدم في مفاوضات الحكومة السورية مع "قسد" و واشنطن تدعم دمجها سلمياً من  ألم النزوح إلى مسار التفوق العلمي..  عبد الرحمن عثمان خطّ اسمه في جامعات طب ألمانيا علما سوريا جيليك: نزع السلاح لا يقتصر على العراق.. يجب إنهاء وجود قسد  في سوريا رفع كفاءة الكوادر وتطوير الأداء الدعوي بالقنيطرة بين الصياغة والصرافة .. ازدواجية عمل محظورة وتلويح بالعقوبات نزهة الروح في ظلال الذاكرة.. السيران الدمشقي بنكهة الشاي على الحطب "تربية طرطوس": كامل الجاهزية لاستقبال امتحانات الشهادة الثانوية الغابات تحترق... والشعب يتّحد.. التفاف شعبي واسع لمواجهة حرائق الساحل وزير الطوارئ ومحافظ اللاذقية يستقبلان فرق مؤازرة من الحسكة والرقة ودير الزور سوريا تسعى لاستثمار اللحظة الراهنة وبناء شراكات استراتيجية تعكس تطلعات الشعب الاكتتاب على ١٢١ مقسماً جديداً في حسياء الصناعية