ما إن أسدل الستار على مؤتمر وارسو حتى بدأت خفاياه وأسراره تتسرب على النحو الذي يخدم حملة العلاقات العامة الإسرائيلية الرسمية مع الحضور العربي فما التقطته وسائل الإعلام في هذا السياق هو جزء يسير من لقاءات الغرف المظلمة.
حملة الدعاية الإسرائيلية لاستثمار هذه الوليمة الأميركية «تطبيعيا» مع الأنظمة العربية المدعوة بدأت قبل أسابيع وقادها رئيس وزراء حكومة العدو بنيامين نتياهو بإعلانه يوميا عن تحسن علاقات كيانه مع العديد من الدول العربية والإفريقية وتعمده الإشارة إلى حدوث تحول كبير في هذا الشأن.
لا شك أن لإسرائيل علاقات علنية وسرية مع بعض الدول العربية والأفريقية ولكن لا تعكس حقيقة الشعور الشعبي الرافض لوجود هذا الكيان الغاصب المحتل وهو ما جعل فوائد هذه العلاقات في اطار التطبيع الشعبي محدودة لكيان العدو الذي لا يخطط فقط لتعويم نفسه في المنطقة بل ليكون الفاعل الأكبر فيها على حساب الحقوق الفلسطينية والعربية.
في وارسو بحث نتياهو وفريقه عن إحداث تحول في الوعي العربي والإسلامي الرافض لكيانه الغاصب ولكن هذه الجهود لم ولن تصب هدفها المرجو وتحولت إلى حملة علاقات رسمية ظللها فشل راعي المؤتمر في توليف حلف قادر على تحقيق إستراتيجيته العدوانية القائمة على المعطيات والأهداف العدوانية الإسرائيلية ضد إيران.
ما تكشفه تباعا وسائل الإعلام العالمية والإسرائيلية عن اللقاءات الثنائية للوفد الإسرائيلي مع الوفود الأخرى وخاصة العربية منها لا يقدم جديدا عن مساعي العدو في هذا المضمار وإنما يسلط الضوء على حقيقة الانفصام بين هؤلاء وبين شعوبهم التي ترفض التفاعل مع هواهم الإسرائيلي سواء كان ذلك بإرادتهم أم بأوامر مشغلهم الأميركي ولكن حكومة العدو تستغل هذه العلاقات الثنائية في إطار دعايتها الدولية الرامية لإقناع العالم بأن صراعها مع العرب مضخم وأن مشكلة دول المنطقة هي مع إيران وليست إسرائيل.
خيبة نتنياهو لم تقتصر على إطار العلاقات العامة التي تقتصر على الجانب الرسمي بل امتدت إلى نتائج المؤتمر التي لم ترقَ إلى أدنى الطموحات الإسرائيلية تجاه إيران حيث ألقى التمثيل الأوروبي الضعيف إضافة لغياب قوى فاعلة على المستوى الدولي و الإقليمي بثقله على المؤتمر الأمر الذي بدا واضحا في غضب هذه القوى المتزايد من سياسات الولايات المتحدة الانفرادية حيال سورية وإيران والملفات الحساسة الأخرى.
يوما بعد آخر سيكشف الجانب الإسرائيلي عن كواليس وارسو بما يخدم حملته القذرة لتسويق نفسه ككيان مقبول ولكن هذا يوضح مدى القلق الإسرائيلي من المستقبل القادم في ضوء فشل خططه في سورية وإيران وحتى بمشاركته في العدوان على الشعب اليمني بشكل خفي.
ومن الجانب العربي يعكس إقامة بعض المسؤولين العرب علاقات علنية مع إسرائيل مدى رضوخهم للجانب الأميركي الذي غالبا ما يكون المحرك لمثل هذه العلاقات وهذا لا يعني انتفاء الرغبة لديهم مبدأ التقرب من الوكيل لنيل رضا الأصيل.
معاً على الطريق
أحمد ضوا
التاريخ: الأحد 17-2-2019
رقم العدد : 16911
السابق
التالي