علامات الترقيم في اللغة العربية

الملحق الثقافي_سلام الفاضل:

تعدُّ علامات الترقيم رموزاً متفقاً عليها توضع في النص المكتوب لتنظيمه وتيسير قراءته وفهمه؛ وهي ليست حروفاً، ولا تُنطق؛ ويشترك معظمها بين اللغات المكتوبة جميعاً، ويختلف استعمالها وقواعدها بحسب اللغة وتطورها بين زمن وآخر؛ ومن الاستعمالات الشائعة لعلامات الترقيم في اللغة العربية: الفصل بين أجزاء الكلام والمعاني، وتحديد مواقع الوقوف في النص، والاقتباس النصي، وإظهار التعجب والاستفهام، وتحديد علاقة الجمل بعضها ببعض.
وكتيب (علامات الترقيم في اللغة العربية)، تأليف: حسام الدين خضور، والصادر مؤخراً ضمن سلسلة «قضايا لغوية» عن الهيئة العامة السورية للكتاب يتناول بالبحث والدراسة الحديث عن هذه العلامات، مبيناً أبرز استعمالاتها، وأشهر مواضعها، وبوادر نشوئها الأولى.

النشأة
حافظت الكتابة العربية على شكلها الحالي المتطور منذ بداية القرن السابع الميلادي، وتعد مخطوطة القرآن الكريم الموجودة في جامعة برمنغهام أقدم مخطوطة كُتبت باللغة العربية الحالية.
ومنذ بداية القرن الهجري الأول شعر المسلمون بالحاجة إلى حل ناجع لاختلاف قراءات القرآن الكريم بسبب تشابه الأحرف، وقد وجدوا في الكتابتين النبطية والسريانية أمثلة عدة على التنقيط للتمييز بين الأحرف المتشابهة؛ وقياساً على ذلك أضيف نظام التنقيط إلى الأحرف العربية.

أبو الأسود الدؤلي

تختلف حركات أبي الأسود الدؤلي في رسمها عن الحركات التي نستعملها اليوم، فمما وصل إلينا أن أبا الأسود أخبر كاتبه قائلاً: «خذ صبغاً أحمر، فإذا رأيتني فتحت شفتي بالحرف فانقط واحدة فوقه، وإذا كسرت فانقط واحدة أسفله، وإذا ضممت فاجعل النقط بين يدي الحرف (أي أمامه)». وقد انتشرت طريقة أبي الأسود هذه، ولكن لم يُعمل بها إلا في المصاحف.
بعد ذلك زاد الباحثون على طريقة أبي الأسود التنوين. وزاد أهل المدينة علامة التشديد، أما أهل البصرة فقد زادوا السكون إذ جعلوه شرطة أفقية فوق الحرف منفصلة عنه.

الفراهيدي
غيّر الخليل بن أحمد الفراهيدي في العهد العباسي رسم الحركات حتى يتمكن الناس من الكتابة بلون الحبر نفسه، ويتمكن القارئ من التمييز بين تنقيط الحركات وتنقيط الإعجام. فجعل الفتحة ألفاً صغيرة مائلة فوق الحرف، والكسرة ياء صغير تحت الحرف، والضمة واواً صغيرة فوقه، وإذا كان الحرف منوناً كرر الحركة، واخترع شكل الشدة والهمزة؛ وبهذا يكون النظام الذي اتخذه الفراهيدي قريباً من الرسم الذي تتخذه الحركات اليوم.

تاريخ علامات الترقيم
يرجع تاريخ علامات الترقيم عالمياً إلى الألفية الأولى قبل الميلاد، وترتبط المحاولات الأولى باسم الكوميدي الإغريقي أريستوفانس الذي وضع ثلاث علامات ترقيم بقصد التوقف، تمثل في علاماتنا الحالية الفاصلة والفاصلة المنقوطة والنقطة.
ويأتي بعده بنحو ألف عام باحث من إسبانيا، هو إسيدور إشبيليا، الذي روج للقراءة الصامتة التي تطلبت علامات ترقيم ليس للتوقف فحسب بل لجلاء المعنى أيضاً.
وكان لاختراع الطباعة أثر كبير في ابتكار علامات الترقيم، التي تطورت منذئذ بخطا حثيثة حتى أخذت شكلها الحالي في جميع لغات العالم المكتوبة مع بعض التحويرات لتكون ملائمة لشكل الكتابة واتجاهها.
في العقد الثاني من القرن الماضي، وفي عام 1912 بالتحديد، دخلت علامات الترقيم إلى اللغة العربية على يد اللغوي والمترجم المصري العلامة أحمد زكي باشا، وفي عام 1932 أقرها مجمع اللغة العربية في مصر، ومنها انتشرت إلى باقي الدول العربية، واقتصرت حينها على عشر علامات ترقيم هي: الفاصلة، الفاصلة المنقوطة، النقطة، النقطتان المتعامدتان الرأسيتان، النقاط الثلاث الأفقية، علامة الاستفهام، علامة التعجب، القوسان، علامتا التنصيص، علامة الحذف. ثم أضيف إليها غيرها.

أقسام علامات التنقيط
تنقسم هذه العلامات من حيث وظيفتها في الكتابة إلى أربعة أنواع، هي:
– علامات الوقف: ( ، ؛ . )؛ تمكن القارئ من الوقوف عندها وقوفاً تاماً، أو متوسطاً، أو قصيراً، والتزود بالراحة أو النفس الضروري لمواصلة القراءة.
– علامات النبرات الصوتية: ( : … ؟ ! )؛ وهي علامات وقف أيضاً لكنها تتمتع بنبرات صوتية خاصة وانفعالات نفسية معينة أثناء القراءة.
– علامات الحصر: ( « « – ( ) [ )؛ وهي تسهم في تنظيم الكلام المكتوب وتساعد على فهمه.
– علامات الإشارات: المستعملة في البرمجة أو الرياضيات مثل ( < > *& ^ ).
ويمكن إجمال أهمية علامات الترقيم في النقاط الآتية:
1- تسهل الفهم على القارئ، وتحسن إدراكه للمعاني، وتفسر المقاصد، وتوضح التراكيب أثناء القراءة.
2- تعرفنا مواقع فصل الجمل وتقسيم العبارات، والوقوف على المواضع التي يجب السكوت عندها… فتُحسن الإلقاء وتجوده.
3- تسهل القراءة فتجنب القارئ هدر الوقت.
4- إنها في تصور الكاتب مثل الحركات اليدوية، والانفعالات النفسية، والنبرات الصوتية التي يستعملها المتحدث أثناء كلامه.
5- إنها تنظم الموضوع، وتجمل نطقه، وتحسن عرضه.
يقع هذا الكتيب في 60 صفحة من القطع المتوسط.

التاريخ: الاثنين19-2-2019

رقم العدد : 16912

آخر الأخبار
مبادرة "جذوري" لتقوية الطلاب العائدين باللغة العربية   محافظ حلب : دعم القطاع التجاري والصناعي يشكل  الأساس في عملية التعافي د. الرداوي لـ "الثورة": المشاريع الكبرى أساس التنمية، والصغيرة مكمّلة مبادرة "تعافي حمص"  في المستشفى الجامعي اندلاع أكثر من عشرة حرائق في اللاذقية وإخماد ثلاثة منها حريق يستعر في حي "دف الصخر" بجرمانا وسيارة الإطفاء بلا وقود تسريع إنجاز خزان المصطبة لمعالجة نقص المياه في صحنايا صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار