ثورة أون لاين:
يتفرد النظام السياسي في لبنان عن غيره من الانظمة القائمة في اغلب بلدان العالم بأنه يقوم على المحاصصة الطائفية والتي تكرست في الحياة العامة وبنية المؤسسات السيادية للدولةاللبنانية ،ما نتج عنه طبقات سياسية على مستوى الطوائف احتكرت الى حد بعيد المشهد السياسي والتمثيلي في لبنان لعدة عقود وانتجت بنى اقتصادية واعلامية ومجتمعية موازية لها ومعبرة عن مصالحها ولكي تحافظ على امتيازاتها ونفوذها لجأ البعض منها الى نسج شبكة علاقات ومصالح وارتباطات مع قوى خارجية اقليمية ودولية شكلت امتدادا لها في لبنان الدولة والموقع المميز فكريا وثقافيا وجيوسياسيا سيما بعد قيام الكيان الصهيوني في فلسطين .
لقد استطاعت النخب السياسية اللبنانية استثمار طبيعة الحياة السياسية القائمة على مبدأ الديمقراطية التوافقية والميثاقية والعيش المشارك لتجد فيها المجال والفضاء المناسب لتسويق بعض المشاريع السياسية والتعبير عن مصالح قوى خارجية فيها من التناقض مع مصالح الشعب اللبناني اكثر من التوافق ويتقدم فيها الخاص الطائفي على العام الوطني ما جعل بعض القوى في لبنان او اكثريتها تستقوي على المكون الكلي اللبناني بابراز المكون الجزئي والادعاء بالخطر الذي يتهدد اسس العيش المشترك ما جعله شماعة تتلطى بها بعض القوى عند استشعارها بأي حالة تجديد في الية انتاج المؤسسات اللبنانية ترى فيها تقليصا لنفوذها او ما تكرس لها من نفوذ وامتيازات في سوق المحاصصة السياسية .
واذا كان اللبنانيون قد توافقوا على محاصصة سياسية تكرست عبر عدة عقود على ما هو فوق الجغرافية اللبنانية فالخوف كل الخوف ان تتحول الى محاصصة على ما هو في جوف الاراضي والمياه الاقليمية اللبنانية بعد الحديث عن اكتشافات لحقول نفط وغاز فيها وهو ما ما اثار شهية بعض الدول والقوى وبدأت بالتوافد على لبنان وتلتقي بعض القوى السياسية فيه معلنة وبدون تحفظ عن اهمية هذه الاكتشافات وضرورة حمايتها والاستفادة منها وكأنها تفترض جدلا ان ثمة اشكالات داخلية لبنانية ستحصل حولها كما هو حال الشأن العام اللبناني بمعنى ادق ثمة توجه عام لدى تلك القوى لتكريس حالة محاصصة في الثروات الباطنية كما هو الحال في المحاصصة السياسية عندها يفسح في المجال للقوى الخارجية للتدخل في شأن سيادي لبناني وهنا يحضر العامل الاسرائيلي اساسيا في ذلك كون ساحة امتداد وتموضع تلك الثروات المكتشفة يتحاوز الحدود اللبنانية الى فلسطين وقبرص وتركيا ومصر وهنا تصبح نقاط الضعف والمدخل الى هذه القضية النافذة اللبنانية المفتوحة على اكثر من اتجاه .
من هنا تبدو الحاجة ماسة لبلورة موقف لبناني تمثله الدولة عبر سلطتها الشرعية والية القرار فيها لتكون العنوان الوحيد للحديث عن هذا الموضوع الهام والاستراتيجي ولا يدخله احد في سوق المتاجرة السياسية بهدف تحقيق مصالح ضيقة او لخدمة قوى خارجية لا ترى في لبنان الامزرعة وبورصة وساحة اختبار لقوة نبض سياساتها وفاعلية ما تطرحه او يوكل اليها تنفيذه من مشاريع خارجية .
د.خلف المفتاح