على مدى بضعة عقود ماضية كانت اللجان الإقليمية المتعاقبة المشكّلة في الساحل السوري، والجهات المعنية بأمور التخطيط العمراني في وزارتي الإسكان والإدارة المحلية، المسؤولة عن التشويه العمراني الذي شهدته معظم الأراضي على امتداد الشاطئ السوري، لأسباب مختلفة أهمها إصدار تلك الجهات مخططات تنظيمية، واعتمادها أنظمة ضابطة بناء لا تتناسب مع أهمية شاطئنا السياحية وغير السياحية!
وأساس المشكلة أو المعضلة أنها لم تراع خصوصية هذا الشاطئ وعاملت الوحدات الإدارية (البلديات) المتوضّعة عليه لجهة المخططات التنظيمية وأنظمة ضابطة البناء معاملة أي بلدية درجة رابعة موجودة في آخر نقطة من ريف الساحل ما أدى إلى إشادة أبنية و(شاليهات) مشوهة معمارياً من كافة الأوجه، وإلى تنفيذ شوارع ضيقة وأحياء مضغوطة ومخنوقة، وبنى تحتية سيئة، وإشغالات عشوائية..الخ
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم: لماذا تجاهلت تلك الجهات خصوصية وأهمية الشاطئ السوري الذي لا يتجاوز طوله المئة والتسعين كيلو متراً؟ وهل يجوز أن يبقى خاضعاً لإشراف عدة جهات عامة دفعة واحدة بدءاً من الموانئ مروراً بالسياحة والمحافظة وليس انتهاء بالبلدية ذات العلاقة؟ ومن ثمّ ما الحل لمعالجة هذا الخلل المركّب، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما تبقى من أراض داخل أو خارج المخططات التنظيمية التي لم تُشَد عليها مبان حتى الآن؟
الإجابة على السؤالين الأول والثاني برسم من يهمه الأمر في السلطات المحلية والمركزية، أما بالنسبة للسؤال الثالث فيمكن أن يكون من خلال ورشة عمل تدعو إليها وترعاها وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالتعاون مع محافظتي اللاذقية وطرطوس يشارك فيها خبراء في أنظمة البناء والسياحة الشاطئية، وأكاديميون من الجامعات، ومديرية التخطيط العمراني في الوزارة، وممثلون عن المكتب التنفذي لمجلسي المحافظتين والموانئ والسياحة والخدمات الفنية والوحدات الإدارية الشاطئية، يتم من خلالها دراسة الواقع الحالي من مختلف الجوانب ووضع مقترحات حول تطوير المخططات التنظيمية وأنظمة ضابطة البناء وصولاً لواجهات معمارية متميزة وبنى تحتية وشوارع وخدمات نوعية تنسجم مع البحر وشاطئه وتلبي رغبات سكانه ومرتاديه بشكل خاص والتنمية والاقتصاد الوطني بشكل عام.. إنه اقتراح نضعه برسم وزارة الإدارة المحلية والبيئة آملين الأخذ به.
على الملأ
هيثم يحيى محمد
التاريخ: الخميس 21-2-2019
رقم العدد : 16915
السابق
التالي