قد يكون خبر اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل مرّ دون التوقف عنده، ولاسيما أن وزراء القارة العجوز لن يأتوا بجديد طالما تحكمهم السياسة الأميركية، ولن يكونوا أسياد قرارهم طالما حصان ترامب يجرّ عربتهم، وخاصة فيما يتعلق بقضية عودة إرهابيي داعش من سورية والعراق، نتيجة هزائم التنظيم وتقهقر صفوفه وسقوط خرافته.
الاجتماع جاء عقب دعوة الرئيس الأميركي لتسليم 800 مرتزق أوروبي من (داعش)، مهدداً بالإفراج عنهم، وهو ما جعل الأجواء متوترة وسيطرت عليها غمامة من القلق والرعب فيما لو نفذ ترامب تهديده فعلاً، وارتسمت حسب المراقبين علامات الخوف والتساؤل على الوجوه، أي ماذا سيحل بالأوروبيين لو عاد أولئك وانتشروا على هواهم، وأعادوا تنظيم خلاياهم واستعادوا نشاطهم لاستكمال جرائمهم التي عجزوا عن تنفيذ معظمها في الساحات التي أطلقت أوروبا سراحهم فيها، وزودتهم بالسلاح والمال وسهلت مرورهم عبر تركيا وصولاً إلى المنطقة.
والرعب أيضاً لم يكن من عودتهم فقط، بل ومن محاكمتهم، لأن هناك من يدعمهم ويقف معهم وبالتالي قد ينتقم لهم، إذا لم يتم إخلاء سبيلهم، كما الخوف أيضاً من عدم السيطرة عليهم وصعوبة مراقبتهم، وأيّ أجهزة سوف يتم توظيفها للحد من أنشطتهم وسلوكهم، في وقت قد تضيق فيه الخيارات أمام واشنطن، لكونها ستضطر لإطلاق سراحهم والعمل على إعادتهم نزولاً عند رغبة الميليشيات التي تستجديها لتنفيذ ذلك.
تلك التهديدات دفعت بعض الدول الأوروبية للتفتيش في دفاترها العتيقة، لمنع الالتفاف على أي إجراء يسمح بعودة أولئك، وهو ما لجأت إليه بريطانيا لإعادة صياغة قانون عمره نحو ستمئة وخمسين عاماً لتمكين عملية المنع، وتسهيل عمل المدّعين العامين لتجريم الإرهابيين العائدين في إطار تفعيل قانون الخيانة العظمى، وإلغاء الجنسيات لكلّ من انضم لصفوف الإرهابيين، كما ينطبق ذلك على عوائلهم، حيث تدّعي أنه ينبغي محاكمة أولئك وفقاً للإجراءات القانونية المناسبة في كلّ بلد، متجاهلة بذات الوقت التسهيلات التي قدمتها لهم حتى باتوا في صفوف التنظيمات الإرهابية قبل ثماني سنوات.
اليوم وبعد أن سقطت خرافة التنظيم و خسر(داعش) معظم الأماكن التي تواجد فيها، وتحطمت محاولاته بالوصول إلى أهدافه، دخلت أوروبا في صراع من نوع آخر، لتجد نفسها أمام خيارات صعبة، فإما السماح لأولئك بالدخول حاملين جوازات سفرهم، أو التخلي عنهم كمواطنين تبدي بعض الجهات والمؤسسات (تعاطفاً) معهم.
حدث وتعليق
حسين صقر
huss.202@hotmail.com
التاريخ: الخميس 21-2-2019
رقم العدد : 16915

السابق
التالي