الثورة – رولا عيسى :
لعل التحدي الأكبر في مرحلة إعادة الإعمار ليس في حجم الأضرار أو تكلفتها فحسب، بل الأهم في كيفية إدارة العملية برمتها وتحديد الأولويات.
يتابع الأستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي الدكتور محمد شعبان رؤيته الأكاديمية مع صحيفة الثورة حول سبل نجاح عمليه إعادة الإعمار، فهو لا يرى أن الحل في مجرد تأمين المال اللازم، بل في طريقة إنفاقه، وكيفية الاستفادة من كل دولار في بناء مستقبل مستدام. ويطرح ضرورة تبني أساليب حديثة لإدارة المشاريع، بعيداً عن العشوائية، ويؤكد أن النجاح لن يتحقق إلا من خلال التخطيط العلمي ورفع العقوبات التي أعاقت التنمية لسنوات. وعن أبرز التحديات التي تواجهها البلاد بعد سنوات طويلة من النزاع المدمر الذي أثر بشكل كبير على بنيتها التحتية والاقتصاد الوطني، يقول الخبير الدكتور شعبان: وفقاً للتقديرات، تتجاوز تكاليف إعادة الإعمار 400 مليار دولار، مع تأثر قطاع الإسكان بشكل خاص بنسبة 65 بالمئة من إجمالي الأضرار.
النجاح
ويرى أن نجاح مشاريع إعادة الإعمار يتطلب أكثر من مجرد الموارد المالية؛ بل يحتاج إلى إدارة فعّالة ومهنية تعتمد على أساليب منهجية علمية حديثة. كما يسلط الدكتور شعبان الضوء على أهمية التخطيط المدروس، وتطبيق منهجيات إدارة المشاريع الاحترافية لضمان تنفيذ المشاريع بجودة عالية وفي الوقت المحدد، بالإضافة إلى أهمية رفع العقوبات الاقتصادية التي كان يفرضها المجتمع الدولي، والتي تشكل عائقاً رئيسياً أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية والتكنولوجيا.
ويواصل الخبير الاقتصادي التأكيد على أهمية إدارة فعّالة في مشاريع إعادة الإعمار في سوريا، من خلال التركيز على بعض النقاط الجوهرية التي يمكن أن تكون أساساً لتحقيق النجاح في هذا التحدي الكبير.
وأولها وفقاً للخبير شعبان التخطيط الفعّال، إذ يشير إلى أن حجم الأضرار الناتجة عن الحرب في سوريا يتطلب تخصيص ميزانيات ضخمة لإعادة الإعمار، تتماشى مع التقديرات أعلاه وقد تصل إلى أكثر من 400 مليار دولار مع إمكانية أن تتجاوز الـ600 مليار دولار، ويُبرز ضرورة وضع خطط محددة ومتابعة دقيقة لهذه المشاريع لضمان عدم هدر الموارد وتحقيق الأهداف في الأوقات المحددة.
وثانياً، ضرورة تطبيق منهجيات حديثة، هنا يقول أستاذ الهندسة المدنية: لا يمكن التقدم بإعادة الإعمار باستخدام الأساليب القديمة في التخطيط والتنفيذ، بل يجب استخدام منهجيات علمية حديثة ومستندة إلى تجارب ناجحة في الدول الأخرى، مثل العراق، لتجنب الفوضى والتخبط، وضمان نجاح المشاريع في المدى الزمني المحدد.
وعن دور إدارة المشاريع الاحترافية يؤكد الدكتور شعبان أن إدارة المشاريع كمنهجية احترافية، خاصة في المشاريع المعقدة وكبيرة الحجم، تساهم في ضمان متابعة دقيقة للوقت والتكاليف، وتحسين جودة التنفيذ، وتجربته مع بلدان أخرى بيّنت أن نجاح المشاريع يعتمد على تطبيق منهجيات منهجية مدروسة.
العقوبات بالمرصاد
ويتطرق الخبير الاقتصادي في رؤيته إلى العقوبات وتأثيرها على الاقتصاد، وتناول تأثير العقوبات المفروضة على سوريا، وخاصة قانون قيصر الأميركي، موضحاً أن هذه العقوبات كانت عائقاً أمام تدفق الاستثمارات الأجنبية وتطوير البنية التحتية. رفع العقوبات يعتبر خطوة حيوية من أجل ربط الاقتصاد السوري بالاقتصاد العالمي، وجلب الاستثمارات والتكنولوجيا الحديثة، وبالتالي تعزيز قدرة سوريا على إطلاق مرحلة إعادة الإعمار بنجاح.
الدكتور شعبان يوضح أن مشروع إعادة الإعمار ليس مجرد عملية بناء، بل يتطلب إدارة استراتيجية واحترافية، بالإضافة إلى الدعم الخارجي من خلال رفع العقوبات وتيسير وصول الاستثمارات الأجنبية.