(الحكايات ضمن العمل هي أقرب إلى الواقع المعاش ، إننا نحكي عن تحرر المرأة وعن قصص حب بريئة وصراع بين الجهل والعلم ، وعن غدر يطال البلد من الداخل والخارج عبر خط وطني يحمل إسقاطات على ما عشناه خلال سنوات الأزمة) .. بهذه الكلمات يعرّف المخرج غزوان قهوجي الخط العام للمسلسل الشامي (شوارع الشام العتيقة) الذي انتهت مؤخراً عمليات تصويره ، وهو من تأليف علاء عساف وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ضمن إطار مشروع خبز الحياة وإشراف عام المخرج زياد جرجس الريس ، وللإضاءة أكثر على المسلسل كان لنا هذا اللقاء مع مخرجه :
وسط ازدياد عدد أعمال البيئة الشامية كيف يمكن جذب الجمهور ؟ ما المختلف الذي تراهنون عليه ؟
أعمال البيئة الشامية رغم تكرارها وكثرتها إلا أنها جواز سفرنا الأول إلى الوطن العربي ، فهي مُشاهدة عربياً كفئة أولى بين أعمال الدراما السورية ، ومرغوبة تسويقياً ، ومن السهل إسقاطها على واقعنا أكثر من الأعمال التاريخية و الفانتازيا لأنها تمثل البيئة السورية بشكل عام ، كما أنها حامل أخلاقي للدراما التي يمكن أن تدخل إلى البيوت دون استئذان ، فهي مُشاهدة أسروياً وغير نخبوية وليست متعالية على الناس .
أما إلى أي مدى يمكن أن تكون مختلفاً ، فهذا يتوقف على مخزونك من البيئة ، فإن كنت ابن البيئة عندها يمكن أن يكون لديك وجهة نظر خاصة بها ، كما يتوقف على مشاهداتك لأعمال البيئة الشامية وبعض الملاحظات التفصيلية عليها ، فدائماً هناك خلاف حول هل كنا هكذا أم هكذا؟ هل كانت المرأة مُخبأة وراء الأبواب أم منطلقة ومتحررة؟.. فكل لديه وجهة نظر ، وهنا نحاول أن نضع وجهة نظرنا ولا ندّعي أننا سنكون متميزين، ولكن ندّعي أننا سنكون مختلفين في وجهة نظرنا خاصة أنني انتمي لهذه البيئة .
قلت إن أعمال البيئة الشامية (مُشاهدة عربياً) ولكن ماذا عن الجمهور السوري ؟
الجمهور السوري قاسٍ وذواق جداً ، وإن قدمت له عمل بيئة شامية واستطاع أن يغيّر له قليلاً من وجهة نظره حول هذه الأعمال فقد يتقبله ، أما إلى أي مدى سنوفّق ؟.. فهو أمر مرهون بطريقة العرض والتسويق ، ولا يمكن رفض أي عمل جيد مهما كان نوعه ، فجمهورنا يحاكم العمل على سويته الفنية .
كيف سيكون شكل اللهجة المُستخدمة ؟
لا أعتقد أنهم كانوا يتكلمون بلهجة مختلفة عنا ، فمن الأخطاء الشائعة التي وقعت فيها مثل هذه الأعمال هي اللهجة، وهو ما يعترض عليه الدمشقيون أصلاً ، فبالإضافة لعملي في الإخراج أقوم بمهمة مدقق اللهجة وأحاول التخفيف من الثرثرة و الكلام العريض ، بحيث يكون لكل شخصية لغتها الخاصة حسب ثقافتها ومنطقها ووضعها في المسلسل .
اليوم أين دور المخرج في انتقاء الممثلين ؟
هناك انطباع أن المخرج الديكتاتور هو صانع العمل ، ولكني لا أرى العمل التلفزيوني من هذه الزاوية ، فالإخراج مهنة كباقي المهن ، ونحن مجموعة من صناع العمل بيننا حالة شراكة ، وكان لدي دور في انتقاء عدد من الممثلين الرئيسيين وقبلت أغلب الممثلين الموجودين ، فقد أتيت متأخراً على العمل ، وكان دوري في هذا المنحى محدوداً إلى حد ما . ولكن يمكنني القول أنه ضمن الزلزال الذي أصاب مفاصل الدراما السورية بقي لدينا عنصر قوة هو الممثل ، لذلك لست خائفاً من موضوع التمثيل ، لأن الممثل السوري أشبه بـ (الزبدية الصيني) .
مسلسل بيئة شامية إنتاج قطاع عام ، إلى أي درجة هو رهان ناجح برأيك ؟
المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي تُقدم اليوم على مغامرة متمثلة بمشروع (خبز الحياة) ومشرفها العام المخرج زياد الريس . وفكرة إنجاز خمسة أعمال أو اكثر أتاحت فرصاً أكبر ، وكنت أحد المستفيدين منها ، هذا من جهة إنتاجية ، أما من جهة فنية فكثرة الأعمال يحقق تنوعاً ، وأرى أنه ليس بمطلوب من القطاع العام أن يُقدم ما هو نوعي ، وإنما مطلوب منه الكم قبل النوع ، وبالطبع هذا لا يعني أن يُهمل النوع .
ولأن مشروع (خبز الحياة) حقق تكافؤ فرص إلى حد ما فهذا حقق تنوعاً في أشكال الأعمال التي قدمها، كي لا تكون الأعمال كلها ذات شكل واحد ، ومن هنا أتت الجرأة في اتخاذ القرار ، بأن يكون أحد أعمال المشروع مسلسل بيئة شامية ، فإن كان إنتاج قطاع عام فهذا لا يعني ألا نسوق ونجرب أن نربح .
ما الذي قدمته مؤسسة الإنتاج من الناحية التقنية والفنية؟
قدّمت أفضل وأعلى التقنيات المُتاحة في سورية في سنوات الأزمة ، ولكن يبقى الفارق في من يستخدمها ، فالقطاع العام مهمته توفير الحالة التقنية لك ، وعليك أن تقرر هل تأخذ منها الحد الأعلى أم الأدنى ، والأمر هنا يتبع للحرفة ، وهناك فرق في الحرفة من شخص لآخر .
هل ذهبت كاميرتك باتجاه الحدث والحكاية أم جذبتها الجماليات والحالة الفلكلورية للبيئة ؟
أجرب في مشروعي التلفزيوني البحث عن هوية الكاميرا بحد ذاتها، أي من هي الكاميرا ، أهي شخصية أم مراقب للحدث ، أم جزء من الحدث ، فأبحث باتجاه ألا تكون اللقطات استعراضية ، وفي هذا العمل أحاول في كل موضوع أن يكون هناك موقف للكاميرا منه .
هل يمكنك وضع خط فصل بين المخرج المسرحي والمخرج التلفزيوني داخلك عندما تكون خلف الكاميرا ؟
أظن أن المخرج المسرحي إن كان ناجحاً على صعيد المسرح فهو قادر أن يكون ناجحاً على صعيد التلفزيون . وبالعودة إلى مشروع (خبز الحياة) ولأنهم وفّروا لي التقنيات الأعلى ومجموعة من الفنيين الهامين، فقد ذهبت باتجاه شغلي الأساسي الذي هو الشغل مع الممثل ، وأرحت نفسي من الحالة التقنية ، فأختار (كوادري) وزوايا الكاميرا وموقفي من الحدث وأترك للتقنيين مهمة تنفيذ المطلوب بالشكل الأمثل ليجعلوني أتفرغ للعمل مع الممثل لأن هذه هي مهمة المخرج الأساسية برأي ، والمهمة الأخرى العمل على النص ، فليس من مهامي إنجاز فيديو كليب وإنما دراما ، لذلك شغلي مع الورق والممثل بالدرجة الأولى .
التاريخ: الجمعة 22-2-2019
الرقم: 16916