«المنطقة الآمنة» جزرة ترامب لطمأنة المرتزقة وإغواء تركيا.. أردوغان يعدم الفارين من بطش «النصرة» .. وواشنطن تكيد للمدنيين بالتنف
تتكشف مجدداً حقيقة ارتباطات تنظيم داعش الإرهابي وتعاونه مع الغرب الاستعماري ، كما تطفو على السطح جرائم رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان على الارض السورية الذي يسعى لتحقيق وهم «المنطقة الآمنة « المزعومة مع شريكه الارهابي الاميركي المهزوم الذي يتوهم بدوره بنشر ما اسماها « قوة متعدد الجنسيات» في هذه المنطقة ، لتتوالى الدعوات السورية الروسية للمطالبة الحازمة بخروج القوات الاميركية المحتلة من الارض السورية والتي تمارس الشائعات والتضليل لمنع خروج النازحين المدنيين من منطقة التنف التي تحتلها قوات أميركية ، ويبدو معها المشهد في ادلب وتعويم ارهابيي النصرة هناك مناقضاً لتعهدات اردوغان الكاذبة التي اطلقها بشأن منطقة الاتفاق.
فبعد نحو أسبوعين على انعقاد قمة سوتشي الثلاثية التي خرجت بتوافق على ضرورة اتخاذ خطوات ملموسة للحد من الانتهاكات في منطقة الاتفاق في محيط إدلب، يبدو المشهد على خطوط التماس مخالفاً بالكامل لهذا التصور.
وليس التوتر في منطقة الاتفاق المفترضة وحده المنافي لروح اتفاق أستنة، فبينما تعهدت تركيا بـ»التصدي بفعالية» لمحاولات «هيئة تحرير الشام» الإرهابية فرض سيطرتها على منطقة الاتفاق، تشير المعطيات الميدانية إلى أن «تحرير الشام» « النصرة سابقاً» تمارس ارهابها بعلم تركي في مختلف الجبهات، وبخاصة في ريف إدلب الشرقي والجنوبي. واتضح ذلك عقب تبنيها استخدام صواريخ مضادة للدروع ضمن منطقة الاتفاق، في مخالفة صريحة لكامل اتفاق سوتشي من حيث الانتشار في تلك المنطقة أو الاحتفاظ بأسلحة ثقيلة ضمنها. وشاركت فصائل ارهابية تتبع ما يسمى «الجبهة الوطنية للتحرير» مع «تحرير الشام» في التصعيد، إلى جانب الجماعات الارهابية التي رفضت الالتزام باتفاق سوتشي التي تضم ما يسمى «حراس الدين» و»جبهة أنصار الدين» و»أنصار التوحيد» و»جماعة أنصار الإسلام» الارهابية.
وسط هذه المعطيات التي تؤكد مجدداً فشل اردوغان في تنفيذ تعهداته وعجزه عن كبح جماح « جبهة تحرير الشام» التي زعم انه سيتصدى لها تغيب التصريحات التركية حول إدلب، وينتظر أن تشهد أنقرة اليوم اجتماعاً لما تسمى مجموعة العمل المشتركة الأميركية التركية، على أن يتصدر ملف مدينة منبج أجندة اللقاء، وفق ما نقلت وسائل إعلام تركية. وبينما ادعت أنقرة رفضها المشروع الأميركي بنشر «قوة متعددة الجنسيات» في «المنطقة الآمنة» المزعومة على الحدود السورية ــ التركية، نقلت صحيفة «حرييت» الناطقة باسم النظام التركي عن وجود نية أميركية لمنح تركيا «مكانة رمزية « في تشكيلة تلك القوة التي تزعم واشنطن نشرها .
وفي السياق نفسه، زعم رئيس النظام التركي، رجب أردوغان ، انه لا يمكن لأنقرة السماح لأحد بتولي مسؤولية الإشراف على «المنطقة الآمنة» المزعومة معللا ذلك بانه يشكل تهديدا لتركيا، متوعدا بنهج مختلف إذا أصبح الانسحاب الأميركي من سورية أسلوباً للمماطلة، كما تبجح كذبا بأن الشعب السوري يثق بتركيا، وعشائر المنطقة تدعوها باستمرار لتطهير منطقة منبج من الارهابيين على حد قوله، مشيرا إلى أن هدف أنقرة في الوقت الحاضر هو ضمان إخراج تنظيم «بي كا كا» من منبج، ووفاء واشنطن بوعدها المتمثل بجمع الأسلحة التي قدمتها للتنظيم.
في حين ادعى وزير خارجية النظام التركي، مولود جاويش أوغلو، إن هناك حاجة إلى فهم مشترك بين تركيا واميركا حول «المنطقة الآمنة» المزعومة وغيرها من الملفات.
هذا وكشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية نقلا عن»مسؤول في وزارة الحرب الأمريكية قوله إن جزءا من القوات الأمريكية المحتلة ستبقى في مدينة منبج في ريف حلب الشمالي، حيث سيواصل الجنود القيام بدوريات مشتركة مع نظرائهم من جنود الاحتلال التركي.
الى ذلك أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أرسل إلى الكونغرس الاستراتيجية السرية لعمل إدارته بشأن الوضع في سورية.
واللافت أنه تم توفير المخصصات لإعداد مثل هذه الوثيقة من قبل ميزانية الحرب الأمريكية، ما يعني أن هذه الاستراتيجية تتضمن جانبا عسكريا بالتأكيد. ولم يوزع البيت الأبيض نص هذه الاستراتيجية، التي من المرجح أن تظل سرية.
الاشتباك الاميركي التركي المفترض لتحقيق وهم « المنطقة الآمنة « المزعومة جاء في وقت لا يمكن فيه تغييب التقارير الإعلامية التي نشرت على الإعلام والتي تؤكد التعاون بين «داعش» وأميركا حيث نقلت عن وثائق سربها الموظف السابق في وكالة الأمن القومي الأميركية إدوارد سنودن، أن أجهزة مخابرات كل من بريطانيا والولايات المتحدة و»إسرائيل» تعاونت لخلق تنظيم «إرهابي» قادر على استقطاب الارهابيين المتطرفين من جميع أنحاء العالم في مكان واحد، في عملية يرمز لها بـ «عش الدبابير»، ما يظهر بوضوح الأطراف التي تتحمل مسؤولية كل ما جرى بسبب ما يسمى «داعش».
حقائق انتماءات داعش الارهابية تماهت مع مواصلة قوات النظام التركي استهداف المدنيين الذين يحاولون الفرار من الفلتان الأمني واقتتال الفصائل الارهابية المسلحة في إدلب باتجاه أراضيها، ليرتفع عدد من قضوا على يد قوات النظام التركي الى 421 مدنيا ، من ضمنهم 75 طفلاً دون الثامنة عشر، و38 مواطنا فوق سن الـ 18 بحسب ما أفادت مصادر مطلعة .
وعن ممارسات واشنطن بحق المدنيين في التنف أصدر مركز تنسيق عودة اللاجئين الروسي والسوري بياناً أكد فيه أن القوات الأمريكية المحتلة في منطقة التنف تعيق خروج النازحين السوريين، وعلاوة على ذلك تضلل النازحين فيه بشأن عدم إمكانية مغادرة المخيم، وتنشر شائعات بأن ما ينتظرهم في الأراضي الخاضعة لسيطرة الحكومة السورية، هو الدمار حسب الزعم الاميركي.
الى ذلك دعت كل من روسيا وسورية الولايات المتحدة لسحب قواتها المحتلة من سورية، والتي تتواجد بها بشكل غير قانوني.
بين المساعي الواهية لاردوغان للعب على وتر « المنطقة الآمنة « المفترضة ومحاولات افلاس واشنطن التي تروج الشائعات لمنع خروج المدنيين من التنف رأى محللون ان الكثير لا يدركون ما حصل في سورية، حيث بدا ان التحالف الثلاثي بين سورية وايران و روسيا وحتماً سيلتحق بهم العراق، قد فرض وقائع جديدة على الارض ويجب ان تأخذها بعين الاعتبار كل القوى الاقليمية تحديداً، وخاصة التأرجح التركي ما بين الانضمام لهذا التحالف او التراجع نتيجة لكسب معين او تقديم اوراق ابتزاز لتحقيق بعض الانجازات، بالاضافة الى ان كيان الاحتلال اصبح محرجاً تماماً نتيجة للموقف الروسي الذي اصبح واضحاً بانتمائه لهذا التحالف.
واشار المحللون الى انه مع الفشل الاميركي التركي الذريع في سورية ستنشئ تحالفات جديدة في الشرق الاوسط ستبرز في الايام القادمة.
الثورة – رصد وتحليل
التاريخ: الخميس 28-2-2019
رقم العدد : 16920