انقشاعات

 شخصيا منذ كنت صغيرا وحتى الآن , اشعر ان الشتاء كارثي , لا أحبه وإن كان الأمر غير منطقي لكني اعترف انه يسبب لي الكآبة والحزن , وربما الكثير من الصمت , صحيح أني ابن قرية جبلية باردة ومعظم طفولتنا كانت بين الغابات والادغال شتاء أكثر منها بالصيف , لكن الشتاء ضيف ثقيل الظل علي , وأظن انه على الكثيرين هذا العام هكذا بمحنة غياب الوقود وغير ذلك من قصص مؤلمة , بعضها لا يد لنا فيها , ولا ناقة ولا جمل , وهي أكبر مما نظن , عدو خارجي ومتوحش لا يترك وسيلة يمكنها أن تؤلمنا , بل تجعلنا خارج قيد الحياة إلا ويدفع بها , ومع ذلك , ثمة ما هو من صنع أيدينا.
نعم صنعنا , من كسلنا و من تواكلنا , من الذاكرة القصيرة التي نعيشها ولا نريد أن نغادرها , جماعات ومؤسسات حكومية ايضا , ولهذه الذاكرة القصيرة أسبابها ليس الأممر مرضا , ولا هو بالمعيب , لا , أبدا , بل له تسويغه , فالسوري المرتكز على ميراث حضاري عمره عشرة آلاف عام ووصلت جينات الأنسنة عنده حدا جعله يكون إنسانا عالميا , يصدق الجميع , يخوض المعارك بشرف , يعادي بشرف , ويصالح بشرف , ولذلك يثق حتى بالذئاب المتنمرة , بل ستجد من السوريين من يطعمها , ولا يذكر قصة ذاك الديب المدجن ( ومن أنباك أن أباك ذيب ).
على هذا الأساس ما يكاد من نعاديه يبتسم لنا حتى نصفق له وبالأحضان , على أساس راسخ من الثقة , إلا ذلك العدو الصهيوني , وفي انقشاعات الالفة نستريح نطمئن أن الأمر قد انتهى , لكن كشهر شباط ( ما عليه رباط ) فجأة تهب الرياح العاتية وتخرب كل شيء , تطمئن لانقشاعات تشرق فيها الشمس , لكنها تبدد ظنك بلحظات أخرى , نعم شمس شباط غير مستقرة ,وانقشاعاته عابرة , لايدوم لها ود .
شهر شباط الذي غادرنا أمس , لا أشعر له بالاطمئنان , لا من قريب ولا من بعيد إلا بعد أن يمضي , وآمل أن يمضي بما تبقى له من الساعات على خير وألا يختمها بالمزيد من الأحزان التي أتحفني بها فيما مضى من السنوات.
هذا الشتاء بما حمله من نقمات على مؤسسات الحكومة , يكاد ينتهي , بدء الربيع يكسر صقيع البرد والقلق ويفتح آفاقا للنفس البشرية للانطلاق , للعمل للخروج مما حل بنا من صدأ , ما تركه لنا شتاء قاس كان علينا أن نحتفي به خيرا عميما وفيرا , برد الحياة والكثير ممن يجب أن يبعثوا الدفء في مواقدنا شاركوه فعله , هل تغتنم حكومتنا فصل الربيع والصيف والخريف , وتبدأ باستثمار انقشاعات طويلة , وتعد لشتاء قادم , هل يصمت الكثيرون ممن يدلون كل ساعة بتصريحات تثبت الوقائع عكسها ؟
هل من العبقرية أن يخرج مسؤول ويقول : ستنخفض أسعار الخضروات في الربيع ؟ يا للعبقرية , ومن ذا الذي جعل هذا الاكتشاف العظيم يدهشنا , كم نحن خارج إطار الكثير من قواعد القدرة على حسن الكلام إن لم نحسن الفعل , يا انقشاعات القادم من الأيام كوني وعدا , ذكريهم ألا يثقوا بالكثيرين , ولا بشمس شباط …..

ديب علي حسن
التاريخ: الجمعة 1-3-2019
الرقم: 16921

آخر الأخبار
الاحتلال يتمادى بعدوانه.. توغل واعتقال 7 أشخاص في جباتا الخشب بريف القنيطرة  تحضيرات في درعا لمشاريع تأهيل مرافق مياه الشرب والصحة والمدارس  حريق كبير يلتهم معملاً للكرتون في ريف حلب الغربي  حضور لمنتجات المرأة الريفية بالقنيطرة في "دمشق الدولي" واشنطن وبكين.. هل تتحول المنافسة الاقتصادية إلى حرب عسكرية المجاعة في غزة قنبلة موقوتة تهدد الأمن العربي "إسرائيل" تخسر معركة العلاقات الدولية وتفقد قوة لوبيها بالكونغرس ماكرون: ممارسات "إسرائيل" في غزة لن توقف الاعتراف بدولة فلسطين الذكاء الاصطناعي شريك المستقبل في تطويرالمناهج التعليمية إطلاق مشروع إعادة تأهيل محطة مياه "بسيدا" في معرة النعمان الانتخابات التشريعية.. محطة مهمة في بناء مؤسسات الدولة وتوسيع المشاركة الوطنية  أيقونة الصناعات الدوائية.. "تاميكو" تبرز في معرض "دمشق الدولي" محافظ إدلب يناقش مع جمعية عطاء مشاريع التنمية وترميم المدارس عروض مغرية لا تجد من يشتريها.. "شعبي أو خمس نجوم": أسعار الخضار والفواكه تحلق السويعية تنهض من جديد.."حملة العزاوي للعطاء" ترسم ملامح الأمل والبناء استراتيجيات لمواجهة الجفاف وحماية الإنتاج الزراعي والحيواني في طرطوس صيانة مستمرة لواقع الشبكات وآبار المياه في القنيطرة مرسوم ترخيص المؤسسات التعليمية الخاصة خطوة نوعية لتعزيز جودة التعليم المدينة الصناعية في الباب.. معجزة صناعية تنهض من تحت الركام ملفات التعثّر من عبء اقتصادي إلى فرصة لاستدامة النمو المالي