الملحق الثقافي.. عقبة زيدان :
يعترض رالف فوكس على مقولة أن المادية والخيال لا يتفقان «إذ إن النتيجة ستكون مجرد نزاع شنيع»، ويرد قائلاً بأن هذا رأي ضال، فليس بغريب على الإطلاق، بل من الطبيعي جداً، أن يتبنى الكاتب الخيالي وكاتب القصة خاصة نظرة مادية إلى الحياة.
الإبداع الخيالي هو انعكاس للعالم الحقيقي الذي يعيش فيه المبدع، وهو نتيجة تماسه مع ذلك العالم وحبه وكراهيته لما يجده فيه. إنه نتاج داخله تماماً.
إن أشهر ماديي التاريخ – أي ماركس – يؤكد على أن الوجود الاجتماعي هو الذي يحدد وعي الفرد، أي أن الأسلوب المادي في الحياة هو الذي يحدد الأسلوب الفكري. ويمكن للدين والفلسفة والتقاليد أن تلعب دوراً كبيراً في خلق عمل فني، إلا أن العامل الاقتصادي هو العامل الوحيد الذي يؤكد نفسه كضرورة نهائية من بين العوامل جميعها التي تدخل في تكوين العمل الفني.
تضع الماركسية الإنسان في الصميم من فلسفتها، وهو الذي يغير القوى المادية ويغير نفسه أثناء ذلك. إذاً، فالإنسان وتطوره هما محور الفلسفة الماركسية. ويظن كثيرون – لا يقرؤون الماركسية جيداً – أنها تنكر الفرد، والواقع أنها تضع الإنسان في الصميم، حين تؤكد على أنه هو الذي يغير القوى المادية، ويغير نفسه.
الإنسان، حسب الماركسية، له تاريخ مزدوج؛ فهو شخص له تاريخه الاجتماعي، ثم فرد له تاريخه الشخصي. وإن الازدواجية، وما يتخللها من صراع، لا تعني تغلب النوع الاجتماعي في الفن على الشخصية الفردية. ولنا في التاريخ الروائي أمثلة كثيرة، لعل أشهرها دون كيخوته، هذا الفرد الذي أنار الخلفية الاجتماعية في العصر الذي عاش فيه سيرفانتس. إنه أنموذج لمجتمع وفرد يشغل حيزاً فيه.
التاريخ: الثلاثاء 5-3-2019
رقم العدد : 16924