ثمانية أعوام عجاف تلملم نهاياتها تطوي خلالها عدداً من المواقف والحوادث والوقائع التي يصعب إحصاؤها في ظل علاقات دولية شديدة التداخل والتعقيد في آن واحد.
تخرج سورية بعد ثماني سنوات ومعها العالم أكثر وضوحاً وجلاءً بعد انكشاف جميع الأكاذيب والقصص الملفقة والروايات المصنعة في غرف الاستخبارات المظلمة لتقدم للعالم درساً غير مسبوق في الصمود والمواجهة والحرب على الإرهاب فضلاً عن معاني الحرب المقدسة في مواجهة قوى البغي والعدوان وإسقاط مشاريع الإمبريالية المتوحشة عبر مخططها المتمثل في تصنيع الإرهاب المعولم.
إن وقفة متأنية أمام المتغيرات والوقائع التي شهدتها العلاقات الدولية والمواقف التي اتخذتها جهات رسمية وحكومية ومنظمات دولية وإقليمية تظهر أن سورية شكلت المحرك والموجه الأساس لمتغيرات في العلاقات الدولية وأصول ومبادئ العلوم العسكرية وأساليب الحروب والتدخلات الخارجية ستنعكس آثارها ونتائجها على مستقبل تشكيل التجمعات والأحلاف السياسية دولياً وإقليمياً.
لقد بدأ العدوان تجاربه في تنفيذ أساليبه الإرهابية على مراحل متعددة بهدف خلق آليات جديدة للسيطرة على سورية المقاومة والممانعة والرافضة لأشكال السيطرة والهيمنة الغربية، كنموذج يمكن الانتقال به لتطبيقه في دول ومجتمعات أخرى بالنسبة للبلدان التي تمتلك ثروات كبيرة وتتخذ مواقف رافضة للتبعية والارتباط بالغرب الاستعماري فكان الحصاد المخيب للآمال على امتداد الأراضي السورية لتصبح سورية صاحبة التجربة الأكثر تميزاً وتفرداً في الثبات والصمود نتيجة العلاقة العضوية المتماسكة ما بين الشعب وجيشه الوطني الباسل الخارج من صلب ذلك الشعب صاحب أول حضارة إنسانية ورسولها إلى جهات الأرض كلها.
يقف المحللون والخبراء والدارسون محتارين في تحديد الأسباب الكامنة خلف هذه الحالة غير المسبوقة في التاريخ البشري على امتداد آلاف السنين، فيحاولون معرفتها للبحث في اختراقها وقلب قواعد المواجهة، فيفشلون ويعيدون اجترار التجارب ذاتها ليحصدوا الفشل مجدداً باعتبار أن الظروف الذاتية للمجتمع السوري لم تتغير ولن تتغير.
وبعد مرور ثماني سنوات تزداد التهديدات ضراوة ويتم توظيف الملف الكيماوي مرة جديدة ويتغير توظيف الإرهابيين عبر المكان دون وجود أدنى احتمال لتحقيق هدف عدواني، فمن عرف كيف يصمد خلال أصعب الظروف لن تؤثر بصموده حملة مستعادة من قوى البغي والعدوان تلك.
مصطفى المقداد
التاريخ: الأثنين 11-3-2019
رقم العدد : 16928