مع انسداد أي أفق لخروج نازحي مخيم الركبان من عنق الزجاجة التي وضعتهم فيها القوات الأمريكية تحاول الدولة السورية وحليفتها روسيا تأمين خلاصهم حيث فتحتا ممرين في عمق تلك المنطقة التي تسيطر عليها واشنطن، واللذين ينظر أن يكونا مفتاح الخلاص لأكثر من 50 ألف مدني.
الرُكبان أو الرَكبان هي أرض صحراوية حدودية قاحلة تقع في محافظة المفرق في أقصى شمال شرق الأردن، بالقرب من الحدود مع سورية والعراق، وعلى بعد 290 كيلومترًا شمال شرق العاصمة الأردنية عمان.
أنشئ مخيم الركبان، الذي يقيم فيه، وفقا للأمم المتحدة، أكثر من 50 ألف لاجئ، عام 2014، في المنطقة الحدودية مع الأردن من الجهة السورية، للاجئين السوريين، على طول 7 كيلومترات، بين سورية والأردن.
يواجه آلاف المدنيين أوضاعا إنسانية صعبة في المخيم بسبب نقص حاد بالمواد الغذائية وتكاد الخدمات الطبية الأساسية أن تكون معدومة، كما يفتقر المخيم للمياه النظيفة الصالحة للشرب وشبكات الصرف الصحي والمقومات الأساسية للسكن، ومنذ فترة طويلة والهلال الأحمر يحاول إيصال المساعدات الإنسانية.
ويوما بعد يوم تزداد معاناة عشرات الآلاف من النازحين السوريين في المخيم حتى صرخاتهم واستغاثاتهم مازالت أسيرة المجموعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة الأمريكية وقاعدتها في التنف.
تمكنت بعض العائلات من مغادرة المخيم في حالات محدودة جدا حيث تحدثت عن الظروف الصعبة التي حولت المخيم إلى معتقل لا يمكن الخروج منه إلا بعد دفع مبلغ 1500 دولار لفصائل «مغاوير الثورة» المدعومة أمريكيا. وهي التشكيل الإرهابي الموجود قرب مخيم الركبان في ريف حمص الشرقي حيث يعمل هذا التشكيل الإرهابي تحت مظلة التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية ، بحجة تقديمه المساندة للتحالف في عملياته المناهضة لتنظيم داعش الإرهابي والمشاركة في معارك الريف الشرقي بمحافظة حمص بالإضافة إلى قطع طرق الإمداد بين تدمر والرقة.
وأفاد بعض سكان المخيم السابقين أن ما يسمى بـ «المجلس العسكري في الركبان» والذي يتكون من تجمع عدة فصائل إرهابية كانت متواجدة في منطقة التنف يعامل سكان المخيم على أنهم رهائن محتجزين لديه ويحاول الإتجار بهم واستغلالهم للاستحواذ على المساعدات الإنسانية المقدمة من الأمم المتحدة.
ويوجد العديد من السكان داخل المخيم دون أوراق ثبوتية حيث لا تسجل حالات الزواج والولادة والوفاة والمدارس الأربعة ضمن المخيم يدرس فيها متطوعون مجانا، هذا الوضع القائم حاليا في المخيم والذي يحتكر فيه المسلحون وعائلاتهم كل المساعدات من مجانية الرعاية الطبية إلى السيطرة على جميع المواد الغذائية والقيام ببيعها بأسعار مرتفعة لبقية قاطني المخيم بالإضافة إلى ترهيب السكان والتحكم بأمور حياتهم ومنعهم من مغادرة المخيم كل هذه الأمور تجري تحت أنظار واشنطن الراعي الأول لهذه الجماعات والمساعدة لها في خرق جميع المواثيق الدولية والإنسانية.
وضع كارثي يعيشه هؤلاء المدنيون الراغبون بالعودة إلى مناطقهم المحررة من الإرهاب، فالحال لا يقتصر على نقص الغذاء والماء والتعليم والأمن، وإنما امتد ليشمل ابتزاز المهجرين من قبل المسلحين والسيطرة على معظم المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المخيم والتي وفرتها لهم الدولة السورية.
ولا تقف حدود معاناة النازحين القابعين المخيم أشبه ما يكون بمعسكر اعتقال فمشاهد المقابر الجماعية التي تلف به وبقاطنيه تزيد هي الأخرى من إحباط هؤلاء الباحثين عن منقذ يعيد لهم الحياة من جديد.
وقد حاول مركز المصالحة الروسي بالتعاون مع الدولة السورية إرسال أرتال من الحافلات لتُقل النازحين من المخيم وبشكل طوعي إلى بيوتهم عبر معبري جلغين وجبل غراب، لكن الولايات المتحدة رفضت ضمان أمن الحافلات في المنطقة المحتلة أو منطقة الـ 55 كيلو متراً في التنف مستمرة في تشديد حصارها عليهم.
وتكذب واشنطن اجراءاتها الاعتقالية للنازحين في مخيم الركبان اعلامياً حيث نفى المتحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية تقييد حركة النازحين الراغبين في ترك الركبان وبطريقة تسمح لهم بمغادرة طوعية و آمنة.
الكارثة الإنسانية التي وقعت على قاطني مخيم الركبان بسبب هربهم من تنظيم داعش الإرهابي تتسع اليوم مع استثمار وتوظيف الولايات المتحدة الأمريكية لهؤلاء بما يخدم مصالحها ويكرث بقاءها في المنطقة.
الأردن والمخيم:
يغسل الأردن يديه من المخيم بعد أن أغلق الحدود في وجه أهله الا في حالات نادرة وقد أعلن ذلك عدة مرات وعلى لسان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي نهاية العام الماضي: إن «الأردن لن يسمح بإدخال أي شخص عبر حدوده مدنياً كان أم غير ذلك»، مطالبا بتفكيك «مخيم الركبان» بشكل نهائي.
واعتبر الصفدي، أن الركبان هو مسؤولية سورية وأممية وليست أردنية، وقال: إن «بلاده لن تسمح بإدخال مساعدات إلى المخيم، لأن ذلك له تبعات»، مشيرا إلى أن المساعدات يجب أن تدخل من سورية.
وأكد في تصريح آخر أن الحل الوحيد لمشكلة قاطني الركبان من اللاجئين السوريين هو تأمين العودة الآمنة لهم إلى مدنهم وبلداتهم، مؤكدا أن الظروف الميدانية الآن تسمح بمعالجة قضية التجمع من داخل سورية.
ووصلت معاناة الأهالي في المخيم الى ذروتها وبات شبح الموت يهدد سكانه حيث أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن العثور على 300 جثة في مقبرة جماعية قرب مخيم الركبان ، الثلاثاء الماضي.
وقالت الوزارة في بيان نشرته: «تسود في المخيم نفسه ظروف غير صحية حيث تقع مدافن النفايات على مقربة من المساكن ومستودعات المواد الغذائية».
وأشارت الوزارة الروسية إلى أن «تبادل المواد الغذائية وغيرها من السلع يجري في الأسواق الصغيرة التي يسيطر عليها الارهابيون وأكدت موسكو أن المخيم أصبح مكانا لاحتجاز الرهائن بالقوة.
زينب العيسى
التاريخ: الثلاثاء 12-3-2019
الرقم: 16929