حددت المؤسسة العامة للتبغ المساحات التي يحق للمزارعين زراعتها بالتبغ، وقد لاقى هذا الأمر استهجاناً لدى المزارعين في الجبال الساحلية، لأن التبغ هو الموسم الوحيد الممكن زراعته في هذه الجبال، وسيكون لهذا القرار بُعد اجتماعي سلبي، كما أن التوقيت لم يكن مناسباً لأن هذه المساحات على صغرها يُمكن زراعتها بالقمح، ولكن التوقيت حرم الناس ذلك.
بالعودة إلى القرار، لا شك أن القرار مبني على واقع مرتبط بالطاقة التصنيعية لمعامل المؤسسة والقدرة الاستيعابية ونوعية التبوغ المطلوبة لهذه المعامل، وهنا يُمكن أن نسأل عن تطوير هذه الصناعة وعن تحسينها، فمنتجات المؤسسة هي نفسها منذ سنوات طويلة، والعيب نفسه في السجائر المُنتجة، ومع استمرار هذا الواقع ستتقلص المساحات المزروعة وستنتشر أنواع أخرى من السجائر المُهربة والمجهولة المصدر والمُصنعة من مواد أقلها التبغ، ويُمكن لأي شخص أن يتخيل الأثر الصحي والبيئي للمواد الكيماوية المستخدمة في السجائر المُهربة.
الأمر الآخر الذي أوصل المؤسسة الى هذا القرار هو المزارع نفسه، فالكثير من المزارعين يقومون ببيع الكميات الجيدة لديهم للقطاع الخاص، ويقومون بتسليم النفايات للمؤسسة العامة للتبغ الملتزمة بدور اجتماعي، مُتجاهلين ما قامت به المؤسسة من رفع للأسعار والذي ساهم بدوره بدفع القطاع الخاص لرفع أسعار شراء التبغ من المزارعين.
التبغ من أكثر المحاصيل الزراعية الموردة للخزينة، وهو من أكثر القطاعات تشغيلاً للعمالة، والتبغ السوري من أجود أنواع التبوغ في العالم، وعليه يجب أن تذهب المؤسسة إلى زيادة المساحات المزروعة والى تحسين التصنيع والعمل على تصدير الفائض وتوريد القطع الأجنبي مع العلم أنه لو تم تصنيع كامل التبغ السوري بشكل جيد، فإن الكميات المُنتجة لا تكفي للاستهلاك المحلي ويُمكن أن نلمس ذلك من عدد وكميات أنواع التبغ الموجودة في الأسواق السورية.
البلد ممتلئ بالتبوغ المغشوشة والمؤذية والمنتهية الصلاحية، والحل يكون بإصلاح هذه الصناعة، وليس بالحد من الزراعة، كي لا نصل بالتبغ إلى ما وصلت إليه دودة الحرير.
معد عيسى
التاريخ: الثلاثاء 19-3-2019
رقم العدد : 16935