«كل من عليها خان» هو عنوان الديوان الشعري الجديد للشاعر مزعل المزعل والذي تم توقيعه مساء آخر ليلة من الأسبوع الماضي على مسرح الفنان عمر حجو في مركز ثقافي العزيزية بحلب بحضور نخبة من المثقفين والأدباء يتقدمهم جابر الساجور مدير الثقافة وجهاد الغنيمة مدير مركز العزيزية.
الديوان قدم له الدكتور سلام سليمان حيث أشار إلى أن مزعل المزعل هو شاعر محتج وساخر يهزأ من التأخر عن اللحاق بقطار الحياة أو التخلف حتى عن قطار الموت ذاته.
ويتابع سليمان في تقديمه: لو تأملنا مليا في ماحولنا لرصدنا المتناقضات ترقص معا تنوس وتدور في متتالية طبيعية صريحة وصحيحة: الحياة يكملها الموت والليل يعقبه النهار, المد بعده الجزر, كل يجر الآخر خلفه في متتالية رياضية تلامس الوجود الإنساني بكامله.
أما الشاعر مزعل فقد ضمن ديوانه 45 مقطوعة شعرية تناول فيها مواضيع متعددة عانق فيها الروح الإنسانية بفكر فلسفي امتزج بهمسات حب دافئ تنم عن شاعر يعيش الحاضر ويرسم آفاق المستقبل بالكلمة والروح معا.
وقد استهل الشاعر ديوانه بقصيدة إهداء أشار إلى أن لكل قارئ للديوان نظرته ورؤيته فهماً ومعنى حيث قال:
عند الساعة العاشقة تماماً
ستصلك مني قصيدة جداً.. سورية جداً
لست مسؤولاً عن سوء استقبالها
القصيدة من القلب
والقصيدة التي تخرج من القلب.. لاترد ولاتبدل
عنوان الديوان مقتبس من إحدى القصائد التي تضمنها, والقصيدة تحمل عنوان «قضاء وقطر» وهو تناص مع عبارة «قضاء وقدر» وجاء في القصيدة:
حفاة يكتنزون الجرب والبغضة
كل من عليها خان.. إلا أنت
فوق الزمان.. والمكان
الأديبة سهى جلال جودت رئيس جمعية أصدقاء اللغة العربية بحلب الأديبة سهى جلال جودت رئيس جمعية أصدقاء اللغة العربية بحلب وخلال دراستها النقدية للديوان أوضحت أن الشاعر ومن خلال العنوان اختزل كل مايريد قوله, فهو جمع الكل أولاً وتبعها بفعل الخيانة, والخيانة أمر بائس ممجوج لانوافق عليه ولا نقبل بوجوده في مساحات عمرنا وحياتنا الاجتماعية لأنه يقودنا إلى الفرقة والبغضة.
وتابعت الأديبة سهى بالقول: لدى الشاعر مزعل رؤيا حول الوضع الاجتماعي الراهن, وهي رؤيا قاتمة أحالها الشاعر بالفعل «خان» والفعل خان هو فعل ماض, وبالنظر إلى العنوان وضبط نهاية الفعل فيه على السكون إشارة إلى القراءة اللفظية عند العرب وهو الوقوف على ساكن, والسكون هنا في ضبط الفعل كعنوان وعتبة رئيسية اتكأ فيها الشاعر على التناص مع الآية القرآنية «كل من عليها فان» في ضبط الكتابة مجرورة وفي التلاوة ساكنة, هذا مالم ينتبه إليه الشاعر, والفناء يعني الموت, والخيانة تعني انعدام الثقة بالحياة, فكلاهما «خان – فان» يدلان ويرمزان إلى كلمة واحدة تتمثل في النهاية القاتمة, نهاية تغلق علينا جميع الأبواب والنوافذ نحو النور والضوء.
وختمت جودت قراءتها للديوان بأن كل من يقرأه سيلاحظ أن كلمة «نصف» مكررة في أكثر من قصيدة من قصائد الشاعر وقد وردت 23 مرة وفي كل مرة تأخذ منحى جديداً مرتبطا بالنصف, وكأنه يريد تقسيم كل شيء إلى نصف, فالكل ماعاد موجوداً أو كاد أن يندثر.
أما الأديب جورج سباط ومن خلال قراءته أوضح أن أسلوب الشاعر يقودنا إلى التناقضات الحياتية لنعيد ترتيب حياتنا من خلال اللجوء إلى الاستفزاز اللفظي, حيث جاء أسلوبه متناقضاً للوهلة الأولى لكنه أتى كاشفاً للتناقضات بين ما نفكر به ونؤمن به وبين ما نمارسه على نطاق الفرد والمجتمع, فالعبارات والألفاظ الاستفزازية التي استخدمها كان المقصود منها التنبيه, مضيفاً بأن الديوان مرحلة شعرية للشاعر قد يستمر فيها في دواوين قادمة, مشيراً إلى ان كل الشعراء الكبار كان لرحلتهم الإبداعية عدة مراحل متمنياً أن يكون للشاعر مراحل أكثر عمقاً وتحليقاً بالرغم من أن المرحلة التي قدمها هامة جداً.
وعلى هامش حفل التوقيع وفي حديث لصحيفة «الثورة» أكد مدير الثقافة جابر الساجور أنه في زمن عزوف الكثيرين عن القراءة لابد لنا من العمل على تشجيعها من خلال تشجيع الأدباء والمثقفين على طباعة منشوراتهم وتعريف الناس بها, ونحن في مديرية الثقافة بحلب نمد أيدينا للجميع من أجل أن نعيد لهذه الأماسي ألقها من خلال استضافة أمثال هؤلاء الشعراء والأدباء والنقاد لنعيد بالتالي إلى حلب دورها الريادي في مجال الثقافة.
فؤاد العجيلي
التاريخ: الاثنين 25-3-2019
رقم العدد : 16939
السابق